رئاسة لبنان: إيران تريد صفقة مع أميركا..لا مع الحريري أو السعودية

العلاقات الأميركية الايرانية
ليس في الداخل الإيراني ما يمكن وصفه بأنّه "وجهتا نظر حيال السياسة الخارجية الإيرانية في المنطقة العربية" ، وإيران مهتمة ، بكل مكوّناتها السياسية، في ترسيخ شروط العلاقة الإيجابية مع واشنطن، وصولاً إلى التخلص من العقوبات الدولية والأميركية .

فالثابت أنّ مزيداً من التناغم والتعاون الأميركي الإيراني يسير بخطوات ثابتة في الملفات الإقليمية… لم يصل الأمر إلى حدود التحالف بعد .
هو في العراق قائم الى حدّ كبير، وهذا ما تؤكده أوساط حكومية عراقية ، إذ أنّ الأزمة العراقية لم تشهد أيّ خطأ في عمليات التنسيق الأمني بمواجهة تنظيم الدولة الأسلامية، بين القوات الأميركية والإدارة العسكرية والأمنية الإيرانية.

إقرأ أيضاً : أسباب الفشل: إيران تريد تسوية إقليمية.. والحريري عرض صفقة محلية
في سورية ليس من اصطدام إيراني – أميركي ، فالطائرات الأميركية التي تجول فوق سورية لم تتعامل مع الوجود الإيراني وأذرعه العسكرية والأمنية بإعتبارها هدفاً للسلاح الأميركي ، كما أنّ التنسيق الأميركي – الإيراني فيما يتصل بالأزمة السورية تطور بشكل كبير منذ توقيع الاتفاق بشأن الملف النووي الإيراني ، وقد وصل الأمر إلى أن يخاطب رئيس مجلس الشورى الإيراني علي لاريجاني الكونغرس الأميركي نهاية الأسبوع المنصرم ، بأنّه “لولا فيلق القدس الإيراني لكان الإرهاب وصل إليكم”. وجاء هذا في سياق انتقاده تعنّت الكونغرس الأميركي في رفع العقوبات، وآخرها ما يتصل بفرض عقوبات على تصنيع إيران صواريخ باليستية.
في المقابل كان وزير الخارجية الإيراني جواد ظريف يكتب في صحيفة “نيويورك تايمز” قبل يومين، متوجّهاً إلى الرأي العام الأميركي ضمن سياق المعركة مع السعودية : “في الداخل (السعودي) هناك جلادون یقطعون الرؤوس بالسیف..”. وكأنّ وزير خارجية الجمهورية الإسلامية الإيرانية يقول أنّ المشكلة في السيف وليس في الإعدامات… وهل لغة السيف هي من خارج لغة الإيديولوجيا التي تحكم إيران؟ بل يمكن ملاحظة أنّ وزير الخارجية ظريف بدا وكأنّه وزير خارجية دولة أوروبية، على ما سخر منه وزير خارجية الإمارات على تويتر.

إقرأ أيضاً : تخفيف العداء لأميركا أصعب من «النووي»!
في هذا السياق تشكّل العقوبات ورفعها محور الإهتمام الإيراني اليوم ، لذا تضع طهران ما يمكن التفاوض عليه في ملفات المنطقة ونفوذها ضمن سلّة التفاوض مع الأميركيين ، لا مع الرياض ولا حتى أنقرة . من هنا فإنّ معيار أيّ تغيير في السلوك الإيراني ، على مستوى ملفات المنطقة ، حافزه الأساسي الترتيبات التي يمكن أن تتم مع واشنطن . هكذا تبدو طهران مهتمة، في خطابها السياسي ، بالتأكيد على أنّ الإرهاب، الذي طالما اتهمت به ها هو اليوم ينتشر في السعودية ، وهذا جوهر ما اراد إثباته ظريف من خلال مقالته في “نيويورك تايمز”. فقد اعتبر أنّ هذا الإرهاب المتمثل في السياسة السعودية سببه الغضب من عقد الإتفاق الدولي بشأن الملف النووي الإيراني .
ليس هناك ما يفرض على السياسة الإيرانية انتهاج سياسة، داخل المنطقة العربية، تصطدم مع السياسة الأميركية ، الحرب على الإرهاب تشكل تعويضاً ايديولوجيّاً فيما القنابل الصوتية من منبر ولاية الفقيه ضد الإدارة الأميركية لا تزعج واشنطن ، وترضي غرور من تنعشهم الخطب الثورية . الحرب على الإرهاب هي المساحة المشتركة مع واشنطن والتي يتم عليها إقامة عمارة التعاون والتنسيق والعلاقات الودية مع الولايات المتحدة الأميركية . هذا بالضرورة، في الفهم الإيراني، يتطلب تصعيد المواجهة مع السعودية في جبهات القتال المنتشرة على امتداد الجبهات في الساحة العربية .

إقرأ أيضاً : حقيقة الموقف الايراني من ترشيح فرنجية
من هنا يصبح الملف اللبناني معلّقاً ما دامت الإدارة الأميركية غير مهتمة بعقد صفقة مع طهران في لبنان تصل إلى مستوى بناء توافق لبناني بضمانة أميركية – إيرانية. وما دامت السعودية هي الطرف الخارجي الذي يقابل إيران في المعادلة اللبنانية، فإنّ التسويات لن تتم . فحزب الله، باعتباره دُرّة التاج الإيراني في المنطقة ، أيّ تسوية يجب أن تنطوي على ضمانات دولية تتم ترجمتها بمزيد من تشريع دوره العسكري .

العلاقة بين ايران وحزب الله
العلاقة بين ايران وحزب الله

ولأنّ مسلسل العقوبات الأميركية لم يتوقف تجاه حزب الله ولا يزال مستمراً في العناوين المالية ومن خلال الإجراءات المصرفية، فذلك يدلل على أنّ شروط التسوية، كما تشتهيها ‘يران في لبنان، ليست ناضجة بعد . لكن يبقى أنّ حاجة حزب الله، كقوة عسكرية وذراع فاعل في لبنان وسورية ، تشكّل أحد عناصر القوة في استمرار المعادلة الأمنية والسياسية الحاكمة داخل لبنان بغطاء خارجي ، وأميركي تحديداً .

إقرأ أيضاً : إيران تتصرف كما لو أنها وصية دولية على الشيعة
وهذه المعادلة، مرفقة بقتال حزب الله في سورية ، هي إحدى الإختبارات التي يتمّ من خلالها تطويع قوة حزب الله وتوجيهها نحو أعداء جدد، ليس من بينهم اسرائيل ولا المصالح الأميركية… بل الإرهاب التكفيري. أو قل هو العدو الجديد الذي صار أوّل حرف من اسمه، في أدبيات حزب الله وإيديولوجيته: “السعودية”.

السابق
البحارة الأميركيون دخلوا المياة الإقليمية الإيرانية
التالي
الحرس الثوري:الزورقين يحملان أسلحة ثقيلة