هذه هي مجازر بشار الأسد في سوريا… من يحاسب الجزّار الإيراني؟!

بعد أن حوّل نظام بشار الأسد الابن سورية كلها إلى ساحة حرب، وارتكب فيها مجازر عدة بحق المدنيين السوريين في كثير من مناطقها، مازالت ذكرى مجزرة حماة التي قام بها نظام حافظ الأسد الأب قبل 34 عاماً ماثلة في الأذهان، خصوصاً وأن الجناة مازالوا طليقين دون حساب.

ويخشى السوريون أن يتجاهل العالم جرائم نظام الأسد التي وثّقتها المنظمات الحقوقية بالتزامن مع محاولات روسية وإيرانية للإبقاء على بشار الأسد مستغلة محادثات “جنيف 3” غير المباشرة والتي انطلقت قبل أيام بين المعارضة والنظام.

حماة 82

قامت قوات حافظ الأسد باقتحام مدينة حماة في 2 فبراير/ شباط 1982م، وارتكبت المذابح بحق المدنيين لـ27 يوماً متواصلاً حشد لها نظام حافظ الأسد: “سرايا الدفاع” التي كان يقودها أخوه رفعت الأسد، واللواء 47 دبابات، واللواء 21 ميكانيك، والفوج 21 إنزال جوي، فضلاً عن مجموعة من شبيحة النظام من المخابرات وفصائل حزبية مسلحة.

إقرأ أيضاً:السجون السرية في سورية «صندوق أسود» يخبئ فظائع نظام الأسد

وقتل في المذبحة آلاف المدنيين قُدرت أعدادهم ما بين 10 إلى 40 ألف مدني، من أصل 350 ألف نسمة كانوا يسكنون حماة، وفُقد أكثر من 15 ألف نسمة لم يُعرف عنهم شيء حتى الآن، ودمرت أحياء بأكملها، كحي الحاضر والكيلانية والزنبقي، وتم هدم 88 مسجداً وثلاث كنائس، مما اضطر أكثر من 100 ألف نسمة للنزوح عنها، وهرب كثير منهم خارج سورية.

وبالمقابل مازالت قوات بشار الأسد الابن تقوم بالمجازر في أنحاء سورية اليوم مستعينة بقوات طائفية شيعية تدعمها إيران، مع غطاء جوي روسي بحجة مكافحة الإرهاب.

ويكفي التذكير بمجزرة الحولة في ريف حمص والتي ارتكبتها قوات موالية لنظام بشار الأسد تحت سمع وبصر قواته في 25 مايو/أيار 2012م، وراح ضحيتها أكثر من 100 مدني بينهم كثير من النساء والأطفال، حيث حوصرت البلدة ودخلها الشبيحة وأعملوا سكاكينهم قتلاً وذبحاً بالسكان تحت غطاء من قصف قوات النظام للبلدة بالمدفعية.

كما لا ينسى السوريون مذبحة داريا في 26 أغسطس/آب 2012م، والتي قتل فيها أكثر من 220 مدني بينهم كثير من الأطفال والنساء، يومها أيضاً أثبتت دراسات الأقمار الصناعية أن القصر الجمهوري كان بإمكانه رؤية العمليات العسكرية في داريا بالعين المجردة لكنه سكت على المذبحة.

أما في الغوطة الشرقية فكانت مذبحة الكيمياوي والتي حدثت في 21 أغسطس/آب 2013م، وراح ضحيتها حوالي 1400 مدني، حيث أثبتت الدراسات أن إطلاق الصواريخ الكيميائية كان من أكثر من موقع تابع للنظام، وأن الهجوم الكيميائي كان بأوامر من أعلى الرتب في الجيش وليس اختراقاً فيه.

جرائم وترفيعات

حافظ الأسد وبعد مذبحة حماة وبحسب تقرير اللجنة السورية لحقوق الإنسان حول المذبحة الذي صدر عام 2003م، فقد “عمد إلى مكافأة العسكريين المشتبه في تورطهم فيها أو الذين كان لهم ضلع مباشر في أعمال القمع، ومن بين هؤلاء العقيد رفعت الأسد الذي عين نائباً لرئيس الجمهورية لشؤون الأمن القومي، وضباط كبار في الجيش والمخابرات جرى منحهم رتباً أعلى، كما تم تعيين محافظ حماة محمد حربا في منصب وزير الداخلية، وكانت تلك الإجراءات بمثابة استهتار غير مسوغ من قبل الحكومة بالمشاعر العامة، وتأكيداً واضحاً على استمرار منهجية القوة بدلاً من الحوار في التعاطي مع الشؤون الداخلية”.

