هكذا رشّح نصر الله فرنجية… قبل أسبوع من مبادرة الحريري

أوضحت الشخصية: "طبعا. في 11 تشرين الثاني خطب نصرالله. الزيارة حصلت في الثامن عشر من تشرين الثاني. هذه ليست مصادفة يا صديقي. في السياسة، وتحديدا، حيث يوجد نصرالله، تختفي المصادفات".

“فرطت التسوية. حسن نصرالله أنهى سليمان فرنجية”، قالها مرشح رئاسي، وهو يوزع على الأربعة الحاضرين معه، إبتسامة عريضة.

ثلاثة بادلوه الابتسامة. الرابع المعروف بخبرته السياسية المديدة، تنهّد وهزّ رأسه تأسفا.

إمارات الشخصية الرابعة، جمّدت الإبتسامات، كما يجمّد البوتوكس الذي يحقن في الوجه، تموّجات الجلد.

سأله المرشح الرئاسي: “ما بك؟”.

أجابت الشخصية التي يمكن وصفها بـ”المخضرمة”: “هل تعرف جيدا سليمان فرنجية؟”.

ردّ المرشح: “أنا من أعرفه”.

تابعت الشخصية: “إذن، أنت تعرف أنه لا يُقدم على شيء من عندياته، وبالتالي، لو صحّ أن نصرالله نهاه عن الإستمرار في مساره الترشيحي، لكان أعلن أنه غير معني بالوصول إلى رئاسة الجمهورية”.

تنهدت هذه الشخصية في علامة استياء من الفكر السياسي الذي يتحكم بتسويق الوقائع للبنانيين، وتابعت:” ولو كنت تعرف أكثر السيّد حسن لكنت أدركت أنه ليس بهذه الطريقة ينسف فكرة هي بالأساس ليست بعيدة جدا من إيحاءاته”.

سأله المرشح الذي يزداد وجومه:” وهل ترشيح سليمان فرنجية إيحاء من حسن نصرالله؟”.

أجابته الشخصية:” للإجابة عن هذا السؤال عليك بداية أن تُراجع خطاب الأمين العام لحزب الله بمناسبة يوم الشهيد”.

إستفسر المرشح:” حصل ذلك قبل زيارة فرنجية لسعد الحريري في منزله الباريسي؟”.

كلام “يوم الشهيد”

أوضحت الشخصية: “طبعا. في 11 تشرين الثاني خطب نصرالله. الزيارة حصلت في الثامن عشر من تشرين الثاني. هذه ليست مصادفة يا صديقي. في السياسة، وتحديدا، حيث يوجد نصرالله، تختفي المصادفات”.

في هذه اللحظات، كان أحد معاوني المرشح يدخل على الاجتماع، ومعه نسخة عن خطاب نصرالله في “يوم الشهيد”. أخذها المرشح وقدّمها للشخصية السياسية الخبيرة.

سليمان فرنجية لديه مشكلة واحدة مع حزب الله، وهي تعهّده بقانون انتخابات يرضى عنه سعد الحريري

صفحات عدة أهملتها هذه الشخصية ووصلت الى القسم الأخير من الخطاب. وتوقفت عند فقرة واحدة لا غير. تلتها على صوت عال، وبهدوء الملقّن:

” تعالوا لنضع الأمور الأساسية، وليس الأمور الهامشية والجزئية والجانبية، في سلة واحدة ونعمل تسوية، عندما أقول تسوية يعني “العالم بدا تأخذ وتعطي”، من أجل البلد، من أجل مصلحة البلد”.
توقفت الشخصية قليلا. كانت تفتش عن فقرة أخرى. وجدتها، وتلتها بالأسلوب التلقيني نفسه:

“إذاً بدُن تضييع الوقت، وبدُن هذا الاستنزاف في أعصاب الناس ومصير الناس وحياة الناس وعيش الناس وصحة الناس، القوى السياسية الحقيقية في لبنان مدعوة إلى أن تدخل، الآن نفس الحوار الذي يرعاه الرئيس بري في المجلس النيابي أو شكل آخر لا أعرف، هذا في النهاية آليات نقاش. نبحث عن تسوية سياسية حقيقية، هذا هو المخرج”.

