تفجيرات اندونيسيا: حرب ضدّ تركيا والسعودية… وإيران تتوسع

لن تقتصر الإعتداءات الإرهابية على تركيا واندونيسيا، لكن ما جرى في هاتين الدولتين خلال أيام قليلة، مؤشر على توسع رقعة الإشتباك الدولي، لا سيما أن قواعد اللعبة تتغير، وبعد أن كانت الحروب تخاض بالوكالة عبر ضرب كل دولة لمصالح وحلفاء الدولة الخصمة، أصبح الضرب في العمق.

وفق ما يتبين من خلال قراءات عديدة، فإن إيران هي المستفيد الأول استراتيجياً من ضرب تركيا، وربما هذا ما دفع بالمسؤولين الاتراك الى رفع سقوف مواقفهم ضد إيران، ليصل الأمر بالرئيس التركي إلى إتهامها بأنها تسعى إلى تقسيم سوريا واقتطاع أجزاء من أراضيها لإقامة دويلة علوية، هذا الكلام يأتي كرد على إتهامات إيرانية سابقة بحق أنقرة في هذا الشأن، التي تتهم “السلطان التركي” بالسعي إلى السيطرة على أجزاء من الأراضي السورية المحاذية للحدود التركية.

ولا شك أيضاً أن ثمة أطرافاً آخرين قد استفادوا من ضرب العمق التركي، على غرار روسيا والنظام السوري، لكن إيران تبقى في صدارة المستفيدين، إذ أن الرسالة الدموية في منطقة تركية تعتبر خطاً أحمر على مختلف الصعد، قد يأتي في سياق الرسالة الإيرانية الرافضة والمحذرة من دخول تركيا في الحلف الإسلامي لمواجهة الإرهاب الذي أنشأته السعودية، ومن هنا لا بد من ربط ما جرى في تركيا، ونفّذه شخص سعودي المنشأ، في وقت تتحدث معلومات عن أنه كان محتجزاً لدى قوات سوريا الديمقراطية وتحديداً لدى الطرف الكردي من هذه القوى والمعروف ولاؤه وعلاقته بالإيرانيين، وإذا ما صحّ هذا الكلام، يعني أن ايران وجهت رسالة قاسية إلى تركيا عبر إنتحاري سعودي، من المضي أكثر في تعزيز العلاقة التركية السعودية.

وعليه، فإن ما جرى في اندونيسيا، لا سيما ان التفجير حصل على مقربة من مقر الأمم المتحدة في العاصمة جاكرتا، لا يمكن فصله عن إطار الرسائل الإيرانية الدموية إلى مختلف الدول التي تمثل رمزية إسلامية ولديها علاقات وثيقة بالسعودية، وقد أيدت الدخول في الحلف الإسلامي لمواجهة الإرهاب، ومن هنا فلم يعد مستبعداً أن هذه العمليات تحصل في أكثر من دولة، وقد تكون باكستان على خارطة الاستهدافات أيضاً.

إقرأ أيضًا: السعودية وايران واحتمالات الحرب: من الأقوى عسكريا؟

أما لناحية رمزية المكان المستهدف في العاصمة الاندونيسية، فدلائله تشير إلى الإيراني بشكل بديهي، إذ أنه الطرف الوحيد الذي يجيد إيصال الرسائل بهذه الطريقة، اختيار مقر الأمم المتحدة مسرحاً للعملية، ليس عبثياً، بل هو رسالة تريد توجيهها إيران إلى الجميع، بأن السنة المتحالفين مع السعودية لا يمكن أن يحاربوا الإرهاب، وهذا الإرهاب موجود في قلوب عواصمهم.

تركيا ايران

هو وجه جديد من وجوه الصراع، وتغيير أساسي في قواعد الحرب، إذ انتقل الإشتباك من الوكالة إلى الأصالة، وأصبح الضرب بالمباشر، فمثلاً بعد أن كان الصراع التركي الإيراني يحصل في سوريا، إيران عبر أذرعها العسكرية كحزب الله، وتركيا عبر أحرار الشام مثلاً، وما جرى بين الزبداني وكفريا والفوعة خير دليل، انتقل الامر إلى داخل كل بلد، إذ أنه لم يعد خافياً الدعم الإيراني الأميركي الروسي للأكراد الذين تعتبرهم تركيا إرهابيين، وينفذون عمليات في الداخل التركي، فيما توجه الإتهامات إلى تركيا باعتبارهما أبرز المتعاونين مع تنظيم داعش، إلا أن رئيس الوزراء التركي أحمد داوود أوغلو سارع إلى اعتبار داعش متهماً أساسياً بما حصل، مع الغمز بأن داعش والمستفيد منها من الاطراف الأخرى كالروسي والإيراني، وكاد أوغلو أن يشير إلى التسنيق بين هاتين الدولتين وداعش.

إقرأ أيضًا: السعودية وايران: تراكم توترات.. وقطع علاقات

وربطاً، فإنه في الوقت الذي تتدخل فيه إيران في الشأن السعودي بدءاً من التعاطي مع إعدام الشيخ نمر النمر، وصولاً إلى إحتمال إعادة تحريك الشارع في المنطقة الشرقية، مقابل تحريك السعودية لعرب الأحواز داخل إيران، وهذا أيضاً سيكون مؤشراً من مؤشرات تفاقم الصراع، الذي إذا ما استمر، قد يدفع بتركيا إلى دعم أكراد إيران، رداً دعم إيران لأكراد تركيا. كل هذه المؤشرات الخطيرة، تفيد بأن الصراع مديد وطويل، وقد بشّر به الرئيس الأميركي باراك اوباما باعتباره “أن الحرب قد تمتد لمئة عام”، وعليه فالأكيد بعد كل ما يجري، أن المنطقة ككل لن تبقى كما هي، وهناك كيانات غير متوقعة أصبح بالإمكان تغيير أشكالها وأنماطها، وعلى رأسها السعودية وتركيا اللتين لن تبقيا بهذا الشكل الدولتي، إيران أيضاً مرشحة لهذا الإحتمال إذا ما أجاد خصومها اللعب على أوتار التناقضات الداخلية فيها.

السابق
«شارلي ايبدو»: لو عاش «ايلان»…لتحسس مؤخرات النساء في ألمانيا!
التالي
النيابة العامة التمييزية أبلغت محكمة التمييز العسكرية عدم موافقتها على إخلاء سبيل سماحة إلا أن القرار في النهاية يعود للمحكمة