«ساحة الله» في طرابلس…بثوب الميلاد ؟!

طرابلس الداعشية حسب مزاعم الاعلام، تحتفل هذه الأيام بـ"الكريسماس"، فيلتقي الحجاب بالصليب تحت شجرة ميلاد واحدة، ويتمازج سكانها بحيوية تولّدت من فرح الأعياد ومن الرغبة في إنتهاز أيّ موسم يعيد الحياة للرماد ... ويعيد لهذا الشمال بوصلته الحقيقية، بعدما عانى وما زال يعاني من زيف الإتهامات المبالغ بها وغير الواقعية.

“أسامة منصور”، “شادي المولوي”، “محاور”، “دواعش”، “ساحة الله” …. وصفات عديدة أسقطتها وسائل الإعلام على طرابلس بتصنيفها مدينة السنة ومستعمرتهم.

طرابلس المتطرفة (على ذمة الإعلام) حيث تقام الصلوات والتحيّات وحيث خطب المساجد “تعبوية”، وحيث المداهمات والإعتقالات والخلايا الإرهابية، هي الأرضية التي تتمظهر المدينة خلالها عبر الشاشات الصفراء وأوراقها على أنّها منبت الخلافة التي سيعلو سيفها ذات يوم ليفرض الجزية على “الأقليّة” من العلوية والنصارى ؟!

إقرأ أيضاً:طرابلس مجدداً في فم ’الخلافة’… وفتية يبايعون وينتحرون

ما ذكرناه أعلاه، ليس بمبالغة، وانما هي صورة تراود الخارجين عن حدود هذه المدينة العتيقة، المؤمنين حتى الآن بمصداقية القنوات اللبنانية المسيسة، فيحسبون أنّ عند “ساحة الله” مارد يحمل سيفه المسلول لينتظر الوافدين، ويسألهم الشهادة أو الجزية أو قطع الرقاب !

هي صورة مثيرة للسخرية بالنسبة للمتنورين المقربين من أهل الشمال والحاضرين في بيوتهم ومجالسهم، إلا انّها تفرض نفسها حقيقة في مخيلة المرضى ممن يريدون ربط الإرهاب والداعشية بالشمال فيظهرونها بهذه الظلامية المجحفة بكل وسائلهم السمعية والبصرية والإلكترونية ليقنعوا المشاهد “الضعيف” بها.

زينة الميلاد طرابلس

إلا أنّ المحيّر في هذا الأمر هو غياب أجهزة التصوير والمحابر المعتدلة عن وجه المدينة الحقيقي والذي هو التعايش والمحبة وتقبل الآخر، فعلى أبواب الميلاد إرتفعت الشجرات المتلألئة في طرابلس وفي أكثر من موقع بها، والتفّت حول كلمة الله التي تتوسط ساحة النور (السلفية) عبارة “ميلاد مجيد”.
إقرأ أيضاً: من المسؤول عن إنماء طرابلس والشمال؟ حزب الله أيضاً؟
الأسواق بدورها ضجّت بالأحمر وصخبت بالمتسوقين مسلمين ومسيحيين، ليصبح المسيح “للجميع”، وليقسم بابا نويل أنه سيدخل من مداخن السنة أيضاً !

هذه الصورة الحاضرة بقوّة هي صورة طرابلس قديماً وحديثاً، فهذه العاصمة اللبنانية الثانية لم تكن يوماً معقل السنة، وإنّما مدينة مركّبة على المزيج السني – العلوي – المسيحي، مع الحضور الشيعي الذي رغم أقليته يمارس شعائره حراً دون أي تعرض أو إزعاج.

طرابلس الداعشية حسب مزاعمهم، تحتفل هذه الأيام بـ”الكريسماس”، فيلتقي الحجاب بالصليب تحت شجرة ميلاد واحدة، ويتمازج سكانها بحيوية تولّدت من فرح الأعياد، ومن الرغبة في إنتهاز أيّ موسم يعيد الحياة للرماد … ويعيد لهذا الشمال بوصلته الحقيقية، بعدما عانى وما زال يعاني من زيف الإتهامات المبالغ بها وغير الواقعية؟

إلاّ أنّه وفي زحمة أضواء العيد، تغيب عدسات الكاميرات التي كانت ستتنافس في نقل أي مشهد مأساوي أو “إرهابي” يسيء للشمال.

إقرأ أيضاً: الفقراء من عرسال إلى طرابلس والضاحية هم ضحايا الإرهاب!

وهنا نسأل ضمير الإعلام الذي ضجّ بجبيل وبزحلة: أين طرابلس؟؟ وأين حقّها في إنصافها وفي نقل ماهيتها الحقيقية ؟

السابق
هكذا علّق جنبلاط على مقابلة فرنجية
التالي
طقس نهاية الاسبوع ماطر والثلوج على 1800 متر