إقرأ أيضاً: النظام السوري يكسر حصار المعارضة في نبل والزهراء

أما بشار الأسد الابن فقد أصدر مراسيم بمكافأة قادته وعناصره، وأعطاهم الرواتب والمحفزات، كما أصدر مرسوماً مع بداية الثورة السورية عام 2011م، يقضي بمعاملة عناصر الشرطة والجمارك والأمن السياسي معاملة العناصر العسكرية؛ المحميين من أي ملاحقة قضائية في حال ارتكابهم جرماً يخص قيامهم بعملهم، وهذا يعني أن كل عناصر النظام وشبيحته والمتعاونين معه خارج نطاق المحاكمة.

ومازال أهالي حماة يذكرون الوفد الذي خرج للحوار مع قوات حافظ الأسد من أجل تحييد المدنيين، وكان منهم الدكتور عبد القادر القندقجي وهو طبيب عظام والدكتور عمر شيشتلي وهو طبيب عيون، كيف قتلهما نظام حافظ الأسد حيث عادا للأهالي جثتين هامدتين، وقد كُسّرت عظام طبيب العظام، وأطلق الرصاص على عيون طبيب العيون.

أين التحقيق؟

في برنامج وثائقي بثته قناة “الجزيرة” في نوفمبر/ تشرين الثاني عام 2013، تم عرض وثائق وشهادات من عشر دول حول مجزرة حماة، وقام معدو البرنامج بعرض هذه الوثائق على محام مختص بالجرائم الدولية، يدعى “دانيال ماكوفر” وقد قال: “إنه هجوم ممنهج واسع الانتشار على السكان المدنيين مع ارتكاب العديد من الجرائم العنيفة ضد هؤلاء المدنيين، عناصر الجريمة ضد الإنسانية إما أن تكون هجوماً منهجياً أو هجوماً واسع الانتشار على السكان المدنيين حيث وقعت عمليات قتل جماعي لذا فإن الصيغة الوحيدة الممكنة لمحاكمة دولية هي أن تشكل محكمة دولية بصيغة مشابهة ليوغوسلافيا ورواندا والتي بالطبع تحتاج إلى قرار من مجلس الأمن”.

لكن حتى الآن لم يتم فتح تحقيق حول مجزرة حماة، رغم المطالبات الكثيرة والملحة بفتح مثل هذا التحقيق، وقد طالبت اللجنة السورية لحقوق الإنسان بفتح تحقيق و”إعلان أسماء المسؤولين العسكريين والسياسيين المتورطين في المذبحة، وخاصة قائد الحملة رفعت الأسد كمجرمي حرب وتحميلهم مسؤولية أعمال إبادة المدنيين، واتخاذ الإجراءات القانونية للحجز على ممتلكاتهم داخل سورية وخارجها، وتوقيفهم وتقديمهم للمحاكمة أمام المحكمة الدولية لجرائم الحرب”.

نظام حافظ الأسد حمى نفسه وعناصره من الملاحقة الجنائية لأن سورية في عهده لم توقع على انضمامها للمحكمة الجنائية الدولية مما يجعلها بمنأى عن ملاحقة المجتمع الدولي للجرائم المرتكبة كمجزرة حماة.

وحتى الآن لم تنضم سورية للمحكمة الجنائية الدولية، وحتى الآن مازال المجتمع الدولي يرى مجازر نظام بشار الأسد في سورية ويسكت عنها، بل إنه يعمل على الضغط على المعارضة السورية للقبول بمحادثات “جنيف3” وفق الشروط الروسية والإيرانية.

أما أمريكا التي مازالت تدعو المعارضة للدخول بمفاوضات مع نظام بشار الأسد دون شروط مسبقة، فقد أفرجت في خريف 2012 عن تقرير أمني سري أُعدّ في إبريل/ نيسان 1982م، عن مجزرة حماة، أي بعد شهرين فقط من حدوثها، وأظهر علم أمريكا بمجريات الأحداث في حماة، وجرائم نظام حافظ الأسد فيها، دون أن تحرك ساكناً، مما يذكّر السوريين بتقارير أمريكا حول كيمياوي بشار الأسد على الغوطة، وكيف تعاملوا مع معلوماتهم حول مرتكب جريمة الكيمياوي، واستعداداهم للقبول به في عملية سياسية متخيلة في سورية.

(السورية نت)

السابق
بانوراما «المنار» لبيك «تيار»
التالي
سقوط عميد في الحرس الثوري الإيراني في سوريا