إعدام الشيخ النمر: حلقة طبيعية من حلقات الإسلام السياسي

كل يوم يقدم المسلمون بشقّيهم السني والشيعي دليلاً جديداً عن تخلّفهم وعن مدى رجعيتهم، وما تشهده بلادهم في هذه المرحلة من اقتتال وحروب دامية يذهب ضحيتها كل يوم عشرات بل مئات من الضحايا الأبرياء يبقى الدليل الأعظم على ما ندعيه، وفي هذا السياق عينه تندرج عملية إعدام الشيخ الشيعي المعارض في المملكة العربية السعودية .

بغضّ النظر عن رأينا القائل بأنّ التصفية الجسدية لأيّ معارض سواء بالحكم القانوني أو من خلال عمليات الإغتيال التي نشهدها بشكل شبه يومي في عرض بلادنا وطولها هو عمل إجرامي ومدان أشدّ الإدانة ومستنكر أشدّ الإستنكار، إلاّ أنّ مقاربتنا هذه لا قيمة لها في ظلّ انتشار ما يسمى بالإسلام السياسي أو بالعبارة الأدق اختباء الأنظمة المستبدة خلف هذا الإسلام .

إقرأ أيضاً:السيد نصر الله: اعدام الشيخ النمر يحمل رسالة سعودية بالدم للعالم العربي والاسلامي
وهنا بالخصوص تكمن الإشكالية بحيث يصبح من غير المنطقي لمن يتمسك بأحكام فقهية متخلفة عمرها من عمر التخلف ويمارسها هو على أنّها أحكام إلهية أن يعترض على آخرين يشربون من نفس المنبع ويمارسون نفس الأحكام الإجرامية، لأنّه بذلك إنّما يكون بين أمرين لا ثالث لهما، أما القول بأنّ الإسلام مع حق الإعتراض وضمان حرية أيّ معترض، مهما كان حجم الإختلاف معه، وبالتالي عليه هو أن يمارس قبل غيره هذا السلوك، وحال الإمتناع كما هو حاصل فلا مبرر حينئذ للتسمي بالإسلام والإدعاء بحمل رايته، وأما القول بأنّ الإسلام يعطي الحاكم والولي حق الإقتصاص من الخارجين عليه ” المعارضين ” وبالتالي فإنّ انتقادهم لإعدام الشيخ النمر يكون بلا أيّ مسوّغ شرعي.

نمر النمر
طبعاً نجد لازماً علينا ها هنا التأكيد مرة جديدة برفضنا القاطع وتسجيل اعتراضنا على المساس بحرية المعارضين السلميين فضلاً عن المساس بحياتهم ، وما نرمي إليه من الإشارة إلى أصل المشكلة في عالمنا الإسلامي ليس هو من باب التبرير ولا يدخل حتماً بالمزايدات السياسية الرخيصة، فضلاً عن المزايدات المذهبية البغيضة والتي إنّما نعتبرها علّة العلل في ما هو عليه مجتمعنا من تدهور وانحطاط .

إقرأ أيضاً:إيران تتصرف كما لو أنها وصية دولية على الشيعة
إنّ ما فعلته السعودية بحق المعارض الشيخ النمر هو تماماً ما تقوم به إيران بحقّ أيّ معارض يمكن أن يشكل هو الآخر خطراً على نظامها، وهو تماماً ما كان ليقوم به الشيخ النمر نفسه بحق معارضيه لو قدر له أن يستلم زمام الحكم في السعودية.
إنّ إعدام الشيخ النمر ليس هو حالة استثنائية في سياق تاريخ المنطقة وحاضرها، بل على العكس تماماً فإنّ ما يجري بسوريا مثلاً هو إعدام يومي لشعب بأكمله، جريمته الوحيدة أنّه طمح إلى الحرية وقرر التخلص من حكم ظالم ومستبد، وإنَ الجرائم التي ترتكب بحق الشعب السوري فإنّها تنال هي الأخرى مباركة ودعم وتأييد من إيران الإسلام ومغطى كل هذا بفتوى شرعية قائمة هي الأخرى على مباني “شرعية ” لا تختلف كثيراً إن لم نقل تتطابق مع نفس المباني “الشرعية ” لفتوى إعدام الشيخ النمر مع فارق وحيد هو هوية الجهة المنفذة ليس إلاّ .

ايران والسعودية غداة اعدام النمر: لا نرغب في التصعيد
وفي الختام يجب القول وبشكل صريح وواضح، إذا لم يتم نسف وتهديم ما حُمّل به الفكر الإسلامي من إحكام وفتاوى تتعارض مع كل ما هو فكر إنساني حداثوي أنتجه البشر من خلال تراكم معرفي لا يتعارض البتّة مع جوهر الإسلام الداعي للحرية والعدالة والمساواة ، فإنّنا لن نخرج مطلقاً من دوامة الدم والدمار والتعصب، وستبقى أنظمة الاستبداد على الضفتين السنية والشيعية تجد لها على الدوام عباءة دينية ترتديها من أجل تحقيق مصالحها وأهدافها السياسية باسم الدين والتدين، ليكون بعد ذلك إعدام الشيخ النمر أو غيره ما هو إلا حلقة من حلقات هذا الإسلام السياسي .

السابق
اعدام الشيخ النمر في صراع النفوذ بين وليّي العهد
التالي
الجيش السوري وحزب الله يتكبدان خسائر في برج القصب