كميل سلامه في «إنجازات حياة» كوميديا على حد الوجع

مسرحية كميل سلامة

موجود وفاعل في «من قطف زهرة الخريف»، «طرة نقشة»، «بيت خالتي»، «لعبة قمورة»، «تحت رعاية زكّور»، «أوبة خالتي»، «صانع الأحلام»، مدينة الألوان»، «طالع نازل»، «غدي»، «عكّر» عدا السهو والغلط والتوثيق الناقص. موجود وفاعل كاتباً ومخرجاً وممثلاً. موجود في الحركة المسرحية منذ أربعين عاماً (ونيّف) وفي السينما الجديدة وفي المهرجانات وفي الحاضر وفي الذاكرة. آه من الذاكرة التي لا يقفز على سطحها سوى «عشرة عبيد زغار» للطيفة ملتقى (وأنطوان بالطبع). تماماً كمن يقفز إلى رأسه إسم جبران عندما يُسأل عن كاتبه المفضل، وتستتبع الإجابة بالكتاب المفضّل ألا وهو كتاب «النبي».
كميل سلامة أتتذكرونه في عشرة عبيد زغار؟ ومن لا يذكره؟ طبعاً تتذكرونه وها هو شخصياً على المسرح يحتفي بتكريمه بجائزة life achievement award. يقف بتواضع خلف منصة ليلقي كلمة موجزة لمناسبة حصوله على هذه الجائزة عن مجمل مسيرته والبارز فيها كما لا يُخفى على أحد دوره في «10 عبيد زغار».
يؤدي سلامة دور الراوي. يروي إنجازاته الكبرى المختصرة بمحطات ثلاث الجامع بينها المستشفى: الأولى ولادته في المستشفى لانشغال القابلة القانونية بأمور أخرى. المحطة الثانية إجراؤه عملية جراحية (الزائدة الدودية) في منتصف العمر والمحطة الثالثة دخوله إلى المستشفى مرة أخيرة وهو على مشارف الإنتقال إلى الآخرة. يلعب دور سلامة من الطفولة إلى باب القبر (بعيد الشر عن قلبو) فؤاد يمين. أما باقي الممثلين فلعب كل منهم عدة أدوار، وتميّزت جيزيل بويز في دور الممرضة نظيرة «المسترجلة» السادية الفجة.
في المحطة الأولى، تناول سلامة بأسلوب سلس ومرح أول إنجاز حققه وهو مجيئه إلى هذه الحياة وعلاقته الأولى كوليد سباعي بالحاضنة الزجاجية والأم (إستير كامبل) والجدتين (جيزيل بويز ولارين خوري) في مشاهد طريفة وحوارات رشيقة مستقاة من ذاكرة ولد سعيد يراقب ويسجّل.
يتصاعد الحس الكوميدي في المحطة الثانية حيث يدخل الممثل إلى المستشفى لإستئصال الزائدة الدودية (تُستأصل من مؤخرته) فتتوالى المواقف المحرجة من إلباس الممثل الروب التقليدي تحت نظر الممرض (أدون خوري) المتلصص على مؤخرات الرجال، إلى إلحاح نظيرة على مريضها بالسؤال «شو هوّيت؟» من دون أن ينسى الكاتب التصويب على ثقل دم ذوي شريكه في الغرفة. إحتفى الجميع بالمريض لحظة اكتشفوا أنه أحد أبطال «عشرة عبيد زغار» متجاهلين أوجاعه والمغص الذي يكاد يقتله قبل أن يطلق ذاك الفص المدوي.
بين مشهد وآخر يتدخل سلامة، المتفرّج على ذكرياته وإنجازاته ليطالب بالمزيد من الوقت لاستكمال شريط الإنجازات بمحطة ثالثة في المستشفى وهو في التاسعة والثمانين. هنا يصل سلامة إلى قمة السخرية والوجع في حوار مع عجوز مثله (يؤدي الدور داني بستاني الذي لعب أيضا ببراعة دور المختار والطبيب) يحدثه عن النفق الأبيض والنهاية الحتمية، كبر الممثل وتقاعد ولم تتقاعد نظيرة. لم تزل في المستشفى تستعد للحلق ولضرب الإبر وإعداد الحقن.
إستشعر الممثل موته. تخيل أنه يكرّم بعد الموت. دخل إلى صالون الكنيسة. وفي مشهد عبثي رائع يترك سلامة منصة تكريمه. يسجد وسط المسرح بخشوع. تتوقع سماع أناشيد السماء فيأتي من فوق جنريك «عشرة عبيد زغار» بتوزيع جنائزي.
يُقال «الحكي مش متل الشوفة «. إذاً لحّقوا حالكم وتمتعوا بعمل يقدم على مسرح الجميزة، عمل ثري بتقشفه بنصه بممثليه وبفكرته.

السابق
وزارة الطاقة تعلن تسعيـرة المولـدات عـن كانون الأول 2015
التالي
الشيخ اوباما وآية الله بوتين وخرافات المسلمين