ماذا تفعل هذه الطفلة السورية؟

مأساة الحرب السورية
إنها طفلة لم تتجاوز السادسة من العمر مرمية على أحد القبور الحديثة وتحفر بكلتا يديها القبر وهي تقول باكية: خلص طلاع ما عاد بدي ألعب طميمة طلاع أمانة...

أحزنني هذا المشهد كثيرا فاقتربت منها وإذ بوالدها يجلس على حافة قبر آخر والدمع ينهمر بصمت من عينيه وهو ينظر إليها دون أن يمنعها. حاولت حمل الطفلة وإبعادها عن هذا العمل لكنها أبت إلاّ أن تتابع ما تقوم به وهي تبكي… سألت والدها عن السبب فأخبرني والدمع يملأ عينيه والحرقة تعتصر قلبه. قال لي: “في ذلك اليوم أراد إبني أن يخرج من البيت لكن أخته هذه منعته من ذلك وهي متعلقة به كثيراً وكلما هم بالخروج قامت بالبكاء الشديد لتمنعه فما كان منه إلا أن لجأ إلى الخدعة معها.

اقرأ أيضاً: مشاهد حيّة تعبّر عن سريالية صارخة من الحرب السورية

فقال لها: يلا ما عاد بدي روح خلينا نلعب طميمة”… “فقبلت ولعبا سوية فهي تغمض وهو يختبئ وبعد مرات عديدة أغمضت عينيها واستغل الفرصة وخرج من المنزل… فتحت عينيها وبدأت بالبحث عن أخيها دون جدوى… وما هي إلا لحظات حتى رن جرس هاتفي ظاهراً عليه إسم إبني فتحت الخط فإذ بي أسمع أصوات ضجيج وصوت رجل غريب أخبرني بأن إبني قد استشهد برصاص قناص غادر… شيعناه في اليوم التالي فشاهدته إبنتي وهو محمول على الأكتاف، نادته فلم يستجب… فقالت لي: بابا وين آخدينو لأخي… قلت لها في حيرة: رح ياخدوه حتى يتخبى منشان تكملو لعبة الطميمة… فقالت: بس أنا ما عاد بدي إلعب… فقلت لها: بس هالمرة.

اقرأ أيضاً: تقرير مفصل عن قتلى الحرب السورية في 2015: 55 الفا من جنسيات مختلفة

وأثناء دفنه أغمضت إبنتي عينيها في حجري وقالت لي هامسة: يللا خلي يتخبى. لقد وضعناه في الحفرة ولفه تراب الوطن شهيدا بإذن الله وعدنا إلى البيت. ومن يومها تطلب منا إبنتي كل يوم أن نأتي إلى المقبرة لأنها تعرف أن أخيها قد اختبأ هنا وتقول: يا متخبي أحفير وطلاع”. ثم شهق شهقة أحرقت قلبي وقال لي: “والله ما عاد يطلع… ثم أجهش بالبكاء حتى احمرت عيناه وابتلت لحيته… فتركتهما وخرجت من المقبرة وأنا أردد في نفسي والدمع في عيني: يا متخبي احفير وطلاع… لا حول ولا قوة إلا بالله.

الحرب السورية
أطفال يلعبون أمام منازلهم في أحد أحياء حمص

*منقول عن الناشط السوري الحر أبو معاذ

اقرأ أيضاً: تفاصيل غرق الطفل «أيلان» كما رواها والده

 

السابق
الجبير:إيران تتبع أجندة طائفية
التالي
على طريق المطار:تمّ توقيفه بعدما قتلها خنقاً