الحريري – ميقاتي: التنافس يتوسع ويحتدم

يشهد الشمال على امتداده من طرابلس نحو عكار مروراً بقرى المنية والضنية وغيرها صراعاً بين الحريرية السياسية والعزمية الميقاتية، ولأن كلّ من الطرفين صاحب سلطة ومال، كانت حاجة الأهالي وافتقاد المنطقة للإعمار والإنماء هي الساحة التي يتم التنافس فيها سياسياً.

غير أنّه وفي السنوات الأخيرة وبالتزامن مع الأزمة المالية لتيار المستقبل إضافة إلى غياب الحريري عن الساحة اللبنانية، برز الميقاتي كما ظهرت خدماته بشكل لافت، ففي منطقة المنية على سبيل المثال لا الحصر وحسبما صرّح لـ”جنوبية” أحد أبناء المنطقة “أ-ع” ، أنّ هناك محاولة من الميقاتي وأنصاره لخرق الحريرية، لافتاً إلى أنّ وجوده في المنية كان ضعيفاً لا سيما مع تحالفه مع حزب الله بعد انتخابات 2009 حيث أنّ خدماته في تلك الآونة كانت بسيطة ومقتصرة على المقرّبين منه.

وأشار المصدر الى أنّه بدءاً من العام 2013 بدأ الميقاتي يوكل الى أشخاص محددين يعملون كماكينة انتخابية له بالمنطقة ويعلقون له لافتات الشكر والولاء، ويشيرون لتقديماته على مواقع التواصل الاجتماعي من تزفيت طرقات وترميم مساجد ومدارس ودعم عائلات معينة، ومن هؤلاء مازن علم الدين الذي يعتبر الذراع الأيمن له .

إقرأ أيضاً:لماذا يذكّر حزب الله اللبنانيين بمشروع «الدولة الاسلامية»؟

خدمات الميقاتي التي تغطّي طرابلس وعكار وسائر المناطق الشمالية ككل، ينظر لها البعض من الأهالي والمحسوبين على تيارات سياسية أخرى بأنّها محاولة لملء الفراغ الحريري ولكسب الصدارة على الساحة السنية، وأنّها لا تعدو حملة انتخابية تسويقية، فيما يراها الآخرون أنّها ليست وليدة اللحظة وأنّ الرئيس كانت دائماً يده ممدودة لأهله ومدينته.

أما عن رأي تيار المستقبل في هذا التمدد لعزم ميقاتي، يؤكد المحامي نهاد سلمى وهو مسؤول شعبة ببنين في التيار لـ”جنوبية” أنّ المستقبل لم يغب عن أيّة ساحة في لبنان وهو الحاضر الأوّل في كل النشاطات وللمساهمة في أيّ عمل لصالح المنطقة، مشيراً الى أنّ تيار المستقبل إن لم يكن تحت الأضواء فهذا لا يعني غيابه وإنّما لأنه يعمل بالكواليس، منوّها أنّ الأزمة المالية قد أثرت ربما على تقديماته فتراجعت ولكنه ظلّ حاضراً.

زعماء طرابلس

هذا وأشار إلى أنّ الفرق بين المستقبل والعزم يتجلّى في كون الأخير يصنع بروباغندا وهمروجة إعلامية حول انجازاته وتقديماته مع أنّ الرئيس ميقاتي نفسه في فترة رئاسة حكومته لم يقدم أي شيء لطرابلس، في حين أنّ مكاتب تيار الحريري موجودة في الشمال منذ العام 1992 أي منذ عهد الشهيد.

وأضاف أن ما يؤكد حضور المستقبل هو أنه منذ شهرين أقدم أحمد الحريري على إفتتاح مدرستين في منطقي الزاهرية و باب التبانة في طرابلس وحينما كان سعد الحريري في لبنان افتتح هو أيضاً عدة مدارس في عكار.

