لماذا يذكّر حزب الله اللبنانيين بمشروع «الدولة الاسلامية»؟

كان لافتاً رفع نائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم من سقف الشروط والتوقعات، وصل به الأمر إلى المطالبة بإقامة مشروع الدولة الإسلامية في لبنان،فلماذا يأتي تصريح قاسم في هذا التوقيت؟ لا سيما مع كل الشعارات التي يرفعها الحزب في مواجهة مشاريع أسلمة الدول والمجتمعات وخصوصاً في سوريا.

للجواب على هذا السؤال لا بد من قراءة نتائجه السياسية وتوقيته السياسي، ووضعه في السياق الظرفي والحدثي من الناحية السياسية، لا سيما أن كلام قاسم يأتي بعد تصريح عالي النبرة تولّى إخراجه رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد ضد تيار المستقبل ورئيسه سعد الحريري، مانعاً إياه من العودة إلى لبنان. وإذا ما قرأ كلام قاسم ربطاً بمضمون كلام رعد، يمكن فهم مجرى الأمور، بأن الحزب يذهب نحو التصعيد لأنه غير جاهز لأي حلول في هذه المرحلة.

إقرأ ايضاً : «إعلان مضايا» الشيعي: ليس بإسمنا يا حزب الله

فمشروع الدولة الاسلامية ما زال من صلب ثقافة حزب الله وفقهه، وقد نشأ الحزب عليه، وبالعودة إلى مختلف الكتب التي تتناول الحزب ونشأته تشير إلى هذه الثابتة، حتى العودة إلى أرشيف مصوّر حول الحزب يشير قياديوه إلى هذا الامر، وثمة شريط فيديو يظهر فيه الأمين العام للحزب السيد حسن نصر الله يتحدث فيه عن مشروع إقامة الدولة الإسلامية، وعدم اقتناعهم بمبدأ الدولة المدنية.

حزب الله دولة اسلامية

وثمة رابط أكثر جوهرية ما بين موقفي قاسم ورعد، وهو الإطاحة بأسس الدولة اللبنانية ومرتكزاتها الدستورية، إذ أن رعد اعتبر أن الحزب لا يهمه شخص الرئيس بقدر ما يهمه كيف يتم انتخاب الرئيس وتبعات هذا الأمر الدستورية على المؤسسات، ورفض حصر المسألة بالشخص بل بالسلة المتكاملة وبما يتم تحصيله من خلال هذه الصفقة، في كلام رعد ثمة دلائل واضحة عن هدف الحزب إلى تغيير بنية النظام الأساسية.

إقرأ ايضاً : مضايا…تحاصر حزب الله

وهنا يتكامل مع موقف رعد موقف قاسم، إذ أنه حين يعتبر بأن حزب الله يريد دولة إسلامية في لبنان، يعني ضمناً وعلناً أن الحزب يريد تغيير بنية النظام، وطالما أن هذا الأمر لا يزال بعيداً في هذه المرحلة، لكنه يشي بأن الحزب يحضّر شيئاً ما، أو يريد إيصال رسالة معينة تتعلق في بنية النظام، خصوصاً مع تعطيله لكل المبادرات، وهنا لا بد من العودة في الذاكرة إلى طروحات الحزب السابقة، حول المثالثة، وتغيير إتفاق الطائف، وفي هذا السياق يصب هذا السقف المرتفع، بغية حصول إتفاق جديد بين اللبنانيين، يكون بمثابة أقل من طائف وأكثر من دوحة، وبذلك يكون الحزب قد حقق مكتسبات جوهرية في أساس بنية النظام، غير ذلك لا يمكن فهم تصعيد رعد ورسالة قاسم.

كثيرة هي الحقائق التي تظهر ان أوراق التوت التي يتغلّف بها حزب الله تتساقط واحدة تلو الأخرى، بدءاً من دخوله الحرب السورية، وصولاً إلى استخدامه سلاح التجويع والتهجير بحق أبنائها بغية تحقيق فرز ديموغرافي على أساس مذهبي، وربطاً بما يقوم به في لبنان لتعزيز مكانته الدستورية، عبر المطالبة بالمثالثة.

إقرأ ايضاً : شخصيات شيعية لبنانية تطلق «إعلان مضايا»

سقطت عن الحزب صفة المقاومة في سوريا، حربه الإبادية عبر التجويع نزعت عنه مفهوم نصرة المظلوم على الظالم وصفاته الكربلائية، وليست طروحاته في لبنان إلا دليلاً جديداً يضاف إلى دلائل سقوط إمبراطورية أوهامه، ليظهر أن الحزب غير قابل لأيّ عيش مشترك، لا بل ان مفهوم الدولة الإسلامية لم يغب عن باله، وإن لم يتحقق الآن فلا ضير بالنسبة إليه من العودة إلى مفهوم حلف الأقليات القائم على أساس مناطق النفوذ… وهذا ما يفعله بسوريا.

السابق
«إعلان مضايا» الشيعي: ليس بإسمنا يا حزب الله
التالي
عن المنار وفيلمها الهوليودي«مضايا»