للمشككين … جعجع قد يفعلها

لا يصدق حلفاء رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع أنه جدي في طرحه ترشيح رئيس تكتل التغيير والاصلاح النائب ميشال عون الى الرئاسة. وقد يعود هذا التشكيك لعدم معرفتهم الفعلية بشخص جعجع وكيفية تعاطيه مع الامور الكبرى، وعدم قراءتهم المتأنية والعميقة لتاريخه والقرارات المصيرية التي اتخذها ضارباً بعرض الحائط الحسابات الاقليمية مفضلاً الحسابات المحلية، على رغم علمه بأن الثمن قد يكون مكلفاً. ليست المرة الاولى التي يؤيد فيها جعجع عون، فالمطلع على تاريخ الرجل يعلم ان “جعجع أيّد عون في السابق وتجاوز مشكلات عدة بينهما كانت قد بدأت معه قبل ان يعينه الرئيس امين الجميل في اللحظات الاخيرة قبل انتهاء عهده، رئيسا للحكومة الانتقالية، ووصفها حينها بـ “حكومة الاستقلال”.
وفي قراءة متأنية مع احد المسؤولين في”القوات” من المقربين من جعجع رفض الإفصاح عن اسمه، نعود الى لحظات مفصلية على صعيد “القوات”، وعلى صعيد الوطن اخذ فيها جعجع قرارات مصيرية خرجت عن التوقعات.
اسقط الاتفاق الثلاثي
ذكر المسؤول بالحقبة التي روّج فيها الاتفاق الثلاثي والذي كان عرابه الوزير السابق ايلي حبيقه. وقال لـ”النهار”، “في تلك المرحلة حظي الاتفاق الثلاثي بتوافق اسلامي من المناطق “الغربية” اضافة الى رعاية سورية له وموافقة اميركية عليه، ورغم ذلك وقف جعجع ضد الفرض السوري والترحيب الاميركي وأسقط الاتفاق عسكرياً”. وتابع المسؤول : “حتى اقليمياً لم تكن هناك ممانعة عربية لتمريره، لكن عند وجود خطر كياني، تتغلب اعتبارات المبادىء عند #جعجع على غيرها من الحسابات. لقد ترافق توقيع الاتفاق الثلاثي، مع حملات ترهيب وتهديدات باجتياح عسكري للمناطق الشرقية في حال اسقاط الاتفاق، ورغم ذلك اسقطه جعجع، واندفع في التحصين العسكري للجبهات، وأعد الخطاب القواتي الاصيل لناحية اعتبار النظام السوري، معادياً للبنان، بعدما مورس الضغط والتضييق على وسائل الاعلام في الشرقية، لتمشي في ركاب الاتفاق ومفاعيله. سقط الاتفاق ولم تسقط “الشرقية”، واصبح جعجع قائدا للقوات”.
اقرأ أيضًا: جعجع للحريري: طريق بعبدا تمرّ في معراب!

“حكومة الاستقلال”
ونسي البعض أو تناسى انها ليست المرة الاولى التي يدعم فيها جعجع عون. المسؤول “القواتي” عاد بالذاكرة الى مرحلة نهاية عهد الرئيس أمين الجميل قائلاً: “عندما عيّن الجميل عون رئيسا للحكومة الانتقالية، ايده جعجع ووصف حكومته بـ”حكومة الاستقلال” ، لأنه اعتبرها فرصة اذا أُحسِن التعامل معها، ستغيِّر المعادلات القائمة حينذاك. لقد نظر الى البعد الاستراتيجي للخطوة متخطياً الخلافات التي كانت موجودة مع عون. وفي سبيل إنجاح ” حكومة الاستقلال” خاض جعجع حينها جولات من المفاوضات والاجتماعات مع فريق عون، قبل ان يقع الخلاف الكبير في “حرب الالغاء”.
رفض #الضاهر …
لا أحد ينسى مقولة “إما الضاهر واما الفوضى”، وما رافق تلك المرحلة من ظروف اعتبرها البعض مصيرية. ويتابع المسؤول القواتي “في المرحلة التي رافقت الاتفاق الاميركي – السوري لانتخاب النائب مخايل الضاهر رئيساً للجمهورية، حينها هددت المراجع الدولية قائلة “اما الضاهر واما الفوضى”، ورغم ذلك فضل جعجع مصلحة لبنان، ووقف في وجه وصول الضاهر للرئاسة، رغم كل الاغراءات بإغداق المكاسب السياسية عليه”. وعن ردود الفعل على الصعيد الدولي عندما يحصل تعارض بين مواقف الدول المؤثرة ومواقف الاطراف اللبنانيين، أوضح المسؤول في “القوات” ان “الحسابات الدولية تتعاطى مع “واقع الارض”، في النهاية يهمها ” الستاتيكو”، وعدم تعرض رعاياها او مصالحها الحيوية للخطر. انتخاب رئيس او عدمه لا يشكل خطراً وجودياً على اميركا او فرنسا او #السعودية”.
وبالنسبة للموقف السعودي في حال أقدم جعجع على ترشيح عون، قال المسؤول: “علاقات #القوات_اللبنانية مع المراجع العربية، قائمة على الاحترام المتبادل، وللمملكة كل الثقة بأن خطوات جعجع هي خطوات مدروسة، وفيها خير للبنان، وتصب في مصلحة الإجماع العربي الذي تقوده السعودية، بالنسبة الى قضايا المنطقة”.

 

رفض الانخراط في المشروع السوري
كما ذكّر المسؤول “القواتي” ايضا بمرحلة رفض جعجع الانخراط في مشروع النظام السوري في التسعينات، “قبل ان يعتقل الدكتور جعجع ويلاحق كل القواتيين، عرض علينا اغراءات كثيرة للانخراط في مشروع النظام السوري للهيمنة على لبنان، وتقاسم المغانم الخاصة بعد انتهاء الحرب، فرفضنا لأن تلك الهيمنة تعاكس المصلحة المسيحية وتطيح سيادة الدولة اللبنانية، وهذا ما كان موضع إقرار لاحقاً من معظم القوى السياسية، بعد اغتيال رفيق الحريري”.
بعد هذه القراءة “القواتية” قد يجد بعض المشككين بجدية جعجع السير بعون رئيسا، اجوبة قد تجعلهم يعيدون حساباتهم، ويحرثوها وفق البيدر الوطني الذي يؤمن مصلحة المسيحيين ودورهم وعدم تهميشهم مجدداً.

(النهار)

السابق
رحيل الأسد أوائل 2017 بتوافق روسي – أميركي
التالي
الإعلام السعودي يسأل باسيل: أنت تمثل لبنان أم إيران؟