سوريا الطريحة: أصدقاؤها باعوها وسلّموا صك اغتصابها

انتهت التحضيرات الأمنية واللوجستية لإطلاق المفاوضات غير المباشرة في جنيف والمقررة يوم الجمعة في 29 من الشهر الجاري، وتستمر لستة أشهر. وقد وجّهَت الأمم المتحدة أمس الدعوات إلى النظام السوري وقوى المعارضة للمشاركة. بانتظار قرار الهيئة العليا للمعارضة السورية

يبدو أنّ الطريق إلى جنيف 3 أصبحت معبّدة بعدما اتسمت الأسابيع القليلة الماضية بالعراقيل والعثرات على خلفية الضغط الأميركي- الروسي على المعارضة السورية لضمّ أمين «حزب الارادة الشعبية» قدري جميل، والرئيسين المشتركين لـ «مجلس سوريا الديموقراطية» هيثم مناع وإلهام أحمد، ورئيسة «حركة المجتمع التعددي» رندة قسيس، ورئيس «حزب الاتحاد الديموقراطي» الكردي صالح مسلم. وهؤلاء الأسماء بحسب المعارضة السورية هم يعملون بشكل أو بآخر لصالح النظام وهم لا يمثلون المعارضة السورية الحقيقية التي انبثقت عن مؤتمر الرياض.

إقرأ أيضاً: من أجل أشلاء الأطفال… لا تذبحوا الثورة في جنيف!

إلاّ أنّ تراجع الأمم المتحدة بالأمس عن مطلب ضمّ الوفد المعارض بعناصر محسوبة على النظام ومدعومة من موسكو، مكتفية بدعوات فردية، يُرجح أن تكون بصفة مراقبين، مستثنية صالح مسلم، القيادي في حزب الاتحاد الديموقراطي الكردي، ما أرضى تركيا وطمأن المعارضة التي رأت أنّ «الأجواء ايجابية».

وبحسب تسريبات «الائتلافيين» الذين التقوا رئيس وزير الخارجية الأميركي جون كيري في الرياض، أنّ كيري أبلغ وفد المعارضة أنّ ما سيحدث في جنيف هو التباحث وليس التفاوض مع وفد النظام السوري من أجل تشكيل حكومة وحدة وطنية وليس حكومة انتقالية، إضافة إلى تعديل الدستور.

الكاتب الصحفي علي رباح تحدّث لـ«جنوبية» حول الموضوع فقال انّه «بتشريع الحكم لبشار الأسد، وتحدّي إرادة الشعب السوري الذي ناضل طوال خمس سنوات ودفع ثمن نضاله دماء وتهجيرا ودمارا، ليس لكي يفاوض من أجل المشاركة مع النظام السوري في حكومة واحدة ويتفق على ىتشريع حكم بشار». وتساءل رباح «هل النظام السوري مخوّل بتعديل الدستور؟!»

جنيف

الضغط الذي مارسه كيري على الهيئة العليا للتفاوض عندما قال لهم «ستخسرون اصدقاءكم، في حال لم تذهبوا الى جنيف واصريتم على الموقف الرافض». ترافق مع ضغط ميداني ففي 48 ساعة الماضية خسرت المعارضة السورية ثلاث جبهات استراتيجية الأولى بلدة ربيعة في ريف اللاذقية، و” الشيخ مسكين”في ريف درعا، كما خسرت المعارضة ايضا بعض البلدات في ريف حلب الشرقي، إضافة إلى نجاح حزب الله والقوات السورية بفصل بلدة داريا عن المعضمية في الشام، هذا التراجع للمعارضة السورية سببه الحظر العسكري الذي فرض من قبل الأميركيين للضغط على وفد المعارضة.

وعن هذا التحول في الموقف الأميركي عاد ووصفه الصحفي علي رباح «بالخطير» وأضاف «وكأن الولايات المتحدة أصبحت حلفًا واحدًا مع ايران وروسيا، وهذا التحول في الموقف الأميركي قد دفع ثمنه من محور الممانعة والمقاومة في الاتفاق النووي الذي يضمن أمن اسرائيل لجهة وقف تطور البرنامج النووي الايراني، إضافة الى مصادرة السلاح الكيماوي السوري الذي كان يهدّد أمنها والأهم حماية الحدود الاسرائيلية».

وعن الدعم السعودي والتركي للمعارضة السورية رأى رباح أنّ « أنّ السعودية وتركيا يقومان بكل ما بوسعهما لدعم المعارضة السورية فهم وحدوا المعارضة، وبدأوا بالعمل لمواجهة التمدّد الايراني إلاّ أنّ مواجهة نظام يعمل منذ 40 عامًا لنشر فكره وتصدير ثورته وتثبيت نفوذه في المنطقة لن يكون سهلاً، خصوصًا أنّ قرار المواجهة حديث».

المعارضة السورية
المعارضة السورية

وفي السياق نفسه رأى الكاتب سعد محيو أنّ «روسيا تحضر لتسوية تضمن لها نفوذها في المنطقة، وفي المقابل الأميركيون يسعون لإطالة عمر الحرب السورية التي استنزفت الايرانيين ماليًا وعسكريًا وبشريًا مما أدّى إلى انتزاع أميركا الاتفاق النووي منها، ومنذ دخول روسيا الحرب السورية عسكريًا بدأ الاقتصاد الروسي يستنزف خصوصًا مع تدني سعر النفط، فالروبل الروسي اليوم فقد 70% من قيمته، لذلك هدف أميركا إطالة الأزمة وعدم نجاح المفاوضات».

جنيف ٣: روسيا تريد حوار النظام مع نفسه

وأضافة محيو « النظام السوري لا يملك عقلية التفاوض فهو لا يزال يعمل على حسم المعركة في الميدان واستكمال الحرب ومن ثم يذهب الى المفاوضات الذي يرفض أن يقدم فيها أي تنازلات، لذلك فإنّ الوضع السوري سيتجه الى مزيد من التفاقم والتأزم طالما الأميركيون مستمرون بلعبتهم الخبيثة والنظام مستمر بعقليته».

مصادر اعلامية مواكبة اكّدت ان هذه الضغوطات أحدثت ارباكًا لدى المعارضة السورية التي انقسمت بين الموافقة على المشاركة وعدمها، ولكنّ الهيئة العليا للتفاوض أكّد في بيانها ليل أمس أنّ مشاركتها في المفاوضات تكون انطلاقًا من استناد المفاوضات إلى بيان جنيف1، وقرار مجلس الأمن 2118 لعام 2013م كمرجعية للتفاوض وذلك عبر إنشاء هيئة حكم انتقالي كاملة الصلاحيات التنفيذية مع الحفاظ على مؤسسات الدولة وإعادة هيكلة المؤسسات العسكرية والأمنية».

وبعيداً عن كل ما تقدم، وبمعزل عن الدخول في تفاصيل المفاوضات، فإن الضغط الأميركي على المعارضة لحضور المؤتمر إنطلاقاً من النظرة الروسية ووقف الدعم العسكري للفصائل المعارضة، وعدم وجود رؤية عربية موحدة حول الشأن السوري، أبرز الأسباب التي أوصلت إلى هذه النقطة، وهي بمثابة وضع سوريا بين براثن محور إيران، روسيا، وبالتالي التخلي عنها لمغتصبيها.

السابق
الاحتلال الحلال … والاحتلال الحرام !
التالي
فنزويلا تفضح تورّط حزب الله وايران في أميركا