«الزبدانيون» يخوضون معركة الأمعاء الخاوية و«الجوع» في مضايا

بعدما أمطروا بصواريخهم وبراميلهم مدينة الزبداني لأنّ «طريق القدس تمرّ عبرها» ها هم اليوم يجوعون أهلها ويحاصرونهم بالألغام والصواريخ لأكثر من أربعة أشهر، الى أن وصل وضعهم الى أكثر من مأساوي، فهل باتت طريق القدس تمرّ عبر أمعاء المدنيين الخاوية؟

يتفاقم الوضع الانساني في سوريا ليصل الى ذروته في بلدتي مضايا وبقين اللتين تقعان غرب مدينة دمشق، حيث يقطنهما حوالي 49 ألف مواطن سوري بين لاجئين من بلدة الزبداني، وسكان أصليين، محاصرين من قبل الجيش السوري وعناصر حزب الله منذ بداية تموز الماضي.

إقرأ أيضاً: «حي الوعر» مثال عن التهجير الطائفي الممنهج لقيام «سوريا المفيدة»
هذا الحصار التجويعي الذي يتعرض له أبناء مضايا وثّقه ناشطون بصور أظهرت للعالم الوضع الإنساني الخطير الذي يعاني منه أبناء هذه البلدات. أطفال ورجال وشيوخ يموتون ببطء بسبب النقص الحاد في المواد الغذائية والطبية بينهم 850 طفلا رضيعًا مهدّدين بالموت نتيجة عدم توفر حليب الأطفال في الأسواق منذ أشهر، حتى باتت أشكالهم شبيهة بالهياكل العظمية، الوضع المأساوي والكارثي وصل إلى حدّ تسجيل أول حالة ذبح للقطط لأكلها منذ 5 أيام في مضايا..هي مشاهد لم نعتد عليها في دول العالم العربي حتّى في أوج الصراع العربي – الإسرائيلي والحصار الذي فرضه العدو أكثر من مرّة على قطاع غزّة.

شاهد ايضاً: فيديو «يدمع العين»: عن حصار مجموعة لحزب الله في الزبداني
وبحسب مصدر مطلع شرح لـ«جنوبية» أنّ «الحصار على مضايا وبقين يعود إلى بداية تموز 2015 عندما اشتدت المعارك في مدينة الزبداني بعد هجوم عسكري كبير شنّه الجيش السوري وحزب الله لاستعادة المدينة التي يسيطر عليها المعارضون،نزح أبناء الزبداني الى منطقة بلودان، إلاّ أنّ الجيش السوري أجلى أبناء الزبداني من بلودان وقام بتجميعهم في مضايا، حيث فرض عليها حصارًا تجويعيًا للضغط على المعارضين المسلحين للإنسحاب من مدينة الزبداني وتسليمها الى النظام وحلفائه».

الزبداني
وعلى الرغم من اتفاق ادخال المساعدات الغذائية إلى المحاصرين، إلاّ أنّ أولى المساعدات وآخرها التي دخلت إلى مضايا من قبل الأمم المتحدة كانت منذ حوالي الأربعة أشهر، ولكن أغلب المواد الغذائية كانت فاسدة حينها، ومن ثمّ توقفت المساعدات حتّى وصل الوضع في البلدة الى انعدام وجود المواد الغذائية، واحتكارها من قبل عناصر في الجيش السوري فقد وصل سعر كيلو البرغل الى 450 $ مما أدّى إلى امتصاص السيولة بين المدنيين، حتى باتوا يأكلون الأعشاب وأوراق الشجر والقمامة وصولاً الى ذبح القطط والكلاب.


الزبداني
أكثر من مئة حالة إغماء وإعياء يومية نتيجة سوء التغذية وعدم تناول الطعام أياما متتالية، ومعدّل الوفاة وصل الى 3 مواطنين في اليوم بسبب الجوع والمرض، حتّى عندما يحاول أي شخص الخروج والمخاطرة بحياته لتأمين الغذاء يواجه إمّا بنيران قوات الأسد وحلفائه أو بالألغام المزروعة من قبل النظام مما أدّى إلى تكرار حالات سقوط قتلى وجرحى من الباحثين عن الطعام.
«إنّها جريمة حرب موصوفة، يجب أن يحاسب عليها القانون الانساني الدولي» هكذا يصف مدير مؤسسة لايف الحقوقية نبيل الحلبي ما يحصل في مضايا وبقين، وأضاف في حديث لـ «جنوبية» عن أسباب تأخير دخول المواد الغذائية والطبية الى المحاصرين أنّ «البيروقراطية في الأمم المتحدة، والدخول في فترة الأعياد مع وجود الدبلوماسيين في عطلة الى العاشر من كانون الثاني أدّى الى تأخر إدخال المواد الغذائية والطبية».

إقرأ أيضاً: الزبداني باب معركة القلمون.. الثوّار أبعدوا حزب الله عنها
ورأى الحلبي أنّ «الحصار التجويعي الذي يتعرض له أبناء بلدات سورية المختلفة في مضايا وبقين ودوما والمعضمية لم تحصل في المنطقة من قبل، وهي جريمة موصوفة لا تسمح بها القوانين والأعراف في المعارك والحروب، خصوصًا أنّ كل المحاصرين هم مدنيين فقط وغير مسلحين، هي عملية انتهاك للقوانين الدولية عبر محاصرة لاجئين ومدنيين، يرتكبها النظام السوري وحليفه وعلى المجتمع الدولي أن يتحرك لفك الحصار عن هذه المناطق».

الزبداني
وفي هذا الإطار وضع مراقبون ما يتعرض له أبناء مضايا والزبداني في خانة انّه جزء من المخطط التهجيري الديمغرافي من أجل «سوريا المفيدة»، فالغذاء مقابل التهجير، بحسب الحلبي الذي أضاف «منذ ثلاثة أيام وزّع النظام منشورات في دوما والمعضمية يقول فيها للمدنيين إن أردتم الطعام فعليكم الوصول الى حاجز للجيش النظامي وعدم العودة الى بلداتكم، إذًا هو جزء من التهجير القسري لإفراغ البلدات السنية من سكانها الأصليين، وللضغط على المعارضة المسلحة لتسليم المناطق التي تسيطر عليها».

إقرأ أيضاً: «حزب الله» يتوعد الزبداني بمصير القصير
هكذا، واستكمالاً للبراميل المتفجرة والصواريخ والقذائف التي سقطت على بلدة الزبداني والتي خلفت وراءها الدمار والقتلى والجرحى والتهجير، يصعد النظام بطشه ضدّ الاهالي والنازحين من الزبداني في بلدتي مضايا وبقين ويستهدفهم بالحصار والتجويع من أجل استكمال مخطط التغيير الديمغرافي في المنطقة، والسيطرة على البلدات المواليه للمعارضة وسط صمت دولي معيب.

السابق
حزب الله: مجموعة الشهيد القائد سمير القنطار قامت بتفجير عبوة ناسفة مجموعة اسرائيلية مؤللة
التالي
بالفيديو: الطفلة التي أبكت الملايين بـ«أعطونا الطفولة» تغني أمام أسماء الأسد