اليمين المتطرف يفوز والعنصرية تكتسح فرنسا؟

كارين لوبن
يبدو أن هجمات 13 تشرين الثاني في باريس، جاءت لصالح حزب "الجبهة الوطنية" اليميني المتطرف. وظهر ذلك جليًا خلال الجولة الأولى من الانتخابات المحلية في فرنسا، والسؤال الذي يطرح نفسه ماذا بعد الفوز التاريخي لليمين المتطرف، وهل ستصبح أولوية الشعب الفرنسي الأمن بدل الحرية؟

حقق حزب “الجبهة الوطنية” بقيادة مارين لوبن، وسط إجراءات أمنية مشددة أمس، انتصاراً تاريخياً في الدورة الاولى بنتائج لا سابق لها، وما لم يحققه الأب صار واقعاً في عهد ابنته ماري لوبن. وسط نسبة مقترعين بلغت 50,5 في المئة، حلت “الجبهة الوطنية” في الطليعة في ست مناطق على الأقل من 13 في الدورة الأولى من الانتخابات الإقليمية بنسبة أصوات تراوح بين بين 27,2 و30,8 في المئة.

اقرأ أيضاً: الأزهر مستعد لإرسال أئمة «معتدلين» إلى فرنسا لمواجهة المتطرفين

جاءت الهجمات الإرهابية التي شهدتها العاصمة الفرنسية باريس حيث تم الكشف عن ان اثنين من المهاجمين تسللا الى فرنسا مع مهاجرين قدموا من اليونان، لتتعزز مكانة الخطاب المتطرف والمعادي لحركة المهاجرين اللاجئين الذي وفدوا إلى أوروبا وفرنسا. لينطبق المثل العربي بالنسبة للجبهة الوطنية الذي يقول: “مصائب قوم عند قوم فوائد”، إذ لم يتمكن الحزب الحاكم من الاستفادة من ازدياد شعبية الرئيس فرنسوا هولاند، الذي حظيت قراراته على صعيد الأمن بعد هجمات باريس بتأييد واسع من الشعب الفرنسي.

وفي أول تعليق، وصفت لوبن النتيجة التي حققها حزبها بـ”المذهلة” معتبرة أنها قادرة على تحقيق “الوحدة الوطنية التي تحتاج اليها البلاد”. واعلنت انها تضع نصب عينيها الفوز سنة 2017، أو على الأقل بلوغ الدورة الثاني المقررة في 13 كانون الأول الحالي.

مارين لوبن

وتقدم حزب لوبن بتلك النتيجة على المعارضة اليمينية المتمثلة بـالحزب “الجمهوري” برئاسة الرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي، وعلى الحزب “الاشتراكي” الحاكم.

وقد رفض ساركوزي، أي تحالف أو اندماج مع الحزب “الاشتراكي” الحاكم. كما رفض سحب أي من قوائم الحزب “الجمهوري” لقطع الطريق على اليمين المتطرف في الدورة الثانية .
أما هولاند الذي كان مضطراً إلى إعلان حالة الطوارىء لأنصاره، فان حزبه أي الحزب “الاشتراكي” اعلن انسحابه من منطقتين على الأقل من الانتخابات المحلية لمواجهة المدّ اليميني المتطرف في الدورة الثانية من الانتخابات..

والسؤال الذي يطرح نفسه ماذا بعد الفوز التاريخي لليمين المتطرف؟ وهل ستصبح أولوية الشعب الفرنسي للأمن بدل الحرية؟

سامي نادر
خبير الاقتصادي سامي نادر

أجاب الخبير اقتصادي ومحلل لشؤون الشرق الأوسط الدكتور سامي نادر موقع “جنوبية” عن هذا السؤال بقوله أن “العنوان العريض هو ان التطرف يولّد التطرف، وتطرف داعش رديف تطرف اليمين وبالتالي كلاهما يستفيدان من بعضهما”. مشيراً إلى أن “التطرف الديني له مصلحة بتوسيع الهوّة بين الشرق والغرب وذلك من خلال إستقطاب المسلمين بإتجاه التطرف كذلك اليمين له مصلحة لتوسّع التطرف “.

وأوعز السبب الأساسي لفوز الجبهة الوطنية للوضع الأمني، قائلاً كما لعب في السابق الوضع الإقتصادي دورا بتعزيز الحكم الإشتراكي مع هولاند عزز الطابع الأمني حظوظ اليمين”. ولفت نادر إلى أن “المشكلة الحقيقية بعدم قدرة كل الحكومات من تحقيق الإندماج بين العرب والفرنسيين وهذه الأزمة ليست وليدة اللحظة”.

ولم يرَ نادر أن تداعيات فوز اليمين في الإنتخابات المناطقية كبيرة ولكن هناك مؤشر كبير حول حظوظ لوبن بالفوز بالإنتخابات الرئاسية. مشيرا إلى أن وصول الجبهة الوطنية سيغير المشروع الأوروبي وسيعيد النظر بالكثير من الأمور الموحدة “كالوحدة النقدية” كما سيعاد النظر كما صرحت لوبن بقانون منح الجنسية ليصبح وفق روابط الدم .

وتابع نادر، ان الوضع الآن أصبح على المحك في حال فوز لوبن ليس فقط للنموذج الجمهوري ولكن أيضًا للبنيان الأوروبي من حيث الأمور الأمنية والإقتصادية التي ترتكز عليه فرنسا”.

واعتبر نادر أن ” بإستطاعة الإشتراكيين والجمهوريين الوقوف بوجه اليمين في الدورة الثانية، لكن في الإنتاخابات الرئاسية لن يكون الأمر في السهولة ذاتها كما في الإنتخابات المناطقية إذ لا مجال للتسويات والإتفاقيات خصوصًا إذا نالت لوبن بنسبة 40% من الأصوات”.

كما لفت إلى أن لوبن ابتعدت عن الخطاب العنصري لوالدها فنجحت بتلوين وتعديل الخطاب السياسي وبالتالي استفادت من أزمة اللاجئين والهجوم الإرهابي على باريس”.

وفي الختام، خلص نادر إلى أن “اليوم أصبحنا بدائرة خطيرة والتطرف سيولّد تطرف بالتأكيد، وهذا سيؤدي الى تطرف لدى الجاليات العربية مقابل مزيد من التطرف لدى الفرنسيين ولا يستبعد أي شيئ”.

اقرأ أيضاً: الآباء يحذرون أولادهم في فرنسا: لا تتحدث في الدين…اخلعي الحجاب..!

وقد صرّح جان ماري لوبن، مؤسس حزب الجبهة الوطنية اليميني المتطرف في فرنسا، لموقع “إيلاف” أن الشعب الفرنسي يعيش اليوم تداعيات إخفاق داخلي وخارجي للحكومات الفرنسية المتعاقبة المتواطئة مع التنظيمات المتطرفة، التي زعزعت استقرار الشرق الأوسط، .واتهم ابنته مارين لوبين، زعيمة حزب الجبهة الوطنية، باعتماد خطاب سياسي مغاير لمعتقدات الحزب الأساسية، رغبة منها في الوصول إلى سدة الحكم، تاركًا إلى المستقبل الكلمة الفصل لتأكيد من كان على حق.

السابق
ترشيح فرنجية يخلط التحالفات ويهدد بتفجير تحالفي 8 و14 آذار
التالي
سلام ترأس اجتماعا لخلية الازمة الوزارية وعرض مع وفد الغرفة اللبنانية الاسترالية تمتين العلاقات