أنهت الشخصية تلاوة هاتين الفقرتين. صمتت. إستعجلها المرشح أن تشرح. قالت:”هذا يعني، باختصار، أن نصرالله كان يعطي الضوء الأخضر لسليمان فرنجية من أجل إطلاق تسوية شاملة مع سعد الحريري وتحويل فكرة الاجتماع إلى واقع سياسي. صحيح أنّ نصرالله في هذا الخطاب طلب عدم تفسير كلامه على أنّه “تخل عن مرشحنا”، ولكن الصحيح أكثر أنه وهو يطلق فكرة التسوية أعطاها مفهومها الدقيق ” العالم بدها تاخد وتعطي”، أي أنها تريد أن تربح شيئا في مقابل ان تتنازل عن شيء من …ثوابتها”.

وهنا قال المرشح الرئاسي، على أمل أن يعيد رسم ابتسامة الإنتصار على شفتيه: “ولكن، ما الذي أوقف اندفاعة التسوية؟”.

ورقة “قانون الانتخاب”

أجابته الشخصية، بسرعة، وكأنها كانت تنتظر هذا الإستدراك الإستفهامي:” قانون الانتخابات. سعد الحريري لم يحرق كل أوراقه، كما يحاول بعض الأدمغة الملتهبة، أن يوحي. أوجد عقدة قانون الانتخابات، بالإيحاء بأنّه متمسك بقانون الستين. هذا الإيحاء هو الذي يفتح باب التسوية، لأن نصرالله بدا غير معني بالتسوية إلا من باب قانون الانتخابات. وهنا علينا أن نراجع خطاب يوم الشهيد، أيضا وأيضا. كل شيء بدا عند حسن نصرالله ثانونيا باستثناء قانون الانتخابات”.

إقرأ أيضًا:كواليس «فكرة» هزّت لبنان: قصة ترشيح فرنجية كاملة.. من بنشعي إلى باريس

أخذت الشخصية أوراق الخطاب عن الطاولة المنخفضة. فلفشت فيها مجددا. وصلت الى الفقرة، وتلتلها بطريقة التلقين نفسها:

” قانون الانتخاب هو العامل الأساسي في إعادة تكوين السلطة، قانون الانتخاب يعني مصير البلد، قانون الانتخاب يعني لمن تسلم مصيرك ودمك وعرضك ووجودك ومستقبلك وسيادتك وحريتك واستقلالك، هذه ليست شيئاً هامشياً وبسيطاً وتذهب بالمجاملات وبالضغوط وبالمزايدات، هذا يحتاج لنقاش حقيقي”.

طرحت الشخصية الأوراق جانبا، وتابعت الكلام: “إذن، اسم سليمان فرنجية لم يحترق، ولا التسوية ولا مسارها. الأمور تخضع الآن لنقاش غير معلن حول قانون الانتخابات. سعد الحريري وضع سقفاً للنقاش. هذا السقف هو بيت القصيد حالياً”.

سعد الحريري سليمان فرنجية

أضافت:” حلفاء سعد الحريري المسيحيون تنقصهم الحنكة. هؤلاء لا يدركون أن تأثيرهم السياسي مرتبط باعتبارهم من مكوّنات الأكثرية النيابية، وأن هذا التأثير سيتلاشى إن هم خرجوا من الأكثرية. هجومهم على الخيار الرئاسي، أنساهم أنهم بالأساس هم أعجز من يصلوا بأشخاصهم، أو يوصلوا مرشحيهم، وتاليا فإن عليهم الاهتمام بطريقة تحصين أنفسهم بأكثرية لا ينتجها إلا قانون الانتخابات. يفكرون بأحجامهم التي مهما كبرت ستبقى صغيرة، ويتناسون الحاجة إلى تحالف أكثري، مهما ضمر، يبقى قادرا على تكبير تأثيرهم في الخيارات السياسية المصيرية، ويجعلهم جزءا من معادلة القرار، ولو كان القرار نتاج تسوية”.