وعن الغاية من هذه البروباغندا فقد اعتبر المحامي نهاد سلمى أنّها لغاية انتخابية، حيث أنّ خدمات الميقاتي تقتصر على الذين يستفيد منهم في مرحلة الانتخابات، مؤكداً أنّه مهما حاول اختراق المنية وعكار لن يستطيع فالمنية مدينة الشهيد وعكار حريرية الولاء.

وتساءل نهاد، إن كان الرئيس ميقاتي يحمل همّ الشعب الشمالي لماذا لا يحوّل كلّ من مدرسته وجامعته إلى صرح تعليمي مجاني.

إقرأ أيضاً:قطع شريان حزب الله – سورية الأسد

في المقلب الآخر، يشير أحد الناشطين في تيار العزم والسعادة والمقربين من الرئيس نجيب ميقاتي أنّ ما يتم تداوله عن أنّ التقديمات هي لدواع انتخابية هو أمر عارٍ من الصحة، إذ أنّ خدمات الميقاتي ليست مستجدة وموجودة من قبل غياب المستقبل عن الساحة، ولكن ما جعلها محط أنظار في المرحلة الأخيرة هو تراجع تيار الحريري وإقدام العزم على سد الثغرات التي خلّفها.

وعن البروباغندا والحملات الإعلامية واليافطات، فقد أشار إلى أنّ الرئيس ميقاتي يقدم في السر أكثر ممّا يقدم في العلن وأنّ اليافطات هي تعبير شكر عفوي من محبيه، لافتاً إلى أنّ الحضور الإعلامي بديهي عند افتتاح مستوصف أو مدرسة، غير أنّ الأعمال الإنسانية الأخرى لا يشير إليها لأن الهدف هو المساعدة وليس تجميع الأصوات كما يرّوج .

سعد الحريري

وعن المساءلة التي يتعرض لها الرئيس الميقاتي من الشماليين بكونه لم يقدم أيّ خدمات للمدينة حينما كان بمنصب رئاسة الحكومة، نفى الناشط هذه التهمة مؤكداً أنّ ميقاتي قدّم الكثير في تلك المرحلة، مشيراً إلى العرقلة التي كانت تتعرض لها مشاريع الميقاتي من داخل الحكومة ومنها مبلغ ال 100 مليون ليرة المخصصة لطرابلس والتي لم تصرف بعد ولم يستطع حتى دولة الرئيس تمام سلام الإفراج عنها.

كما رفض ما يتهم به تيار الميقاتي بأنّ مساعدته تقتصر على الماكينة الانتخابية ومن يستفيد من قاعدتهم الشعبية أو من أصواتهم، ليؤكد أنّ الرئيس بابه مفتوح للجميع وخدماته لكل من يحتاجها حتى لو كان ينتمي لتيار سياسي مختلف.

إقرأ أيضاً: إسلاميو طرابلس خائفون: هل قدّم الحريري تنازلات جديدة؟

وبغض النظر عن تيار المستقبل أو تيار العزم، إلا أنّ الشمال بكل مناطقه يعاني من عجز في الإنماء والإعمار وعن ضعف في المشاريع وفي استغلال الكفاءة عند فئة الشباب، فضلاً عن نسبة البطالة المرتفعة به ومزاحمة النازح السوري للقمة عيشه الأمر الذي دفع العديد من شبابه لتمزيق هويتهم اللبنانية والهروب بحراً نحو أوروبا بجواز سفر سوري.

من هنا تكون النتيجة أنّ ما قُدّم وما يٌقدم من خدمات، لم يحمل طابع الإنماء والإعمار وإنّما المحاصصة السياسية وشحذ التبعية، ولعلّ ما شهدته طرابلس في سنوات سابقة من جولات حرب انتهت بقرار سياسي هو خير دليل على إستباحة هذه المدينة وعلى تهميشها لتصفية الحسابات التي حوّلت فقراءها إلى خلايا إرهابية.

السابق
من هو «أبو طلحة» مفجر «برج البراجنة»؟
التالي
جمال سليمان: بشار الأسد اعترف لي بأنّ اسرائيل تحميه وتريده!