«التّقريب بين المذاهب الإسلامية في القرن العشرين» عن الأزهر والتَّشيُّع محاولاتٌ وتحفّظات

التقريب بين المذاهب
صدر للباحث والكاتب الألماني الدكتور راينر برانر كتابٌ بعنوان: "التّقريب بين المذاهب الإسلاميّة في القرن العشرين (الأزهر والتَّشيُّع محاولات وتحفظات)" وهذا الكتاب يوثّق ويدرس، ما يمكن وصفه، بأنّه أوّل محاولة جادّة، لمِأْسسة التّقريب، ما بين أهمّ طائفتين إسلاميّتين، وهما الطّائفتان: السُّنِّيّة والشِّيعيّة.

هي المحاولة التي شهدها القرن العشرون، كقضيّة، جرى العمل على إخراجها، من دائرة المحاولات الفرديّة.

اقرأ أيضاً: رواية أولى لفارس خشّان “مومس بالمذكّر… أيضاً!”‏

وقام بترجمة هذا الكتاب إلى العربية بتول عاصي وفاطمة زراقط، وهو كتاب صادر، في طبعة أولى 2015، عن “مركز الحضارة لتنمية الفكر الإسلامي” في بيروت. وهذا الكتاب، هو حلقة من “سلسلة الدّراسات الحضارية” التي يصدرها المركز، ويتألف من: مقدِّمة، وعشرة فصول، وخاتمة.

وعالجت فصول الكتاب موضوعها على الشكل التالي؛ الفصل الأول يستعرض “المحاولات الأولى الرامية إلى فضّ النزاع” والفصل الثاني تمحور حول: “إصلاحات (جامعة) الأزهر، والتشيُّع في غُرّة القرن العشرين”. والفصل الثالث، يقوم بتقييم المراسلات التي جرت ما بين السَّيِّد عبد السحين شرف الدين (من جنوب لبنان)، والشيخ سليم البُشري (شيخ الأزهر في العام 1911) وذلك تحت عنوان “مراسلة مثيرة للجدل (1911 – 1936). والفصل الرابع يدور حول: “الخلافة والتّقريب (1924 – 1939): إبطال الخلافة”. والفصل الخامس يتناول: “مأسسة الفكر التقريبي: الطلائع الأولى”. والفصل السادس يتناول: “شبكة حركة التّقريب العُلمائية (من 1947 إلى 1960)”؛ وعن “نطاق النقاش التقريبي وحدوده” وأيضاً “عن منافع التاريخ للفكر التقريبي وضرره” يتحدث الفصل السابع. و”المجادلات والتقريب والسياسة الثورية (1952 – 1957)، يقاربها الفصل الثامن. و”انتصار الفكر التقريبي وفشله (1958 – 1961)، يقاربهما الفصل التاسع.

ويدور البحث في الفصل العاشر والأخير حول انتقال العلاقة “من التّقريب إلى التقييد (1962 – 1979). والخاتمة تقارب مسألة “استمرار التقريب في القرن الواحد والعشرين”.

ويوضح برانر أن هذه الدراسة تهدف إلى، اختطاط جذور الجدال الإسلاميّ – الإسلاميّ ومساره في القرن العشرين، ويُشير إلى أنه، في قلب النقاس تتجلى تقلُّبات العلاقة بين جامعة الأزهر في القاهرة، حيث زخم العِلم عند أهل السُّنّة، إلى يومنا هذا، وبين علماء الشيعة. ويؤكد الكاتب على أنه وبالرغم من أن التشيع، بحد ذاته، لم يعد من القوى الكبيرة، في مصر اليوم، فإن الفصل الأبرز، في حركة التّقريب، قد كُتِبَ هناك. ويُعزى هذا الفضل إلى جماعة التّقريب بين المذاهب الإسلاميّة، وهي المؤسسة التي اختّطت معالم النقاش المعنيّ بالتّقريب، على مرّ عقدين اثنين من الزمن، وكانت – لا تزال – المؤسسة الوحيدة التي استطاعت القيام بهذا الأمر. ومنذ تأسيسها، في العام 1947، لم تستمل أنظار حشود من شيوخ الأزهر فحسب؛ بل جذبت إليها، كذلك، علماء شيعة من العالم الإسلاميّ بما رحُبَ.

