«أسلمة وتأصيل العلوم الاجتماعية» في مركز الحضارة

شارك رئيس دائرة العلوم الاجتماعية في الجامعة الاميركية الدكتور ساري حنفي في لقاء حواري حول “أسلمة وتأصيل العلوم الإجتماعية” وذلك بحضور حشد من العلماء والباحثين والاعلاميين وطلاب الحوزات الدينية في لبنان.

قدم للقاء الصحافي قاسم قصير فعرض للاشكلات حول العلاقة بين العلوم الاجتماعية والدين طارحا عدد من الاسئلة حول هذا الموضوع.

ثم تحدث الدكتور ساري حنفي فعرض لماهية العلوم الإجتماعية، وما يدور حولها من لغط، مشيرًا إلى الربط بين العلوم الإجتماعية والأسلمة.

وقال: العلوم الإجتماعية لها أدوات بعضها معقد، وبعضها ملتبس مخصص للبحث عن معلومات وبعضها بنيوية تتعلق بالبنى الاجتماعية كالطبقات، ولكن أيضا معلومات ادراكية وانطباعية للفرد والجماعة نافيًا أن يكون هناك حقيقة إجتماعية صالحة لكل زمان ومكان. ورأى أن أول من تحدث عن أسلمة العلوم الإجتماعية هم باحثون يعملون في أأميركا، وكانت أول محاولة عربية جدية لربط العلوم الدينية بالاجتماعية مع الشهيد السيد محمد باقر الصدر. وبعدها جاء المعهد العالمي للفكر الإسلامي في واشنطن في عام 1981 والذي أخذ على عاتقة مشروع أسلمة المعرفة وقد قاد هذا المشروع إسماعيل الفاروقي. واسس مجلة بعنوان “أسلامية المعرفة”.

لقد أشار إلى محاولات جدية في هذا المجال بسبب اعترافها بأهمية نتائج العلوم الإجتماعية، والتطور بفعل التراكم المعرفي، وكذلك الإعتراف بالجانب الثقافي بما فيه العلوم الدينية، إضافة الى محاولة التواصل بين العلوم الإجتماعية مع العلوم الدينية لإيجاد فقه الواقع.

ووصف هذه المحاولات بأنها جدية، وحصل فيها إستثمار للعلوم الوضعية في الفقه، وعلى سبيل المثال البحث في كيفية إنشاء مصارف لاربوية. ولكن بين أن هذه لمحاولات الجدية قليلة فهناك محاولات الترقيعية أي الجمع بين العلوم الإجتماعية والأسلمة، واصفًا بعض هذه المحاولات بالسطحية. كذلك أبدى إعتراضه على محاولات إضفاء الصفة الإسلامية على أخلاقيات أشبه أن تكون كونية أو دينية أو مسيحية أو يهودية كقضايا البيئة. والخلاف ليس بين مجتمع عربي مقابل مجتمع غربي، فرأى أن المجتمع الخليجي قريب من المجتمعات الغربية من زاوية إقتصاد المعرفة. ولفت إلى وجود نقص في المقومات الطبيعية في مجتمعاتنا.

وإعتبر أن الإشكاليات حول ربط العلوم الإجتماعية بالعلوم الدينية ليس أمرًا ساذجًا، مشيرًا إلى النقاش الذي دار في إيران حول فهم علم الإجتماع الغربي، منوهًا بمنع الأمام الخامنئي حذف مادة علم الإجتماع من التدريس، لينتهي كمادة تدريس تحت عنوان علم الإجتماع الإسلامي.

قاسم قصير

وعدد ست إشكاليات في اللقاء بين العلوم الإجتماعية والأسلمة وتكمن في الخطابية وعدم الاعتراف بالمقارناتية لأن المقارنة أساس العلم ولأننا نعيش في ظل العولمة، إضافةً إلى الفصل التعسفي ما بين المعياري والوضعي من خلال تقديم وصفات أخلاقية بدون إعمال الجانب الوضعي، داعيًا إلى الأعتراف المتبادل بين العلوم الإجتماعية والدين والإعتماد على التبادل المعرفي.

وأضافة: على المفتي أو رجل الدين طرح الأسئلة المفتاحية وهي: ماذا ولماذا وأين ومتى وكيف، مشيرًا إلى أنها ذات الأسئلة في علم الإجتماع.

وتوقف أمام الفرق بين الشريعة وتطبيق الشريعة، معتبرًا أن ضعف العلوم الإجتماعية في العالم العربي بسبب الديكتاتوريات التي تمنع الدراسات الواقعية.

وخلص إلى القول إلى ضرورة إنتاج علم يخص ويهم كل العالم لأن الإسلام رسالة عالمية.

