الحُرُم الشيعي

تسلُّط جماعة شمولية على خيارات الناس ليس مظهره الأبرز تسليطها أجهزتها الأمنية والسلطوية على أنماط عيشهم وعلى ميولهم، إنما يكمن أيضاً في إقناعهم بأنّها تملك السلطة الاجتماعية، وأن خروجهم عليها هو خروج من إجماعات جوهرية تتعدى السياسة.

 

ينجم عن هذا النوع من التسلّط صمت رهيب، يُدرك أصحابه أنّهم صامتون عن الحق، لكنّهم يعتقدون بأنهم لا يقوون عليه. على هذا النحو مثلاً يُمارس كثيرون من أبناء الطائفة الشيعية في لبنان صمتاً رهيباً على وقائع يومية تمارسها سلطة الأمر الواقع عليهم، أي “حزب الله”. وعلى هذا النحو أيضاً يمارس عرساليون صمتاً رهيباً على وقائع موازية تمارسها في بلدتهم جماعات سنّية متشددة.

اقرأ أ]ضًا: مشاهدات ايرانية(1): إيران.. التي تخدّر الشيعة في لبنان!

الصمت في الحالة اللبنانية لا يعود فقط إلى إرهاب السلطة للجماعات الأهلية والأفراد، إنّما أيضاً لشعور أفراد في هذه الجماعات بأنّ خروجهم عن الصمت سيوظّف في مصلحة الخصم الطائفي.

 

فأن يُشهر عرسالي أنّ لـ”جبهة النصرة” سلطةً ما في بلدته وأنّها تدير منها عدداً من الملفات، فهذا ما سيخدم “حزب الله”. وأن يُشهر شيعيٌ تذمّره من توسّع سلطة الحزب لتشمل معاملات مسح الأرض في القرى الجنوبية، أو أن يبوح لصديقه غير الشيعي بأن مسؤولاً كبيراً في “حزب الله” يرتدي ساعة “pateck Philippe”، فهذا ما سيرتّب أيضاً احتمال أن يوظّف غير الشيعي تذمّر صديقه في صورة عن الحزب تسعى الطوائف الأخرى لتقديمها عنه.

(.NOW)

السابق
يا جمهورَ الصحافة الورقيّة… ماذا تريد بعد؟
التالي
بوتين يشيد بـ«مواهب وشخصية» ترامب ويرحب بتحسين العلاقات معه