حزب الله والتحديات الخمسة

تشييع

انهيار في حزب الله هكذا كتب موقع ميدل إيست بريفنج -21 ديسمبر الماضي -في إشارة إلى التبعات السياسية الاقتصادية العسكرية البشرية الجماهيرية وحتى الفكرية والأيدلوجية لتورط حزب الله في معركته الخاسرة واليائسة إلى جانب النظام السوري مع تواصل عودة النعوش الصفراء إلى لبنان وتآكل مكانة الحزب لبنانيا عربيا وإسلاميا مع انخراطه غير المجمل أو المموه في الحرب الطائفية التي تخوضها إيران في المدن والعواصم والدول العربية سعيا وراء حلم أو وهم الإمبراطورية.

ربما تحمل كلمة انهيار بعض المبالغة والمصطلح الادق هو تاكل تصدع تشقق فى صفوف الحزب وصورته وعلى كل المستويات كما قلنا سابقاً ،علما ان الموقع عرض لخمسة تحديات تواجه الحزب كلها تقريبا على علاقة مباشرة او مرتبطة بتورطه الى جانب النظام فى حربه المجنونة اليائسة والخاسرة ضد الشعب السوري.

– التحدي الاول ان يكون قادرا على الحفاظ على دعم قاعدته الشعبية بينما تستقبل القرى الشيعية جنوب لبنان يوميا صناديق تحتوى جثث ابناءهم للذين قتلوا فى سورية.

هذا ربما اصعب تحدى داخلى يواجهه الحزب حيث يتواصل تدفق النعوش الصفراء بشكل يومي مع احتدام المعارك البرية وتواصل انتشار الحزب على مناطق واسعة من سورية الشاسعة اصلا والامر هنا ليس عسكرى فقط بمعنى ان الحزب يخسر فى معركة مفتوحة لا افق او نهاية لها والاهم أن أمينه العام توقف حتى عند الحديث عن الانتصار كما كان يفعل فى بداية انخراطه العسكري في سورية وانما يتم الحديث عن تسويات تحفظ مصالح الحزب او حتى مصالح ايران فى سورية.

ماجد عزام

لعودة النعوش طبعا كلفة نفسية واقتصادية واجتماعية مع الاف الارامل واليتامى بكل ما يثيره ذلك من ضغوط على الحزب خاصة مع الازمة الاقتصادية واشتداد او تشديد الحصار الامريكي عليه وعدم خروج ايران حتى الان من ازمتها المالية علما ان تمويلها للحزب قد يؤدى الى فرض مزيد من العقوبات الامريكية ضدها غير المرتبطة بالملف النووي، والتى لا يستطيع الرئيس اوباما رفعها او حتى الحديث – مع رفض شديد فى الكونغرس – عن رفعها فى سياق تقاربه مع ايران ومحاولة تحقيق حلمه باجتذابها الى صف الولايات المتحدة.

-التحدى الثانى ادارة المعركة بفعالية على ارض غير مالوفة ودون وجود سابق علاقة مباشرة مع سكانها.

رغم اكتساب الحزب قدرات وخبرات قتالية لافتة الا انه فقد ما بين 1300-1500 عنصر مع خمسة الاف جريج تقريبا ما يعنى فقد ثلث قوته القتالية الحقيقية او نخبة مقاتلية على مستوى القتلى والجرحى والاهم انه حقق بعض النجاحات الجزئية فى المناطق المتاخمة للحدود مع لبنان ولكنه عجز عن تحقيق نجاحات فى مناطق قريبة نسبيا متل القلمون والزبدانى ناهيك عن البعيدة مثل درعا وحلب حيث يسقط اكثر مقاتليه وحتى ريف الاذقية وهو هنا فقد ليس فقط التفوق الاخلاقى مع انخراطه الى جانب نظام استبدادى مجرم وانما معرفته بالجغرافيا وأرض المعركة كما الدعم او الاحتضان الشعبي، وهي أهم اسباب تحقيقه للنجاحات اللافتة والمهمة فى مواجهة الاحتلال الاسرائيلى لجنوب لبنان.

– التحدى الثالث بناء علاقات خالية من الاحتكاكات مع ضباط جيش الاسد والقادة فى الميدان في حين يمتلك كل طرف وجهة نظر وعلاقات مختلفة ببيئة العمليات.

هذا صحيح ويكاد يكون غير ظاهر مع خلافات فكرية وعسكرية ونفسية هنا حيث خلفية الضباط العلوين خلفية علمانية-اقرب الى روسيا منها الى ايران والحزب- وهم ضباط فاسدون مرتشون منحطين اخلاقيا الاهم ان الاسد لم يعد يمتلك جيش بالمعنى الحقيقى للكلمة والعبء الاساس بريا على عاتق حزب الله والميليشيات الاخرى المدعومة ايرانيا ومع ذلك يصر ضباط الاسد على الاحتفاظ بالقيادة او بالكلمة العليا فى الميدان ويصر حزب الله على القتال بعيدا عنهم وهو امر مستحيل قياسا الى جهله او عم معرفته بالجغرافيا السورية كما لرفض النظام او بقاياه وضباطه لتفرد الحزب وقيادته المعركة البرية منفردا ومن هنا يمكن الاشارة الى امر مهم مفاده ان حزب الله ايران يرتاح اكثر الى شبيحة الدفاع الوطنى بينما ترتاح روسيا مثلا الى بقايا الجيش النظامى وتريد تقويته ودمج الشبيحة داخله وهو ما ترفضه طهران بشدة.