وتابعت الشخصية:” هؤلاء الحلفاء، من دون أن يلتفتوا إلى تقوية بيت القصيد في التسوية، أي قانون الانتخابات، ذهبوا الى حيث لا قيمة لاعتراضاتهم. اعترضوا على فرنجية، بدل أن يلتفتوا إلى قانون الانتخابات. أضعفوا أنفسهم في مفاوضات قانون الانتخابات. أفهموا سعد الحريري أنه يمكن أن يتنازل أيضا هنا، لأن التسوية، أي تسوية، سوف تنهي الأكثرية التي يتمتع بها، وتاليا لا حاجة للمقاتلة على جبهة قانون الانتخابات، بل عليه أن يفكر بصوغ تحالفات جديدة للمرحلة الجديدة”.

 

محطات على طريق علاقة عون وحزب الله

وتدخل المرشح الرئاسي مستفسرا مجددا: “لكن، ماذا عن ارتباط حزب الله بميشال عون؟”.

إقرأ أيضًا: أسباب الفشل: إيران تريد تسوية إقليمية.. والحريري عرض صفقة محلية

وأجابت الشخصية: “تعال نستعرض تاريخ العلاقة الناشئة بين حزب الله وعون، بعيدا عن الشعارات البلهاء، ونقدم بعض الأمثلة السريعة: في اتفاق الدوحة تمّ تجاوز عون، رغما عن عون. في معركة التمديد الأخيرة للعماد جان قهوجي، تمّ تجاوز اعتراض عون رغما عن عون. في اجتماع المجلس النيابي التشريعي الأخير، تمّ تجاوز اعتراض عون رغما عن عون، فيما تسوية قانون تجنيس المغتربين اللبنانيين، لم تكن سوى ضحك على الذقون. في التظاهرات التي قادها عون، ضخّمها “حزب الله”، على قاعدة “المحافظة على الشرف”، ببعض الجمهور، من أجل أن يخرج من الطريق، نهائيا”.

وتابعت الشخصية:” في علاقة حزب الله بإميل لحود، من منكم يتذكر معركة حقيبة وزارة الداخلية بين الياس المر وسليمان فرنجية، في حكومة ما بعد التمديد. حزب الله خسّر هذه المعركة لأميل لحود. ربحها سليمان فرنجية الذي لم يخضها أصلا إلا بناء على طلب حزب الله”.

وأضافت الشخصية: “لا تخطئوا التقدير، سليمان فرنجية لديه مشكلة واحدة مع حزب الله، وهي تعهّده بقانون انتخابات يرضى عنه سعد الحريري، ولذلك هو يتعرض لحملة ممن يعيشون على هامش حزب الله، وسبق لحزب الله أن أعطى الأدلة الكافية على تجاوزهم باحتقار، حين تصل الأمور الى خواتيمها. إذن، هذه حملة هدفها تطويع فرنجية نهائيا. وهذه حملة يتعرض لها الحليف قبل الخصم، في تعاطي حزب الله مع الناس. ميشال سليمان كان حليفا لحزب الله عندما رشحته قوى 14 آذار، ولكن حملة تطويعه استمرت 7 أشهر، ووصلت الى حد امتحانه في غزوة 7 أيار. العراقيل التي يتعرّض لها فرنجية، هي 7 أيار إعلامية”.

إقرأ أيضًا: رسالة من سعد الحريري الى سليمان فرنجية

وأنهت الشخصية كلامها: “مسكين ميشال عون. دائما يستعمله حزب الله لتحسين شروطه. لو راجع حساباته، لأدرك أنّه عند الحزب لا يساوي شابا واحدا يلقى به في الموت في جبهة سورية، من أجل تحسين وضعية إيران الإقليمية. غدا، تنتهي حفلات رثائه الرئاسية، ويرى نفسه معزولا. وتحت ضغط جبران باسيل، صاحب الحصة الأكبر في حصر الإرث الجاري في المنزل العوني، يقبل بتسوية تضمن للصهر الذهبي مقعدا وزاريا”.

أنهى المرشح الجلسة.

أخذ الهاتف.

طلب قرصي بانادول. إتصل بسعد الحريري.

السابق
هل سيعقب نجاح السعوديات في الانتخابات.. نجاحات أخرى؟‏
التالي
مذكرة توقيف وجاهية بحق هنيبعل القذافي