القدس القديمة تستقبل «الميلاد» بحزن وقلق

بدت شوارع مدينة القدس أمس، في عيد الميلاد المجيد، شبه خالية. وباستثناء شجرة الميلاد الكبيرة التي أقيمت في «الباب الجديد» قرب كنيسة القيامة، ومجسمات «بابا نويل» أمام بعض المحال التجارية، لم يكن هناك الكثير من المظاهر التي تدل على أن المدينة تحتفل بميلاد المسيح.

ارتفعت شجرة الميلاد في «الباب الجديد»، الباب الرئيس للحي المسيحي في البلدة القديمة، خلف الأسوار، وتراءت أشجار الميلاد وصور ومجسمات «بابا نويل» في واجهات المقاهي والمحال الصغيرة في هذا الحي القديم. لكن أزقة الحي الحجرية التي تعود الى عصور قديمة، قدم المسيحية نفسها، والتي أقام مبشرها المسيح فيها، بدت شبه خالية من المارة بسبب الأوضاع التي تشهدها المدينة والأراضي الفلسطينية منذ اندلاع الهبّة الشعبية قبل ثلاثة أشهر.

فقبل ساعات من الاحتفالات، استشهد أربعة شبان فلسطينيين برصاص الاحتلال خلال هجمات ومواجهات. واستشهد شابان فلسطينيان أول من أمس أمام أسوار القدس بعدما طعنا عدداً من المستوطنين. ونشرت مقاطع فيديو تظهر مجموعة من المستوطنين وهم ينهالون ضرباً بالعصي والقضبان والأرجل على أحد منفذي عملية الطعن، وهو مصاب، الى أن قضى تحت ضرباتهم.

وما أن شاع نبأ استشهاد الشابين ومقتل مستوطنيْن في الحادث، حتى خلت شوارع المدينة من المارة خشية حدوث مزيد المواجهات والاعتداءات الانتقامية. وبقيت ظلال الحادث وغيرها سبقته خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة من الهبّة الشعبية، تخيم على المدينة في عيد المولد النبوي الشريف الذي صادف أول من أمس، وعيد الميلاد المجيد الذي يصادف اليوم.

وقال الأب عيسى مصلح، الناطق باسم كنيسة القيامة التي دفن فيها المسيح، لـ «الحياة» إن «عيد الميلاد في القدس يتشح بالحزن العام الحالي، ويقتصر على الطقوس الدينية بسبب الأوضاع التي تعيشها البلاد».

وانطلق موكب البطريرك اللاتيني فؤاد طوال من مقر البطريركية اللاتينية في مدينة القدس الى تؤمها مدينة بيت لحم، إذ أقيم قداس منتصف الليل بحضور الرئيس محمود عباس وعدد من كبار المسؤولين الفلسطينيين.

وتحوّلت القدس، في السنوات الأخيرة، من مركز للأعياد الدينية المسيحية والإسلامية الى مدينة هامشية بعدما عزلتها السلطات الإسرائيلية خلف جدار، ومنعت باقي سكان الضفة الغربية وقطاع غزة من الدخول إليها إلا بتصريح أمني صادر عنها.

وقال الأب مصلح: «القدس كانت تعج بالحياة في مثل هذا الوقت من كل عام، إذ يؤمها الناس من انحاء الضفة وقطاع غزة، لكن بعد إقامة الجدار، لم يعد الناس قادرين على الوصول اليها، وباتت شاحبة معزولة». وأضاف: «الناس هم الذين يملأون المدينة بالأعياد والفرح، وإذا غاب الناس غاب الفرح. وأضاف: «إن غياب الزوار عن القدس أدى الى تراجع الأسواق والحال المادية لأهلها، ما يؤثر على أجواء الأعياد».

وبدت السوق التجارية الرئيسية في البلدة القديمة، والممتدة على طول شارع باب الواد، شبه خالية سوى من بعض المارة والسياح والمستوطنين. ونشر المستوطنون الذين استولوا على عدد من البيوت في الحيييْن الإسلامي والمسيحي في البلدة القديمة، أعلام إسرائيل على طول جدران بعض هذه البيوت لتأكيد تهويدها.

وقال الباحث في شؤون القدس أحمد صب لبن إن ألف مستوطن يقيمون اليوم في الحييْن الإسلامي والمسيحي في البلدة القديمة. وأوضح أن المستوطنين استولوا على 71 بناية في هذين الحييْن بعد أن طردوا سكانهما الفلسطينيين بوسائل متعددة، منها أملاك الغائبين وغيرها، مضيفاً أن 12 بناية ما زالت مهددة في المحاكم الإسرائيلية.

وقالت صاحبة أحد البيوت المهددة في حي باب حطة نورا غيث: «إنهم يعملون على إفراغ البلدة القديمة من الفلسطينيين وزرعها بالمستوطنين».

(الحياة)

السابق
القرار 2254 وميزان القوى
التالي
أسرار الصحف الصادرة في بيروت صباح اليوم الجمعة 25 كانون الأول 2015