التصعيد السعودي_الإيراني: هل يبقى لبنان بمنأى؟!

في ظل توتر العلاقات السعودية-الإيرانية والأجواء المتشنجة بين الأطراف في الداخل اللبناني يبقى السؤال: كيف سينعكس التوتر السعودي – الإيراني على لبنان؟ هل ترحّل مشاريع الحلول سيّما الاستحقاق الرئاسي وعمل الحكومة؟ وهل ستؤدي هذه الأزمة إلى قطع الحوار القائم بين حزب الله وتيار المستقبل؟ وهل سيجلس حزب الله مع أتباع آل سعود؟

بعد التصعيد الأخير على محور العلاقة السعودية – الإيرانية غداة إعدام السلطات السعودية الشيخ نمر باقر النمر وما تلاه حرق للسفارة السعودية في ايران، وقطع  العلاقات الدبلوماسية بين الدولتين اللتين تعدان قطبين أساسيين في المنطقة والجوار. بات من الصعب الحديث عن بقاء لبنان بمنأى عن هذه التطورات الخطيرة. وكان خطاب الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله أمس،  فاتحة لردود  تصعيدية من قبل تيار المستقبل. وهذا ما  بدوره يؤكد حجم  التأثير الخارجي على مسار التطورات اللبنانية.

 

لا يختلف إثنان على أن أي تسوية في لبنان ترتكز على تفاهم بين إيران والسعودية وهذا ما أنتج رئيساً للجمهورية في العام 2008 وتشكيل حكومة الرئيس تمام سلام عام 2014. وبالتالي توزع القوى السياسية بين هذين المعسكرين وفي ظل هذا التوتر الحاصل جعل من المبادرة الحريرية شبه معدومة وأبعدت إلى  أجل غير مسمى.

 يرى  مراقبون أن عهد الملك سلمان يختلف عن الملك عبدالله إذ تحوّلت المملكة من سياسة التفاهم إلى لغة الحزم بالتعاطي مع ايران  وإعدام الشيخ النمر هو بمثابة رسالة واضحة”.

وبحسب المراقبين، فعلى الرغم من الهجوم الشرس الذي شنّه نصرالله على السعودية أمس، حذّر من الإنزلاق نحو الفتنة. وهذا دليل على أن إيران حريصة على ابقاء العلاقات مع السعودية ولكن على طريقتها لا سيما انها تجانب أي مواجهة مباشرة مع السعودية لأنها ستكون بمواجهة محيط عربي واسع. وهذا ما بدأ يتبلور على الصعيد الدول الخليجية بقطع العلاقات الدبلوماسية مع إيران.

 كما رجّح  مصدر سياسي لـ” جنوبية” أن التصعيد سيزيد في الأيام المقبلة وسيترك تأثيرات سلبية على الساحة الداخلية لا سيما الملف الرئاسي، والذي سيؤخر أي تقارب أو تفاهم داخلي حول انتخاب رئيس». ولم يستبعد المصدر” أن يستغل هذا الوضع من قبل التنظيمات المتطرفة بتفيذ عمليات ارهابية في أماكن تحت سيطرة حزب الله وكذلك في محيط السفارات لإشعال الفتنة”.

إقرأ أيضًا: إيران تتصرف كما لو أنها وصية دولية على الشيعة

 وقد رأى عضو هيئة التنسيق في تجمع لبنان المدني الدكتور حارث سليمان أن “أي إمكانية لتسوية رئاسية أصبحت مستبعدة”. وفيما يخصّ الحكومة رأى أنه ” لا يوجد امكانية لترحيل الحكومة، بل إن وضعها مجمد وسيبقى على حاله”. كما تصوّر سليمان أن “هذا الوضع إما سينجم عن حراك داخلي لخلق مناخات من التفاهمات أو ممكن أن بيدي إلى شلل”.حارث سليمان

 وبالتالي إعتبر أن مستوى هذا التوتر لا قيمة له ولا يعوّل عليه وليس بمفصل هام تنطلق منه أحداث كبيرة وهو لن يغير شيئاً بموازين القوى”. لافتًا إلى أن ايران وحزب الله يستخدمان حادثة اعدام الشيخ النمر لتأجيج المشاعر الطائفية فقط. وأن أي تصعيد من  حزب الله وايران سيكون نتيجة تخطيط مسبق ولن يكون ردّة فعل”.  وعن الوضع الأمني في لبنان  لفت سليمان إلى أنه يرتبط بالتطورات السورية وفي حال حدوث أي اضطراب أمني سيكون متعلق بالملف السوري وليس بالملف الايراني السعودي”.

 وفي الإطار نفسه، أكّد القيادي في تيار المستقبل والنائب السابق مصطفى علّوش أن “الكرة بملعب حزب الله وايران بتحييد لبنان أو تعقيد الأمور”. واعتبر أن “هذا الوقت الأكثر حاجة للحوار بين المستقبل وحزب الله لتحييد البلاد عن الصراعات. ومصير النائب مصطفى علوشالحوار يرتبط برغبة الطرفين”.

وعلى الرغم من  أهمية الحدث رأى علّوش أنه لن يغير شيئاً على الصعيد الداخلي وفيما يتعلّق بملف الرئاسة إعتبر أن حزب الله وايران بوجود هذا التوتر وعدمه لا يريدان رئيساً إلا بعد توضح المشهد السوري”.

إقرأ أيضًا: لماذا لم ننتبه أن عبد الناصر سنّي والشّاه شيعي؟

وبإنتظار، أن تتضح معالم هذا التوتر الايراني- السعودي لم يستبعد مصدر سياسي أن يكون التصعيد مفتوح على مستويات عديدة، خاصة وأن حزب الله يتولّى الدفاع عن مصالح ايران في لبنان والمنطقة. ففيما صرّح بالأمس السيد الخامنئي أن الانتقام سيكون إلهياً من السعودية تولّى السيد نصرالله الرد بقسوة. وعلى الرغم من أن حزب الله في وضع لا يحسد عليه راهناً، خاصة في مسألة العقوبات المالية إلّا أنه مرغم بقيام بدوره وهذا يبقى منوطاً بما تريده إيران، إلا أن مصادر “جنوبية” تشير إلى إمكانية إبقاء الساحة اللبنانية حالياً بمنأى عن أي تصعيد غير عادي.

السابق
المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى
التالي
الفرز المذهبي الحاد وتغيير ديموغرافيا الدول وحدودها