الوقائع تردّ على ازدواجية حزب الله: الزبداني ووادي الحجير نموذجاً!!

تبادل جرحى الفوعة وكفريا
في 1 كانون الأوّل من العام الجاري، قامت الدولة اللبنانية بمفاوضات مع جبهة النصرة لإطلاق سراح العسكريين المخطوفين لديها مقابل لائحة من المطالب التي فرضتها الجبهة من جهتها وقد تضمنها إطلاق لعدد من السجناء، هذه المفاوضات والتي حسبما صرّحت المصادر وجاءت بيانات الشكر كان الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله جزءاً منها ولعب دوراً إيجابياً في إتمامها.

لكنّ التناقض في رد فعل جمهوراً وإعلاماً كان يوحي بشيء مغاير. اعتبر الممانعون، أن عملية التبادل “صفقة عار” واستباحة للحدود اللبنانية وإعتراف بالإرهاب، كما ولم يتوانوا عن اتهام المخطوفين من الجيش اللبناني بأنّهم خونة وجبناء ليصل بهم “الرخص الإعلامي” حد استقبالهم ضيوف ذهبوا في مواقفهم الخنفشارية إلى التمني لو أنّ العسكريين قتلوا قبل أن يكونوا جزءاً من عملية انتهكت سيادة لبنان وأمنه.

يوم الإثنين، تكرر المشهد في هيكلية جديدة يغلب عليها الطابع الحزبي، عبر صفقة لتبادل الجرحى بين الزبداني وكفريا والفوعة، وكان لبنان ممراً لوجستياً لإتمامها، لا سيما أن المشهد يعكس جدية التنسيق ودوامه، بين الحزب “المقاوم” والجبهة “الإرهابية”، كما وقد أكدّ بشكل لافت أنّ قنوات الإتصال مفتوحة على مصراعيها بين مقاتلي المعارضة ومقاتلي الحزب وأن “إرهابية” النصرة نسبية حسب الطرف المفاوض فيحق للحزب بهذا الشأن ما لا يحق للدولة اللبنانية.

اقرأ أيضاً: استنطاق العسكريين الأسرى… ومهزلة الاعلام اللبناني!

تظهر الصفقة، جانباً مهماً من تهميش مفهوم المواطنية وانسلاخها عن اللبنانيين، لتبيّن أنه بالنسبة لجمهور الحزب، فإن جرحى أبناء جلدتهم ومن غير بلدهم، وسقطوا دفاعاً عن نظام بشار الأسد أكثر أهمية من العسكريين المخطوفين، وبالتالي فإن ذلك يبرر للحزب محاورته “الشيطان” لإستعادتهم، فيما يحرم الدولة من القيام بذلك لاسترجاع عسكرها.

العسكريين المحررين

وعليه، فهناك استنتاج معيّن يمكن الوصول إليه، هو أن لا يمكن للدولة اللبنانية إبرام أي صفقة، بمعزل عن حسابات حزب الله، حسابات الحزب هذه اقتضت تسهيل تحرير العسكريين لدى النصرة، فباركها نصر الله، وهذا يفتح المجال أمام إنتظار أي بوادر لتفاوض مباشر أو غير مباشر بين الحزب وداعش، لتستطيع الحكومة اللبنانية النفاذ إلى ملف العسكريين المخطوفين لدى هذا التنظيم.

هذه الإزدواجية، التي تغلّف كل نشاط الحزب العسكري والسياسي، انعكست أيضاً في مشهدية الأمس، لا سيما استقبال جمهور الحزب لجرحى الزبداني، برفع الأحذية والرشق بالحجارة، مع وصفهم بالجبناء والخونة، فيما استقبلوا جرحى كفريا والفوعة والذين غادروا منازلهم لنفس الأسباب التي دفعت أبناء الزبداني للمغادرة استقبال الأبطال، وغلبت التوصيفات الإنتصارية لعملية “تحرير” مدنيي كفريا والفوعة الشيعيتين، فيما نعت أبناء الزبداني بالمهزومين.

يقود هذا المنطق إلى خلاصة واحدة، أن الحزب بحاجة دوماً إلى مفهوم الإنتصار على أي عدو، فإن لم يكن عسكرياً، على الأقل سياسياً أو معنوياً أو حتى بشرياً. عامل فائض القوة لدى جمهور الحزب، لا يتحي له النظر بعينيه الإثنتين، ولو فعل، لتكسّرت أوهام وأساطير بناها منذ عشر سنوات إلى اليوم، لا سيما أن نصر الله في أحد خطاباته السابقة عند وصفه مقاتلي حزب في وادي الحجير وصمودهم أمام آلة الحرب الإسرائيلية، قد يتكفّل بالردّ على ما يقوله الحزب اليوم عن أبناء الزبداني. وقد قال وقتها:” إن جيشاً مدعوماً بقوة نارية وبعشرات المقاتلات والدبابات يفشل في إقتحام البلدة إلا بعد خمسة أيام فهو جيش فاشل.” فماذا إذا أسقط هذا الخطاب على الزبداني التي صمدت تحت آلاف البراميل المتفجرة لأشهر عديدة ولم تسقط؟

اقرأ أيضاً: اهالي الزبداني: سوف نبقى هنا

 

السابق
13 معلومة لا تعرفونها عن برج «خليفة» في دبي!
التالي
اردوغان في السعودية للبحث في ملفات المنطقة خصوصا سوريا