ما بين الموازنة السعودية وتجفيف مصادر تمويل حزب الله

في قراءة متأنية لأرقام موازنة وزارة المالية السعودية المنشورة على المواقع الإلكترونية للعام 2016، فإنك من دون شك ستلحظ إنخفاضًا واضحًا في حجم الإيرادات والسبب بطبيعة الحال عائد بمعظمه إلى انخفاض سعر النفط، المصدر الرئيس لخزينة المملكة، وستعلم مع نسخ نظرك للسطور التالية أنها وضعت خطة لدعم الموازنة تسهم في تغطية الفارق بين الإيرادات المتوقعة والنفقات.

بالتوازي تجد أنّ الوزارة خصصت 25% منها (أي ما يقارب ال 57 مليار دولار) للأغراض الأمنية والعسكرية العائدة لوزارات الداخلية والدفاع والحرس الوطني، اضافة الى رئاسة الاستخبارات العامة، ورئاسة الحرس الملكي، وللدراسات الإستراتيجية والأبحاث التي تخدم قدرتها على مواجهة التحولات الكبرى الدولية والتطورات الإقليمية.
هذا ما يشكل مع غيره من المؤشرات صورة واضحة عن السياسة االتي تعتزم المملكة السير بها في الاعوام المقبلة عبر إدارة بدأت تتوضح معالمها ترسم وتعد السياسات الدبلوماسية، الامنية، العسكرية، الإقتصادية، والإجتماعية بطريقة نوعية متخصصة وخطوات ثابتة تؤسس لمشاريع مستدامة لا تتأثر بالتغييرات الفجائية سواء الداخلية منها أو الخارجية، وهي خطوة ينظر إليها كثيرون بإهتمام بالغ نظراُ للقدرة التي أظهرتها هذه الإدارة في التعاطي مع ملفات جد شائكة ومعقدة في وقت قصير نسبياً وفي زمن التبدلات السريعة والمتسارعة المعدّ لها مسبقاً من قبل أنظمة خطرة محنكة ومتمرسة، صاحبة تاريخ وحضارة متجذرة تحمل أبعاد قومية وأخرى دينية ومنها أنظمة بصفة امبراطورية قوية لديها مطامع سيطرة إقتصادية تعتبر العالم سوقا مفتوحًا ومنبسطًا، فريدا لا مثيل لعظمته في تاريخ البشرية.

إقرأ أيضاً: الرئاسة لدى حزب الله: جزء من سلّة التسوية الإقليمية

في المقابل وفي مشهد يتكرر ترى الطاعة متجسدة في السجود والإنحناء والركوع والطواف الذي يمارسه رؤساء المعابد المالية وكهنتها وهم يحجون إلى كعبتهم، يؤدون طقوسهم، ويجددون محرمين إيمانهم، يتأملون الرضا، يعودون كما خلقتهم أمهاتهم أول مرة راضين مرضيين، يحرمون مالا مغموساً بالدم ويحللون مالاً مغسولاً بالدم، وكأنه فاتهم أن مال المعبد حيث هم يحجون قد جمع بالأصل من حرام، من أصحاب الأرض الحمر الأصلين، من دم نيكارغوا والبيرو، من أرواح البارغوي وبنما، من آهات هندوراس وهايتي، من أنين السلفادور وفيتنام، من صراخ تشيلي وعذابات كامبوديا، من الإنقلابات الدموية التي دعمتها في كوبا واندونيسيا و السلفادور و كوريا الجنوبية و قادتها بنفسها في العراق والصومال ويوغسلافيا و جنوب السودان وتغاضت عنها ببرودة غير موصوفة في فلسطين وقبلاً كانت لها اليد الطولى في الفلبين، و لا يمكن بأي شكل من الأشكال أن تنسى المخلوقات قنبلتها النووية على الأراضي اليابانية. فهذه العشوائية الفوضوية في ذكر الدول لم تفرضها التهيؤات الخيالية بل فرضتها كثرت التجاوزات التي ارتكبتها و أكثرت فيها الطلب إلى الناس تقديم الأضاحي لها بعد أن عظم أمرها. فالمسألة إذاً و بنفس المنطق ما عادت في المال الملطخ أو المغسل، هي قصة فصولها تختصر حكاية طاعة الاقل عنفاً للأكثر قهراً وتسلطاً ونفوذاً، صاحب الهيبة المفروضة بالقوة المكتسبة.

إقرأ أيضاً: نصرالله ينتقد الخامنئي!؟
حزب الله كما كان في سالف الأيام، فقد دخل مرحلة تجفيف مصادر تمويله، وهو في هذه المعمعة منذ ما يقارب الخمسة عشر عاماً أي بعد العام 2000، لكنه لأسباب نجهلها وقد يكون هو نفسه يجهلها لم تصلنا اخبارالمواجهات المالية الشرسة التي تسببت له بخسائر فادحة، لم نسمع أو نشاهد تلك المواجهات من قبل فلربما هي لم تدخل إلى مطبخ الأخوة في القيادة (كما يحلو للسيد أن يسميهم) إلا متأخرة لأنهم بالحد الأدنى لم يطلبوا إلى السيد حينها بالبوح عنها أو تحليلها كما فعلوا وفعل في مقابلته المتلفزة الأخيرةً. حزب الله من دون أدنى شك يعرف خطورة الحرب القادمة، ويعرف أنها قد تكون عليه قاضية، فالميدان مليء بالجيوش الكاسرة، وهو لذلك يحاول جاهداً تدارك مخاطرها، لكن عبثاً يسعى فأسلحة المواجهة التي يمتلكها متفسخة والأوقات التي حددت له للمواجهة جداً محرجة تتطلب معجزة تفوق قدرات رجال الله المقاتلة، مفاتيحها أبوابها عالية، تتطلب قدرات مالية هائلة لم تؤمنها بعد فتوحاته وإيران الناقصة.

إقرأ أيضاً: حفلات رأس السنة بلا سوّاح… ونجوم الغناء الى الخارج…‏
بمنطق الأشياء أنها عندما تطول تلتوي، وكذلك هو الزمن لا بد وأن ينتهي، الفاسد لا يعجبك يوماً أو يفاجئك أنه فانٍ، هي معادلة لا بد وأن تفرض على الأشخاص الطامعين في البقاء، فك شيفرته بصمت.

السابق
مصارف لبنانية تغلق حسابات نواب حزب الله
التالي
عن التسامح «المغيّب» في الاسلام!‎