عرسال وحزب الله(1/4): حلم القصير… وواقع العرقوب

لا تشكّل عرسال هاجساً جديداً لدى قيادة حزب الله وأطماعه. فهذه البلدة وجرودها، منذ ما قبل اندلاع الثورة السورية والدعوة لإسقاط النظام الأسدي، كان الحزب يعتبرها شوكة في خاصرته الاستراتيجية. وهو لم يتمكن من اختراق بيئتها الاجتماعية بمشروعه التمددي الذي جنّد له "سرايا" ولم يجد ذريعة لوضع اليد عليها سياسياً أو عسكرياً.

تحت شعار “زيّ ما هي” ظلّت عرسال عصّية على الحزب وعلى محاولته التسلل لساحتها، إن عبر تهميشها أو عبر المناوشات التي كانت يتمّ افتعالها بينها وبين اللبوة، اللبلدة الشيعية المجاورة المنطوية تحت لواء “لبيك نصر الله”.
ومع العمل من قبل أتباع الحزب في السلطة على إقصاء عرسال عن الساحة اللبنانية السياسية وتغييبها برلمانياً، إلا أنّها ظلّت في دائرة من الإزدهار والإنماء والثبات. وبحسب مصادر لموقع “جنوبية” من داخل البلدة فإنّ عرسال في حينها لم تكن بحاجة لا لبرلمان ولنواب ولا لحكومة عرجاء لا تمثلها.

إقرأ ايضاً: حزب الله يضاعف عدد سراياه في العرقوب: غاب المستقبل… إلعب يا حزب الله (1/3)

شكلّت الثورة السورية، التي انطلقت شرارتها في 26 شباط 2011، وانتقال تداعياتها إلى الجانب اللبناني، المفترق الأهم في مصير عرسال وفي تمظهر المخطط الذي سيمارسه حزب الله ضدها. إذ عمل إعلام الممانعة جاهداً على تحويلها من منطقة حدودية آمنة إلى معبر للإرهابيين والمسلحين، يشكلّ خطراً على اللبوة والبقاع وعلى لبنان.

القصير

لم تخفِ عرسال لا هي ولا أهلها التضامن مع الثورة السورية، فشكلت منذ بدايتها البيئة السنية الحاضنة للنازحين السوريين ولثورتهم. حماسة البلدة لم تقتصر على الدعم المعنوي والمالي والإعلامي من ناشطيها وأحزابها، وتشريع البيوت أمام الهاربين من براميل نظام الأسد، وإنّما امتد لمشاركة أبنائها في القتال ضد قوات النظام. وبحسب أوساط ميدانية فقد شكلّ العرساليون في معركة القصير (2013) الضربة المؤلمة لحزب الله.

إقرأ ايضاً: سرايا حزب الله في العرقوب: عرسال ثانية؟ أو طرابلس جديدة؟ (2/3)

ظلّت القصير صامدة في وجه النظام وحزب الله لمدة 18 شهراً، إلى أن سقطت أخيراً مخلفة لدى الحزب خسائر بشرية فادحة. فكان انتصاره بها ناقصاً. القصير ذات الأهمية الاستراتيجية لحزب الله من الجانب السوري كونها تحمي مؤيديه من هجمات المعارضة إضافة إلى كونها تشكل معبراً أساسياً للإمدادات وللمقاتلين السنة.

معركة القصير وضعت حزب الله أمام تكتيك جديد، فكان السؤال: لماذا لا يحوّل حزب الله عرسال إلى “قصير” جديدة؟ وبالتالي يفرض سيطرته على هذه البلدة المحورية من الجانب اللبناني؟

إقرأ أيضاً: ماذا يجري في جرود عرسال؟

وكان الجواب سهلاً: نحتاج إلى وقت… بالقضم البكيء. لبنان لا يحتمل مجازر مذهبية. لكن بالمال والسلاح والترغيب والترهيب… يمكن القيام، في عرسال، بما يجري قي العرقوب. إنها مسألة وقت وتخطيط.

السابق
مأزق نصرالله بين عون وفرنجية
التالي
روسيا حاربت كل شيء إلا الإرهاب