اقرأ أيضاً: «يا جدبة» حزب الله ما بيفرق عن إسرائيل

– التحدي الرابع الحفاظ على جاهزية الحزب وانضباطه التنظيمى الصارم رغم استنزافه فى سورية ليكون قادرا على صد والاستجابة لاى هجوم إسرائيلي مفاجىء اذا قرر الجيش الاسرائيلي تسوية حساباته فى جنوب لبنان.

وهذا امر يكاد يكون مستحيل ورغم امتلاكه لخبرات قتالية جديدة الا انه فقد خيرة قواته ونخبته القتالية والاهم انه مستنزف فى سورية ولا يستطيع مواجهة او خوض حرب جديدة مع اسرائيل وهو مكشوف شعبياً لبنانيا عربيا واسلاميا والاهم ان اسرائيل قد ترد عليه فى سورية ولبنان وقد تؤدى سيرورة الحرب الى سقوط النظام السورى نفسه وتبديد مقدرات وممتلكات واسلحة حزب الله مع تصرفه فى الفترة الاخيرة على اساس ان القضية المركزية له هي الدفاع عن النظام السورى ناهيك عن القيود الايرانية التي لا تريد أى تصعيد يبعثر اوراقها ويؤخر رفع الحصار عنها وهذا السبب تحديدا وراء عدم رد الحزب الجدى على الغارات والعمليات الاسرائلية المتواصله ضده وضد قوافله وقياداته خاصة فى سورية.

– التحدي الخامس الابحار سياسيا فى خضم الاهداف المناقضة بين الراعيين الاقليممين دمشق وطهران رغم ان الاهداف المتناقضة بين العاصمتين جزئية وغير ظاهرة للعيان خاصة فى ظل حاجة دمشق وانبطاحها امام ايران التى باتت متحكمة بالشان السورى الى ان جاءت روسيا ويمكن القول ان التناقض قد يحدث بين موسكو وايران حول حدود عملية التسوية وامكانية تخلى موسكو عن النظام اذا ما توصلت الى صفقة مع واشنطن والغرب او وجدت ذلك متناسبا مع مصلحتها بينما ربطت طهران وحزب الله مصلحتهم ببقاء النظام والتباين السياسي قد يظهر مع الوقت وهو ظهر جزئيا مع رفض موسكو القيام بعملية برية فى سورية وايكال المهمة لايران وحلفائها وهو ما أدى الى خسائر كبيرة فى صفوفهم والاهم انه اظهر وكأن موسكو هي اللاعب الاساس والمركزى في سورية وتتعاطى مع ايران والحزب بالضبط كما يتعاطى هؤلاء مع النظام وجيشه أي بمزيج من الفوقية التعالي والغطرسة.

– التحدي السياسي والاخير للحزب حسب الموقع ايجاد غطاء سياسي مناسب لتدخله فى سورية بموازاة الحفاظ على اكبر قدر ممكن من الدعاية التقليدية القومية المعادية لاسرائيل والمناوئة للطائفية.

هذا يختصر تقريباً كل التحديات وبكاد يكون مستحيل لان الحزب يخوض معركة طائفية بامتياز فى سورية وبات منخرط بقوة فى سياق الامبراطورية الفارسية فمن لبنان الى اليمن ومرورا بسورية العراق لا يمكنه ان يسترجع اى غطاء شعبي عربي او اسلامي كما الماضي والحقيقة انه بدد كل راس ماله وما استثمره سياسيا اعلاميا وفكريا خلال سنوات او عقود من المواجهة مع الاحتلال الاسرائيلى والاحتضان الشعبي اللبنانى العربي الاسلامي له رغم المحاولات السياسية والاعلامية لعزله وشيطنته وهي ابتعدت وانفضت عنه بعقلها ومزاجها الجمعي عندما غير طريقه وانطوى فى اطار حلف الاقليات المذهبي والدموي علما ان موقفه خلال حرب غزة الاخيرة فضح او كشف كل المعطيات السابقة وحقيقة تخليه عن القضية الفلسطينية لصالح القضية الجديدة المتمثلة بالدفاع عن نظام بشار الاسد فى معركة طائفية خاطئة وبالتأكيد خاسرة ولا أمل فيها.

مواجهة التحديات السابقة صعبة وتكاد تكون مستحيلة وتستلزم تغييراً فعلياً في القيادة السياسات الذهنيات والنهج، والانخراط ضمن استراتيجية وطنية دفاعية رادعة لاسرائيل لا تسمح باستخدام سلاح المقاومة الشريف في الداخل للبطش والاستبداد وتحقيق غايات ومنافع مذهبية وسياسية وصغيرة او فى الخارج للقتال الى جانب الميليشيات المذهبية الطائفية ورموز الاستبداد وبقايا الفلول وبلطجية الثورات المضادة.

(عربي 21)

السابق
صور مجنونة ومسلية للأطفال
التالي
بهية الحريري: مبادرة سعد لا زالت موجودة