على طريق الإنتصار الإلهي

"طريق الإنتصار" هو الأوتوستراد الشهير في بعلبك الهرمل الممتد من بلدة حربتا إلى مدخل مدينة بعلبك.تم تلزيم هذا الأوتوستراد لشركة هندسة إيرانية بعد حرب تموز 2006 و بعد 86 عام على إعلان دولة لبنان الكبير.

على طريق الإنتصار رايات شكر للجمهورية الإسلامية و أعلام لحزب الله و صور لشهدائه، شباب في مقتبل العمر منهم من “قاوم” العدو الإسرائيلي، ومنهم من قتل في سوريا،ومنهم من ينتظر جولة أخرى من حروب حزب الله الإلهية اللامتناهية.
على طريق الإنتصار لا مستشفى بالمستوى المطلوب ليعالج الحالات الخطرة ،فالمستشفى االأشهرهناك يكاد يتحوّل إلى مربّع أمني لا يدخله سوى جرحى حزب الله، أو قتلاه الذين يودعون برادات الموت ريثما يجد المعنيون سيناريو منطقي لإبلاغ ذويهم.


على طريق الإنتصار لا يوجد جامعات،فهذه المنطقة محكومة أن تبقى “خزان المقاومة”.و في منطق حزب الله المقاومة تحوّلت إلى قتل و قتال لا مكان للعلم بينهما.


على طريق المقاومة لا مصانع تؤمّن فرص عمل لشباب المنطقة.اتّجه معظمهم نحو قيادة “الفانات” رقم 18 بين المنطقة و بيروت إلّا أن معظمهم عندما يعلن “الحزب” نفير الحرب ،يتحوّلون إلى “جنود الله في الميدان” أو لاعبي احتياط في صفوف سرايا المقاومة…المقاومون هؤلاء يكاد لا يتجاوز راتب الواحد منهم ال 500 دولار فقط لا غير.


على طريق الإنتصار وجوه شاحبة و تجاعيد حزينة و أجساد منهكة تمشي على الأوتوستراد الذي تحيطه على الجانبين أراض شبه جرداء.يخترق المشهد تمثال لقائد هنا ، مسجد صغير يتم تشييده هناك ، أو كشك اسبرسو و نسكافيه قرب حواجز الجيش.


الطريق مملّ و قصير في آن ، حيث لا تحتاج لتجاوزه أكثر من 20 دقيقة تقريبا”، فبعد هذه المدة بلديّات إمّا قوية و ليست بحاجة إلى “مكرمة” الجمهورية أو مشكوك بولاء بعض أعضائها لمحور الصمود والتحدّي و مواجهة إسرائيل…في مضايا ربّما.


على طريق الإنتصار أم مفجوعة تكم فمها نساء “الهيئة” في المأتم إذ تصرخ و تسأل لماذا قتل ابنها في سوريا،و مدرّسة تخبر زميلتها أن بلدتها تحوّلت إلى “ضيعة أرامل” ،ووالد يحاول أن ينقذ ابنه الأصغر من جحيم الحرب في سوريا بعد أن فقد ولديه البكر والأوسط،فيتوسّل نائب أو ذو نفوذ و يحمل له صناديق التين و التفاح و اللبن البلدي و المكدوس علّ ذلك ينفع في توظيف ابنه “وظيفة دولة”.


على طريق الإنتصار مآتم و سيارات إسعاف تنقل أضعاف أضعاف ما يصرّح عنه إعلاميّا” من قتلى.نادرة هي العائلة التي لم تفقد ابنا” أو أخا” أو صهرا” أو قريبا”.يعيّب على تلك العائلة تقصيرها فالعائلات المقاومة هي من تقدّم ابناءها شهداء واحدا” تلو الأخر.إن منطقة” تنتخب بالواجب الشرعي لا بد لها أن تموت بالواجب الشرعي أيضا”.


على طريق الإنتصار سواد يشعر به المارّ هناك، فيسرع أكثر باتجاه الطريق الخارجي لمدينة بعلبك ثم يصل زحلة حيث استبدلت رايات الموت بزينة أعياد جميلة ،ولباس الحداد الكئيب بوجوه تضحك،ومخازن الأسلحة بفنادق ومقاهي،وكأنّك كلما ابتعدت عن الإيديولوجيا الدينية اقتربت أكثر من الفرح والأولوان…والحياة.

السابق
إيران و «سورية الروسية»
التالي
إطلاق منتدى «شرق» للسلام لمناهضة الارهاب والعنف..