هل ينجح «حزب الله» في «عرسلة» مجدل عنجر؟!

خلال الأسبوعين الماضيين، شنّت أبواق "المقاومة" و"الممانعة" هجوماً عنيفاً على أهالي بلدة مجدل عنجر، على خلفية استقبال هؤلاء لأبطال مدينة الزبداني، الذين خرجوا مرغمين من ديارهم في صفقة ترحيل قسرية.

“هكذا استقبل أهالي مجدل عنجر (إرهابيي الزبداني)”، كانت العبارة الأكثر رواجاً على شاشات “المنار” والـ “أو تي في” وصفحات “السفير” و”الديار” وغيرهم من القنوات والصحف والمواقع الإلكترونية الموالية لنظام الأسد، هذا إلى جانب عشرات الضيوف والمقالات التي تنتقد البلدة البقاعية، في محاولة خبيثة لإلصاق تهمة “الإرهاب” بها، لمجرد أنها انتصرت للمظلومين.
هجوم أدوات تحالف الثامن من آذار على مجدل عنجر ليس جديداً، فالقرية وكما أخواتها البقاعيات وتحديداً عرسال وسعدنايل، تعرضت طيلة السنوات العشر الماضية لحملات تحريض وتشويه كثيرة، بعضها روّج لـ “الإرهاب” على غرار ما حدث يوم قَتَل جهاز المخابرات في العام 2004 إسماعيل الخطيب (أحد أبناء البلدة) بدعوى انتمائه لتنظيم “القاعدة”، متناسياً أن تهمة الانتماء لـ “القاعدة” (إن صحت)، لا تبرر بأي حال من الأحوال قتل سجين بالصعق الكهربائي والضرب والتعذيب وإطفاء أعقاب السجائر في جسده.

إقرأ أيضاً: #مضايا: «صورة المقاومة» يا حزب الله؟ صورة المقاومة؟
وبعد نحو 4 أعوام على تلك الحادثة، وتحديداً خلال غزوة أيار “المجيدة” على ما ذهب إليه أمين عام “حزب الله”، لم يعد هناك من وجهة نظر هذه الأبواق ومن خلفها غالبية أجهزة الدولة، مسلحين في لبنان سوى شباب مجدل عنجر، كما لم يلحظ هؤلاء إقفال طريق المطار، وكل الطرقات الأخرى، بل جلّ ما تذكروه هو طريق المصنع.
ورغم “انتهاء الأزمة” مع توقيع اتفاق الدوحة، إلا أن المضحك المبكي أن مفاعيل ذاك الاتفاق شملت مسلحي “حزب الله” وحركة أمل والحزب القومي ممن ارتكبوا الجرائم وسفكوا الدماء، ولكنه لم ينسحب على عشرات الشبان “المجدلّيين” (السنّة)، الذين داهمت القوى الأمنية منازلهم، وأودعتهم السجون تحت ذارئع وحجج مختلفة (بمحاكمات ومن غير محاكمات)، على أن الدافع الرئيس لكل تلك الاعتقالات، كان حمل السلاح في أيار (وإن لم يُستخدم)، وإقفال الطريق الدولية بين دمشق وبيروت عند نقطة المصنع.

مجدل عنجر
وبين العامين 2008 و2013 وقعت سلسلة أحداث أمنية متفرقة، منها ما أسفر عن قتل شبان من القرية بزعم أنهم مطلوبون للعدالة، ومنها ما أدى إلى مداهمات عشوائية، وفرض قيود أمنية على مداخل ومخارج مجدل عنجر، وكأنها “باتت تشكّل الخطر الأكبر على الأمن القومي اللبناني”!

إقرأ أيضاً: من هم كوادر حزب الله الـ12 الذين وضعتهم السعودية على لائحة الإرهاب؟
التضييق الكبير في ذلك الوقت، دفع أهالي البلدة إلى تشكيل وفد لزيارة سعد الحريري (كان آنذاك رئيساً للوزراء) من أجل المطالبة بتغيير قائد المنطقة العسكرية، لما لمسه هؤلاء من محاولات مفضوحة للإيقاع بينهم وبين عناصر الجيش، بيد أن زيارتهم لم تفلح في تحقيق النتائج المرجوة.
وحملة الردح الأخيرة عن “إرهابيي الزبداني” واستقبالهم بالوردو من قبل أهالي مجدل عنجر، تصب في نفس النهج الهادف إلى النيل من البلدة البقاعية عقاباً لها على خياراتها السياسية بتأييد تيار المستقبل (العميل)، والوقوف إلى جانب الثورة السورية المدججة بـ “التكفيريين” الذين يموتون جوعاً وقهراً منذ خمسة أعوام على يد جيش الأسد، وعناصر “حزب الله” والميليشيات العراقية والإيرانية والأفغانية.
ولكن أبعد من دعم “المستقبل” والثورة السورية، ثمة فرضية تقول بأن “حزب الله” يحاول من خلال أذرعه الإعلامية المختلفة، وبعض أدواته المندسة في صفوف الأجهزة الأمنية، إبقاء مجدل عنجر في دائرة الاتهامات والفبركات الممنهجة تمهيداً لـ “عرسلتها”، أي جعلها عرسال ثانية محاصرة ومستهدفة ومعاقبة من كل الجهات والأطراف.

إقرأ أيضاً:بالفيديو: أسرى حزب الله يروون تفاصيل مهمتهم في ريف حلب
سعي الحزب الحثيث لتطبيق سيناريو “العرسلة”، يهدف إلى تطويع وقصر تحركات مجدل عنجر الحدودية (تتمتع بموقع استراتيجي) على رد الفعل دون الفعل، إذ إنه يخشى أي تصعيد ميداني من قبل أهالي البلدة، قد يؤدي إلى إغلاق معبر المصنع الرئيسي أمام عناصره الذين يعبرون الحدود يومياً بمواكبة الأجهزة الرسمية … لقتل السوريين على طريق تحرير القدس!

السابق
لبنان على موعد مع منخفض جوي جديد
التالي
في جبشيت الجنوبية.. تسجن أطفالها وتعود معه عند الثالثة صباحاً!