نصر الله قذف الاستحقاق الرئاسي الى المجهول

رغم أن المناسبة لبنانية إلاّ أنّ نصرالله في إطلالته التلفزيونية لم ينسَ توجيه سلسلة إدانات الى السعودية، أي اعتداء الاحساء، ومن دون مناسبة مثل التذكير بدعمها لصدام حسين ومحاولتها مع اسرائيل عرقلة الاتفاق النووي بالاضافة إلى تكرار معزوفة العدوان السعودي على اليمن، ثم زعمه أن إيران ديمقراطية وغيرها لا يجري انتخابات. وهذا ليس من قبيل الصدفة بل هو تمهيد لاعلان الموقف من الرئاسة اللبنانية.

تحدث نصرالله لاكثر من ساعة ونصف ليقول أمرا تعرفه الاوساط السياسية كافة وهي أنه لن يدعم ترشيح فرنجية، علمًا أنه في قياس العلاقات بين الحلفاء فإن فرنجية حليف استراتيجي، وما لعبه نصرالله على الاخرين في موضوع الترشيحات للنكاية فقط، مارسه في خطابه وبأبشع طريقة.

هو بدأ بنقد أسلوب الحريري بترشيح فرنجية، وهو يلمح الى احتمال أن الحريري يريد شق وحدة فريق 8 اذار، وقد نجح بذلك. وقد رد نصرالله بالشماتة بالحريري بسبب موقف القوات اللبنانية.

نصرالله فضح موقفه قبل ان يعلنه رغم الاغراق في التفاصيل فقد أقرّ أن روحاني بحث الموضوع مع هولاند في زيارته الاخيرة، ولكنه لم يقرّ بأن ايران هي التي سوفت الموضوع وتهربت من أي التزام مع الفرنسيين. ولأن مقدمات حديث نصرالله جاءت على شكل هجوم على السعودية، فهذا يعني انه وضع الموضوع الرئاسي في اطار الصراع السعودي الايراني، والذي لن ينتهي قريبًا. لذا فإن الموقف الحقيقي لنصرالله اليوم هو القول أن الانتخابات الرئاسية مؤجلة حتى اشعار آخر.

إقرأ أيضاً: ما بين فنجاني قهوة عون وفرنجية… نصر الله؟

حسن نصر الله

وفضح نصرالله نفسه مرات عدة عندما قال لا داع للاستعجال أو التسرع، ففريقنا السياسي رابح، وكذلك القول إن بشار الاسد لا يزال لاعبًا مؤثرا في لبنان، فهذا يعني أمرا واحدا وهو أنه ينتظر مع ايران أن تغير السعودية موقفها من موضوع بقاء الاسد في السلطة، وإقرار ذلك في مؤتمر جنيف 3، حتى يفرج عن الانتخابات الرئاسية. وفي الوقت نفسه فإن عدم دعم فرنجية هو اعتراف بإن فرنجية حليف الاسد الضعيف، لن يحظى بدعم طهران.

نصرالله حسم الأمر معتبرا أن أي تطور خارجي لن يغير في المعادلة الداخلية فرئيس الجمهورية سيكون أحد حليفيه وليس من الفريق الاخر، وهو إعلان مبكر جدًا بالانتصار، ولكنه أراد من خلاله توجيه رسالة الى الخارج بأنه مرتاح لوضعه.

وثانيا الى الداخل ليلجم اندفاعة البعض نحو أحضان الحريري عندما أيدوا ترشيح الاخير لفرنجية.

في خطاب نصرالله اشارات تحذيرية داخلية الى الحلفاء، وكثرة المديح لبري هي بهدف إحراجه، وقوله أن لا ضرورة للاستعجال موجه الى بري تحديدا، وتأييده في نهاية المطاف اجراء الانتخابات البلدية هو لزكزة حليفته حركة أمل، لأن بري من النوع المرتاح الى وضعه ويرفض اجراء أي انتخابات قد تغير في تمثيله السياسي.

إقرأ أيضاً: الجمهور العوني: نريد مواقف وليس شعرا
ثمة معركة خفية بين نصرالله وبري ينبغي الانتباه إليها وهي كانت وراء عدم تلبية بري دعوة السعودية لزيارتها. الواقع أن نصرالله بموقفه بالأمس أحرق مراكبه مع الكثير من قوى الداخل، لأنّ خلاصة ما قاله هو بالضبط ما نفاه مرارًا، أي إنه لا يريد انتخابات الرئاسة إلاّ بتفاهم إقليمي دولي مع ايران .

السابق
كرم: ليس لدينا مشكلة في الجلوس مع حزب الله لكن
التالي
نص الخطاب الحرفي للسيد حسن نصر الله بتاريخ 29 كانون الثاني 2016