خطابات «السيّد»… صدمات لجمهوره!!

السيد حسن نصر الله
منذ فترة ليست بقليلة، لم تعد تلتقي توقعات جمهور حزب الله مع خطابات أمينه العام السيد حسن نصرالله على نفس الموجة. التفاوت التخبط ما بين التوقعات والخطابات جليّ.

في السابق وبعد حصول أي حدث له علاقة بحزب الله، كان الجمهور يتوقع مضمون خطاب السيد، ليلائم الخطاب مشتهى الجمهور. وعلى سبيل المثال لا الحصر، عندما بدأت مشاركة حزب الله العلنية بالحرب السورية، كان جمهور الحزب مشدودً جداً ومتحمساً لهذه المشاركة وكان ينتظر النصر الحاسم بفترة زمنية قياسية على غرار ما كان يحدث بالحروب التي خيضت ضد العدو الإسرائيلي والتي تتراوح مدتها بين أسبوع كحد أدنى و٣٣ يوماً كحد أقصى.

اقرأ أيضاً: سبع أدلّة على أنّ حزب الله في أضعف أيّامه ويفقد توازنه

بعد معركة القصير وحسمها بسرعة لصالح الحزب والنظام السوري، تعزّز هذا الإعتقاد لدى جمهور المقاومة، ثم جاءت معركة القلمون الأولى، لتزيد من تعزيز هذا الإعتقاد، وعندما بدأت التفجيرات الإرهابية تطال مناطق نفوذ حزب الله، وخاصةً في الضاحية الجنوبية، كان الجمهور الممانع يتوقع خطاب ناري من السيد حسن نصرالله، ثم يأتي الخطاب كما يشتهي الجمهور تماماً، من قبيل “إذا كان لدينا ألف مقاتل في سوريا، سيصبحوا ألفين والخمسة آلاف سيصبحون عشرة آلاف… وهكذا.”!! ولكن عندما توسّعت مشاركة حزب الله في الحرب السورية وتبين أن النصر الحاسم ليس بمتناول اليد، وعادت المعارك إلى القلمون وجرودها بعد سنتين من إعلان حسمها لتؤكد بأن حزب الله لم يحقق نصراً حاسماً هناك، وبأن الوضع عاد كما كان عليه قبل معركة يبرود.

الحرب السورية

ووصولاً، إلى التدخل العسكري الروسي المباشر في الحرب السورية والذي كان بمثابة إعلان فشل صريح وواضح للنظام الإيراني وميليشياته بحماية النظام السوري من السقوط، ما أحدث صدمة لدى جمهور الحزب الذي أدمن الإنتصارات وملّ إنتظار النصر الحاسم القادم من الشرق، لكن هذا الجمهور بقي يستقي بعض التفاؤل من إعلام الممانعة، ويقول على صفحاته الالكترونية وفي وسائل الإعلام التابعة له بأن مشاركة حزب الله في سوريا أقله، أوقفت التفجيرات الإرهابية التي كانت تطال الضاحية، إلى أن حصلت تفجيرات برج البراجنة الإرهابية، فعاد الغضب والشك إلى صفوف الجماهير، وانتظر الجمهور خطاباً نارياً من السيد نصرالله من طراز “إذا كانوا عشرة آلاف مقاتل سيصبحوا عشرين ألفاً.”

لكن صدمة الجمهور هذه المرة، كانت بادية على صفحاته عندما أطل السيد بخطاب هادئ وموزون خالٍ من أي تخوين أو تهديد أو وعيد، شاكراً كل القوى السياسية وكل الأجهزة الأمنية وخصّ بالشكر شعبة المعلومات التي اعتاد جمهور حزب الله على تخوينها وإتهامها طوال الوقت، وأكثر من ذلك، طرح السيد نصرالله مخرجاً للأزمة السياسية التي يتخبط بها البلد، وتقوم على سلة متكاملة لحل مسألة الشغور الرئاسي وتعطيل عمل المؤسسات.

الصدمة الثانية التي تلقاها جمهور حزب الله هو عدم موافقة السيد نصرالله على وصول النائب سليمان فرنجية إلى سدة الرئاسة بعد أن أيّد ترشيحه الرئيس سعد الحريري والنائب وليد جنبلاط، وفرنجية هو الحليف الأقرب للنظام السوري ولحزب الله قبل أن تولد ورقة التفاهم بين حزب الله والتيار العوني في شباط ٢٠٠٦.

أما الصدمة الثالثة جاءت بعد إغتيال إسرائيل للأسير المحرر سمير القنطار، إنتظر الجمهور خطاباً نارياً للسيد، على أن يتضمن تهديداً عالي النبرة للعدو الإسرائيلي كما اعتاد هذا الجمهور، فجاء الخطاب هادئاً جداً، حيث بدأ بالحديث عن الأوضاع في نيجيريا، ثم مرّ مرور الكرام على إغتيال القنطار الذي لم يأخذ من الخطاب المخصص لهذه المناسبة أكثر من خمس دقائق، لينتقل سريعاً إلى الحديث عن قرار الكونغرس الأمريكي المتعلق بالعقوبات المالية على أشخاص ومؤسسات تتهمها أميركا بتمويل حزب الله وحذّر المصارف اللبنانية من التجاوب مع هذا القرار.

اقرأ أيضاً: أحمد اسماعيل يروي سمير القنطار(1): الأسير المنسي

والخلاصة أن مزاج جمهور حزب الله لم يعد يحاكي مزاج أمينه العام، وهذا يؤشر إلى أن هذا الجمهور الموعود بالنصر الحاسم، قد يتلقى صدمة الحلّ الدائم القائم على تسوية في المنطقة لا تحاكي طموحاته وتوقعاته التي وصل إليها نتيجة التعبئة السياسية والمذهبية التي وصلت إلى أعلى مراحلها نتيجة مشاركة الحزب في الحرب السورية وحاجته الماسّة لتجنيد المزيد من المقاتلين.

 

السابق
حزب الله.. من الوحدويّة إلى المذهبية!
التالي
العثور على جسم مشبوه في الشاوي عاليه