شرقنا المحاصر بقلة الإنسانية

مأساة الحرب السورية

داخل هذا المشرق المحاصر من أنظمة عسكرية راديكالية وممالك وجمهوريات دينية مذهبية لا يصدر عنّا سوى الأفكار الرجعية الظلامية التي تعزز الاحتقان المذهبي.

بلادنا متنازع عليها دولياً تارة لموقعها الاستراتيجي وتارة لوفرة نفطها و غازها. فهي محاصرة بالمقدسات الدينية إلى درجة اننا  أصبحنا نقدس ونمنح وزناً للحجر على حساب البشر. هناك حصار اسوأ مما ذكر، وهو حصار الماء و الطعام، حصار القتل البطيء كسلاح يستخدم بين المتحاربين ولو على حساب حياة وصحّة المدنين ولا سيما الأطفال منهم والنساء والشيوخ.

 

عندما بدأت الثورة السورية، تحرّرت بعض المناطق السورية من الوصاية البعثية الأسدية. إلا أن النظام وبهدف تركيع الشعب السوري الثائر إستخدم النظام جميع الأسلحة حتى المحرمة منها.

 ومع ذلك بقيت الكثير من المناطق السورية صامدة على الرغم من عنف النظام والمليشيات المذهبية المقاتلة إلى جانبه.

فبلدة مضايا الواقعة ما بين الحدود اللبنانية ـ السورية، حوصرت بشكل نازي ـ بربري من قبل حزب الله وقوات السورية النظامية أثناء معركة الزبداني.

وبقي الحصار مفروض رغم إتفاق الزبداني.

ارتبط حصار مضايا بحصار بلدتي الفوعة وكفريا اللتين تحسبان من ضمن حسابات حزب الله المذهبية، فكلما إزدادت وتيرة المعارك في منطقة الزبداني كان القصف العشوائي يزداد على منطقتي كفريا والفوعة من قبل فصائل المعارضة و كلما ازداد الحصار على مضايا نالت تلك البلدتين التشديد بالحصار.

وكأن حياة المدنيين دمية بين أيدي المتقاتلين في الميدان والمتحاورين في فنادق استنابول. والمؤسف هو وجود جمهور يبرر هذا النوع من الحصار. وقد تناسى المتصارعيين الآية الكريمة (لَّا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى) خاصة وانهم يمارسون أفعالهم تحت شعارات ايديولوجية إسلامية .

المضحك المبكي، أن أصحاب الإيديولوجيات الإسلامية هي التي تتفنن بحصار المدنين، فنجد اليوم تنظيم الدولة الإسلامية داعش يحاصر أكثر من مئتي ألف سوري مدني. ولكن لا أحد يسمع صوت أمعائهم الخاوية لأن لا كاميرات مصوبة لنقل معاناتهم ولا أحد يكترث لسماع آلامهم.

نعم إنها دير الزور المنسية من قبل الثورة والمتكلمين بإسم الثورة، فلا النظام أكرمها يوماً ولا المعارضة أنصفتها . إن شرقنا يتميز بالفكاهة بحيث نجد أن خطابات الحشد الشعبي في العراق تندد بالتطرف الداعشي ونجدها في مكان اخر تفجر مساجد السنية في محافظة ديالي وتحاصر أهالي منطقة ديالي وتطالبهم بمغادرتها. وعليه تشبه أحداث ديالي أحداث الموصل حين عزم تنظيم الدولة الإسلامية إلى القيام بالتطهير العرقي بحق مسيحيو الموصل

لا تقتصر سياسة الحصار والتجويع على المتحاربين في الشام و العراق. ففي اليمن تتعرض مدينة تعز لحصار خانق من قبل مليشيات عبدالملك الحوثي مرفقة بالقذائف التي تطال المدنين الآمنين في بيوتهم. تعز هي ضحية الصراعات الإقليمية كمضايا ويصدق القول أن تعز شقيقة مضايا بمعاناتها وجوعها وإنتهاك الشرائع الإنسانية فيها. سيكتب التاريخ أن بلاد الرسالات السماوية تموت جوعاً بحصار أبنائها.

يا لعار مشرقنا المظلم .

السابق
الأكراد سيستمرون في إزعاج أردوغان
التالي
مبادرة معراب.. وبرّي أوّل معارض لترئيس عون!!