ومن ثم دار حوار معمق بين المحاضر والمشاركين وقدمت عدة مداخلات ومنها مداخلة العلامة السيد محمد حسن الأمين فقال:

إن تدريس مادة علم الإجتماع في الحوزات الدينية كان قائمًا في النجف الأشرف وكان الإستاذ البارز في تدريسها الدكتور قيس النوري.

وأبدى ملاحظة حول علاقة علم الإجتماع والدين: أنه لا يجوز نفي إحترام الدين للعلوم، فالعلوم نتاج العقل الإنساني، والدين مصدرنا لمعرفة الغيب ومن هذا المدخل يتموضع علم الإجتماع، آسفًا لطرح مسألة أسلمة العلوم، معتبرًا أن هذا الطرح تم مع الإحيائيين الإسلاميين وخاصة مع سيد قطب حيث قالوا أن الإسلام يتضمن كل العلوم.

وأكد على وجود فكر إسلامي ورؤية إسلامية للكون لكنها لا تتدخل في مسار العلم وفي نتائجه العلمية والموضوعية.

وسأل الدكتور حسين رحال: هل يمكن حسم العلاقة بين العلم والدين، نافيًا القدرة على حسمها لأنه حتى العلوم لم تعد حتميًا وليست نهائية وأنما نسبيا بما فيها العلوم الإجتماعية وصولًا إلى الرياضيات ، ولذلك فإن الدين هو عند البشر نسبي. وأن الفقه المنتج في السنوات الأخيرة ينطلق من الشريعة وقاصر عن فهم المجتمع. نحن في حقل شبه بكر ويمكننا أن ننتج بحوثًا جديده.

وذكر أن العلوم الإنسانية تم انتاجها في الغرب لخدمة السلطة.

وخلص إلى نفي أن نصل إلى اصطدام بين العلوم الإجتماعية والديني ومثلها في التطابق بينهما، داعيًا إلى حسن تنظيم النقاش بينهما.

واعتبر السيد جعفر فضل الله أن الأسلمة للعلوم الإجتماعية هي إسقاط وغير نهائية، وأن الأمر الطبيعي والواقعي هو أن ينخرط المسلمون في الحركة العلمية العالمية.

وايدت د. هالة أبو حمدان الفصل بين الديني والعلم. وقالت: أن الإسلام هو ثقافة علينا دراستها بأدواتٍ معرفية وبحثية وغربية توصل إليها العالم عبر مئات السنين، ومن خلال ذلك يتم الإنتاج العلوم التي تخص البيئة الإسلامية ومن خلالها. وهناك فرق بين إستخدام أدوات الغرب وتبني نظرته.

وسأل مدير المعهد الشرعي الإسلامي السيد حسين ماجد عن العلوم الإنسانية وهل يمكن تصنيفها علومًا بحتة، وقال: أن الإسلام أو المنطق الديني لا يرفض التجربة.

واكد الشيخ أحمد عمورة أمين سر هيئة علماء المسلمين: على ما قاله الرسول محمد حول أن الناس أعرف بأمور دنياهم.

وقال أن ضمور مساحة الثوابت في الدين يتحول إلى فلسفة، وفلسفة تقدم أسئلة أكثر من الإجابات.

ونبه إلى الفرق بين النص القانوني سواء وضعي أو تشريعي الذي يهدف إلى الإنضباط الاقصى.

ولفت الشيخ عباس النابلسي إلى إشكالية بين التفسيرات الغيبية وعلاقتها بالأمور المجتمعية.

وقال الشيخ زهير قوصان ان المطلوب التأسيس على أن الديني واقعي لا مثالي، والدين أنزله الله كي يدرس كل الظواهر الواقعية.

ورأى أن المهمة واحدة بين علماء الدين وعلماء الإجتماع ولكن مع استدراك وفهم الأخطاء التي وقع فيها الطرفان

لأن في تداركها يكمن الوصول إلى التصالح بينهما.

كما قدمت عدة مداخلات من الاستاذة ايات نورالدين والاستاذة ليلى قصير وعدد من طلاب الحوزات الدينية والمشاركين وختم الشيخ محمد زراقط قائلا: الأمور التي طرحت تحتاج إلى نقاشات جدية وجديدة تأخذ بعين الإعتبار المتغيرات العلمية والإجتماعية السؤال الأساس: ليس حول أسلمة العلوم أو مطالبة علماء الإجتماع بأعلان الشهادتين، لكن أليس من حقنا أن نسأل عن فلسفة علم الإجتماع.

وهل هو علمٌ بريئ أو له إرتباط بالسلطة وله أدوارًا معينة.

ومن ثم رد المحاضر على التساؤلات التي طرحت.

السابق
جنبلاط: لبنان حافظ على الإستقرار رغم التحديات
التالي
بين مجدل عنجر وطريق المطار: الحرب لا تزال قائمة