أحمد اسماعيل يروي سمير القنطار(1): الأسير المنسي

عشية استشهاد الاسير اللبناني المحرّر سمير القنطار بغارة جوية اسرائيلية استهدفته ليل أول أمس السبت في مدينة جرمانا في ريف دمشق، خصّ رفيق سجنه الأسير معه بسجون العدو أحمد اسماعيل موقع جنوبية بحديث شيّق ننشره على ثلاث حلقات يروي فيه تفاصيل غير معروفة عن حياة القنطار، المراهق الدرزي الذي اسر مقاتلا في صفوف جبهة التحرير" الفلسطينية، ليخرج بعد ثلاثين عاما مقاتلا شيعيا منخرطا في صفوف حزب الله.

الأسير المحرّر أحمد إسماعيل أسر في تاريخ 10/9/1988 أثناء تنفيذ عملية عسكرية في قرية دير سريان التي كانت محتلة بتاريخه، وهو كان منتسبا للحزب الشيوعي اللبناني، ومقاوما ناشطا في صفوف جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية التي تحارب الاحتلال الإسرائيلي.

يتحدث إسماعيل عن تجربته كسجين مقاوم رافق الشهيد سمير القنطار داخل السجون الاحتلال الإسرائيلي في سجن “نفحة” في صحراء النقب، ويقول أن أول لقاء له مع الشهيد القنطار كان في عام 1989 في السجن المذكور وهو شاركه الزنزانة نفسها التي كانت تضمّ حوالى 10 معتقلين فلسطينيين ولبنانيين.
كان مضى على سجن القنطار حوالى عشر سنوات عندما شاءت الصدف ان تجمع بين المقاومين اللبنانيين، ويقول إسماعيل “إن الشهيد القنطار هو من قام باستقبالي ورفاقي في أوّل يوم نقلتنا فيه سلطات الاحتلال إلى سجن “نفحة”، وعرّف عن نفسه وفرح كثيراً عندما علم أننا لبنانيون، وقال لنا أنه لم يلتق بعد بلبنانيين منذ دخوله السجن”.

وحول بدايات هذه العلاقة الجديدة بين الأسرى وبين القنطار يقول إسماعيل “تمنى عليّ أن أقيم معه في نفس الزنزانة، فقبلت فوراً عرضه، وبادرته بالقول أنني لم أسمع باسمك قبلاً كأسير لبناني معتقل في إسرائيل فمن تكون؟ وجواباً على هذا السؤال، فقد سهرنا طيلة الليلة الأولى وهو يسرد لي قصته،أصله ومنبته من قرية عبيه الجبلية، إلى بداية شبابه وانضمامه لتنظيم “جبهة التحرير الفلسطينية”، التي كان يقودها “أبو العباس”، كما انهال عليّ بالأسئلة الشخصية والعامة وخصوصاً وأن لبنان كان ما زال في دائرة الحروب الأهلية”.

ويتابع إسماعيل “علاقتنا تطورت مع الشهيد القنطار، وكان يصرّح بحريّة وبراحة كاملة أمامي بعد أن نسجت علاقة خاصة معه، ويتحدث بكل ما في نفسه من أفراح وأتراح وأمور خاصة عديدة لا مجال لذكرها، عدا ما يمكن قوله عن ظروفه العائلية والاجتماعية التي أثرت بي جداً لما فيها من ظلم ومأساوية، خاصة أنه ذكر لي وقتها أن أشكال التواصل شبه مقطوعة مع أهله عدا اخته سميرة، وهي متأهلة وتسكن فيم منطقة خلدة”، وعند الاستفسار عن الأسباب التي تحول دون المراسلات مع الأهل أجابني: “إنني اعتقلت ودخلت السجن الاسرائيلي وأنا صغير وأصبحت منسياً من قبلهم”، وقد بادرت على أثر ذلك بإرسال رسالة عبر الصليب الأحمر الدولي إلى أخيه بسام بعد أن زوّدني بالعنوان وطلبت منه أن يراسل سمير في السجن لأن هذا من شأنه أن يرفع معنوياته ويزرع فيه الأمل في عزلته، وهذا ما حصل واستؤنفت الرسائل بينه وبين اهله بعد انقطاع”.

ويضيف: “العلاقة بيننا كلبنانيين مقاومين ومعتقلين لدى العدو أصبحت متينة جداً وتحوّلت إلى صداقة، خاصة بيني وبين الشهيد سمير، وكنا ننام جنباً إلى جنب في نفس الزنزانة، ونستشير بعضنا في كل شاردة وواردة، ولشدة إعجابه بمقاومة الحزب الشيوعي اللبناني المنخرط في جبهة المقاومة الوطنية لمقاتلة الاحتلال الإسرائيلي، وإعجابه بفكر الحزب، وبشخصية الشهيد جورج حاوي الزعيم التاريخي للحزب، طلب مني سمير أن أقدّم طلبا باسمه للانتساب الى الحزب الشيوعي، بالمقابل أنا نصحته أن يتروّى ويتمهّل قبل اتخاذه لهذا القرار، ولكنه أصرّ فقبلت وكتبت طلب انتسابه بيدي، ووقعه هو وأرسلته عبر تنظيم “الجبهة الشعبية” الفلسطينية وهو طريق سرّي متبع لمراسلاتنا مع الحزب الشيوعي اللبناني.

وقد خاطب القنطار قيادة الحزب الشيوعي جورح حاوي وتمنى قبول طلبه، وما زال الطلب موجودا في مركز قيادة الحزب الشيوعي الحالي في محلة الوتوات في بيروت.

وفي نفس الوقت أرسلت عدة رسائل مع رفيقي المعتقل علي حمدون إلى الحزب الشيوعي ولجنة متابعة المعتقلين ورسائل جماهيرية إعلامية، خصوصاً لإذاعة صوت الشعب، أخبرناهم بإثارة إسم سمير القنطار وإبرازه مع أسمائنا عند ذكر المعتقلين اللبنانيين لدى السجون الإسرائيلية كي يتعرّف الرأي العام اللبناني على سمير القنطار الأسير المنسي في السجون الإسرائيلية، فقد كان ذكره خاملاً في وطنه ولم يكن اسمه متداولاً ولم يكن يذكره أحد، كون تنظيمه الذي كان يقاتل مقاوماً في صفوفه هو تنظيم فلسطيني رحل عن لبنان بعد اجتياح عام 1982 ولم يعد له وجود في بلادنا”.

(يتبع)

السابق
مجلس الوزراء اقر خطة ترحيل النفايات والرئيس سلام سيتحدث بعد قليل
التالي
اسرار الصحف المحلية الصادرة يوم الثلثاء الواقع في 22 كانون الاول