ازدياد المخاوف من تطورات أمنيّة مفاجئة في لبنان

برزت في الأيام الماضية معطيات ومعلومات من مصادر سياسية وأمنية ودبلوماسية وإعلامية تتخوف من حصول تطورات أمنية مفاجئة في لبنان، في ظل التطورات السياسية التي يشهدها البلد وخلط الأوراق بين القوى السياسية والحزبية بعد تبني رئيس الهيئة التنفيذية لـ«القوات اللبنانية» الدكتور سمير جعجع ترشيح زعيم التيار الوطني الحرّ العماد ميشال عون لرئاسة الجمهورية.

اقرأ أيضاً: بين إعلان مضايا وإعلان بيروت. دمشق!

بين الوضع الأمني والتطورات السياسية
ورغم عدم وجود علاقة مباشرة بين نشر المعلومات عن المخاوف من حصول الأحداث الأمنية وعملية ترشيح جعجع لعون، لوحظ ازدياد التحذيرات والمعلومات عن المخاوف من حصول أحداث أمنية في الأيام الماضية، وفيما تحدثت بعض المصادر عن «اكتشاف محاولة لتفجير طائرة فرنسية في مطار بيروت من قبل تنظيم داعش»، دون تأكيد هذه المعلومات، أعلن القائم بالأعمال الأميركي ريتشارد جونز بعد لقائه رئيس الحكومة تمام سلام «تخوف بلاده من حصول تطور ات أمنية في لبنان»، وكانت بعض وسائل الإعلام اللبنانية قد نشرت تقارير تشير إلى «ان المخابرات الأميركية أبلغت السلطات الفرنسية والسلطات اللبنانية بوجود تقارير أمنية تؤكد أن تنظيم «داعش» يعمل لاستهداف المصالح الفرنسية في لبنان، ومنها طائرات للخطوط الجوية الفرنسية، وانه بناءً على هذه المعطيات قام وفدان أميركي وفرنسي بتفقد مطار بيروت ومعاينة الإجراءات الأمنية المتخذة في المطار».
وقد نشرت بعض وسائل الإعلام اللبنانية تقارير تشير إلى أن بعض شركات الطيران الغربية قد توقف رحلاتها عبر مطار رفيق الحريري بسبب الثُّغَر الأمنية والمخاطر الناجمة عن أوضاع المطار.

تفجيري برج البراجنة
وقد دفعت هذه التقارير والمعطيات وزير الأشغال العامة والنقل غازي زعيتر إلى زيارة المطار وعقد مؤتمر صحافي يؤكد فيه «اتخاذ الاجراءات المناسبة لحماية المطار»، وإن كان زعيتر قد أشار إلى «وجود حاجة لشراء معدات جديدة لفحص الأمتعة والركاب منعاً لحصول أي خرق أمني»، كما حصل مع الطائرة الروسية في مطار شرم الشيخ.
وفي المقابل أكد الوزير السابق وئام وهاب وجود معلومات عن محاولة لاستهداف إحدى الطائرات الفرنسية في المطار ودعا إلى توفير كل ما يلزم لضمان أمن المطار.
من جهة أخرى نُشرت تقارير متنوعة عن احتمال حصول اغتيالات سياسية جديدة على الصعيد اللبناني لإرباك الأوضاع وتوتير الأجواء الداخلية ولمنع حصول أي تفاهم على الحلول السياسية.
لكن المصادر الأمنية اللبنانية لم تؤكد أو تنفِ هذه التقارير، وإن كانت قد حذرت من احتمال حصول بعض الاستهدافات الأمنية للوضع اللبناني كما حصل مع تفجيري برج البراجنة ومحاولة التفجير في طرابلس.
وكل هذه المعطيات تؤكد الحاجة إلى الحذر والحيطة من حصول أي حدث أمني قد يؤدي إلى توترات خطيرة بموازاة ما يجري من تطورات سياسية متسارعة أدت إلى خلط الأوراق في كافة الاتجاهات.
مصادر المخاطر الأمنية
من أين تأتي المخاطر الأمنية على الوضع اللبناني؟ تجيب بعض المصادر المطلعة: إن هناك عدة جهات تعمل لاستهداف الوضع الأمني في لبنان وأهمها تنظيم «داعش» الذي عمد في الأشهر الأخيرة الى تعزيز حضوره على الصعيد اللبناني، سواءٌ في المناطق الحدودية البقاعية والشمالية، أو على الصعيد الداخلي، وإن العديد من مقاتلي «داعش» قد انتشروا في الأشهر الأخيرة في بعض الدول المحيطة بسوريا والعراق وصولاً لدول أوروبية، وذلك لتنفيذ عمليات أمنية كما حصل في فرنسا واسطنبول واندونيسيا ولبنان، وكما يحصل في مصر ودول أخرى.
وترى هذه المصادر «ان تفجيري برج البراجنة ومحاولة التفجير في طرابلس كانت بداية المخطط الأمني وأن الأوضاع اللبنانية في ظل ازدياد الصراعات الداخلية وما حصل بعد اطلاق الوزير السابق ميشال سماحة من ردود فعل، والتغيرات الحاصلة في الواقع السياسي اللبناني، اضافة إلى استمرار التوترات الإقليمية، كل ذلك قد يجعل لبنان احدى الساحات المناسبة لحصول تفجير أمني محدود أو كبير، وهذا يتطلب اتخاذ الاجراءات الأمنية المناسبة».
ومع ان المصادر تؤكد ان لبنان لا يزال يحظى بحماية دولية وإقليمية وان لا مصلحة للأطراف الأساسية بحصول توترات أمنية داخلية، وان الأجهزة الأمنية والعسكرية اللبنانية حققت انجازات مهمة في كشف عشرات الشبكات والمجموعات التي نفذت أو كانت تستعد لتنفيذ عمليات أمنية، فإن المطلوب عدم النوم على حرير، بل هناك حاجة ماسة لاستمرار التغطية والحذر لحماية الأوضاع الأمنية ومنع حصول أي خرق أمني كبير قد يكون له تداعيات خطيرة أمنياً وسياسياً واقتصادياً.
وتختم المصادر قائلة إن الأوضاع السياسية والأمنية في لبنان تمر حالياً بتطورات دقيقة تتطلب المزيد من الحيطة والانتباه، وذلك خوفاً من حصول تطورات مفاجئة من أجل تعطيل الجهود السياسية الجارية لترتيب الوضع اللبناني أو لاحداث ثغرة أمنية مفاجئة، لذا يجب عدم تقليل الأهمية لما ينشر من تقارير إعلامية أو دبلوماسية عن المخاطر الأمنية دون ان يؤدي ذلك إلى نشر حالة من الفزع والخوف والقلق، فالتطورات في لبنان والمنطقة تجري بوتيرة سريعة، وكل يوم يحصل حدث سياسي أو أمني أو استراتيجي مهم، ويكون له انعكاسات وتداعيات مهمة، ولذا يجب أن يكون اللبنانيون مستعدين لكل الاحتمالات.

(مجلة الامان)

السابق
الجيش يستهدف تحركات المسلحين في جرود عرسال
التالي
الاستحقاق الرئاسي بين التريث وجوجلة المواقف