لماذا سمّاها الفلسطينيون: «الهبّة»؟

ثلاثة أشهر وهبّة الشعب الفلسطيني مستمرّة. وهذه المرّة ترفع علم فلسطين القضية والدّولة العضو في الأمم المتحدة. وهذا ما يعطي كل الحق للشعب الفلسطينيّ لرفض الاحتلال الإسرائيلي، وشرعنة الوجود والحقوق."الهبّة" مصطلح سيضاف إلى قاموس لغات العالم بعد الانتفاضة. فما هي مستوجباتها القانونيّة؟!

الشارع الفلسطيني اليوم يدرك حقيقةً أن هبّته الشعبية المشروعة في الشرعة الدولية واتفاقيات حقوق الإنسان تختلف عن نظيراتها من الإنتفاضة الأولى والثانية اللتين حاولتا الوصول الى تقارب فلسطيني – إسرائيلي بتطبيق بنود اتفاقيه أوسلو (1993) لضمان حق الشعب الفلسطيني المغتصب الأرض، ولكن التحدّي يكون في كيفية التعامل الدولي مع هذه الهبّة الشعبية وتداعياتها، وسط اشتعال المنطقة بالإرهاب الدولي وتحوير المسار الثوري للشعوب العربية عن متطلباتها المندرجة ضمن بنود النظام الأساسي للأمم المتحدة ومدى انعكاس سبل التعامل الدولي عليها في ظل الحديث لاعتبارها انتفاضة فلسطينية ثالثة.

تتواصل الهبة الفلسطينية في مواجهتها المفتوحة ضد الإستباحة الاستيطانية الصهيونية شهرها الثالث، لتبزغ ملامح انتفاضة جديدة ثالثة ولكن هذه المرة بملامح واستراتيجية سياسية وشعبية جديدة، فعلى ما يبدو أن هذه الجولة من الاشتباكات في أكثر من نحو أربعين نقطة على امتداد الأراضي الفلسطينية المحتلة انطلاقا من الأقصى المبارك لحمايته ورفض تهويده والمدينة القديمة لمقاومة مشروع التقسيم في القدس الشرقية، فيما جابت المظاهرات قطاع غزة للمشاركة في الهبة الشعبية في اراضي 48 وذلك نصرة للأقصى ورفض تدنيسه متحدية الأوامر الاسرائيلية العسكرية في منع الاقتراب من جدار الفصل العنصري، ما يشير إلى توحد فلسطيني في مناطق الخط الأخضر، والأراضي المحتلة كما قطاع غزة والضفة الغربية في مواجهة الاحتلال الصهيوني بمقاومة شعبية موحدة ومواجهة من نوع جديد.

ويسعى الاحتلال الإسرائيلي لإعادة الاوضاع تحت السيطرة في الاراضي الفلسطينية، ويعتقد أنه ما زال بمقدروه رفض أية تسويات سياسية مع السلطة الفلسطينية، وسط استمرار القمع الصهيوني للشعب الفلسطيني وزيادة الاستيطان والتقسيم وآخرها اقتحام المسجد الأقصى، والذي ترجم برفض ما حمله وزير الخارجية الإميركي جون كيري من تسويات لوقف تداعيات الهبة الشعبية الفلسطينية على الكيان الإسرائيلي، إلا أن اسرائيل مدركة تماماً أن هبة الفلسطينيين، بعد انضمام فلسطين دولة عضو مراقب في الأمم المتحدة، تأتي كخطوة أولية لوضع القضية الفلسطينية في الإطار الدولي الرامي إلى انضمام دولة فلسطين إلى قانون روما الأساسي لمحكمة الجنايات الدولية، وتفعيل اتفاقية جنيف الرابعة لحماية المدنيين، في تدخل مباشرة حيّز التنفيذ فور تقديم صك الإنضمام إليها، خصوصاً في حالة الاحتلال للأرض والإقليم، ما يصطدم مع طبيعة الاحتلال الاسرائيلي في استمرار التمادي الاستيطاني وقتل المدنيين الفلسطينيين، كما ان قرار الأمم المتحدة في 13/3/2013 اطلاق اسم: الدولة الفلسطينية بدلاً من “السلطة” في جميع المعاملات الرسمية والوثائق، وفي جلسات المنظمة الدولية منح الفلسطينيين الحق في تقديم مرشحين لتولي مناصب قضائية للمحاكم الجنائية الدولية ما يفسح المجال لمقاضاة اسرائيل على جرائمها الإنسانية بتهم الإبادة الجماعية وجرائم الحرب المرتكبة بحق الشعب الفلسطيني الأعزل السلاح.

لقد كرّست الهبة الفلسطينية الشعبية واقعاً جديداً قانونياً بمفرداته ووقائعه وهي التي تندرج تحت لائحة لاهاي للحرب البرية لعام 1907 واعتبار أي فرد من أفراد الشعب الفلسطيني في حكم المقاتلين الشرعيين له كامل الحق بحمل السلاح وحماية مصالحه الوطنية ضد الاحتلال الأجنبي، فوجود الشعب سابق لوجود الدولة، ما يشرع دوليا نشوء المقاومة المتجسّدة بالهبّة الشعبية حاليا.

إذاً،غضب الشباب الفلسطيني الذي فرض حجمه على كامل تراب ارضه، رافضا الأمر الواقع الصهيوني في احتلال ارضه، خاصة بعد فشل مسلسلات تسويات السلطة الفلسطينية، كرّس هذه الهبّة المباركة كمشروع مقاومة وانتفاضة جديدة لا تقل شانا عن الانتفاضتين السابقتين.

فهل تتوصّل هبّة الشعب الواحد في انتفاضته الثالثة لتداعيات جديدة، محققاً متطلباته الحيويّة والاستراتيجيه هذه المرة، مع يقين العدو الإسرائيلي أن الشباب الفلسطيني مصمم على دحر الاحتلال هذه المرّة بالرغم من كل هذه الأوضاع العربيّة المتردية.

السابق
منسقية الإعلام في المستقبل: لعدم اجتزاء كلام أحمد الحريري
التالي
«بالاسماء»: ضباط وجنود ايرانيين وأفغان وباكستانيين شيعة قضوا في سوريا