وعليه، فإن هذا الكتاب يعرض، وبإسهاب، نشاطات، هذه المؤسسة وتاريخها، وعالمها الافتراضيّ الأصغر، الذي استطاعت رسمه بصورة موقّتة. ولكن المسألة الأساس، تكمن في ماهية الدّافع الذي حثّ العلماء على التواصل مع ممثِّلين عن المذهب الآخر، مضافاً إلى الأهداف الدينية والفقهية، التي تبقى في الحُسبان. وعلاوة على ذلك، يمحِّصُ هذا البحث (أي هذه الدراسة) مدى تأثير الظروف السياسيّة، في نجاح المحاججات الدينيّة – الفقهيّة، وإلى أي مدى، جعلت، هذه الظروف، من النقاشات الدينية، أمراً ممكناً في الأصل، ومن ثم آلت إلى فشلها، في نهاية المطاف. وهذا البحث، يبسط، كذلك، أسلوب الاحتجاج، والسِّنيّة الفعلية الكامنة، في الرغبة في التقريب، مضافاً إلى العقبات التي ظهرت، في خلال النقاشات، ومن ثم يتطرّق إلى المجادلات التي أثارتها مساعي التقريب عينها.

التقريب بين المذاهب الإسلام

وإلى ذلك، يعرض هذا البحث، سيرتيْ شخصيّتين محوريَّتين في حركة التّقريب، وهما: الشّيخ محمد جواد مغنيّة (من جنوب لبنان)، والشيخ محمود شلتوت (شيخ الأزهر في 1960)؛ بحيث ذكر وبإسهاب مشاركتهما، في هذا الحقل. على أنّ جميع الأحداث التي يعالجها هذا الكتاب، هي أحداث مستقاة – وعلى ما يشير المؤلِّف – من ردود كُتِبَتْ، بعد وقوع الأحداث التاريخية، بمراحل، ذلك لأنه “لا وجود لمصادر تاريخيّة معاصرة لتلك المرحلة”.

وبرانر، يلفت الانتباه، في تشديده القول، بأنّ هذه الدراسة، لا تهدف إلى إعادة طرح المجادلات التي جرت بين السُّنة والشِّيعة، على مرّ التاريخ، بقالب جديد؛ لا بل إنّ هذه الدراسة، التي تعرض أبرز القضايا الإشكالية، التي لا تزال تسعر الضّغينة بين الفريقين، هي محاولة لاختطاط الانطباعات والآراء الأولى، حيال المواضيع التي شكّلت، ولا تزال تشكّل، حجر الرّحى في هذه المجادلات. إذ يمكن تصنيف هذه النقاشات، إلى فئتين اثنتين: الأولى هي المجادلات ذات الطبيعة التاريخيّة السياسيّة، وهي ناجمة عن التباين في فهم التاريخ أو متعلّقة بالفهم المغاير لهذا التاريخ، وأخرى تتعلق بحقل الشّريعة الإسلاميّة.

اقرأ أيضاً: أحمد بزُّون… وملحميّةُ الاحتفاء بالجسَد الأُنثويّ…

ومما جاء في مقدمة الكتاب: أن تاريخ ما قد يسمّى بـ”حركة التقريب الكلاسيكية في الإسلام المعاصر”، والذي كان موضع هذا البحث (أي هذا الكتاب)، أن هذا التاريخ قد بلغ نهايته في العام 1979.

السابق
عند كلّ معتقل لحظات ضعف يعرفها كلّ من ذاق طعم السجون العبرية
التالي
فيديو صادم.. إسرائيليين يطعنون طفل فلسطيني!