هكذا حاولت «الجديد» اشعال فتنة «صفقة التبادل»…

العسكريين المحررين
لا جديد في ما اقدمت عليه قناة "الجديد" بالأمس خلال تغطيتها لوقائع الافراج عن العسكريين الذين كانوا مختطفين لدى "جبهة النصرة" منذ سنة واربعة أشهر.

فتحت الهواء لاعلاميي الرعيل الاول في مدرسة الممانعة، أولئك الذين ما عادت الساحات تحتفظ لهم بمكان، هم في الاصل خارج المكان والزمان، والتجارب علمتنا أن عقارب الساعة لا تعود الى الوراء، لكن لادارة قناة “الجديد” دائما رأي مختلف، فهي ترى أنّ أيا من المحلليين الموضوعيين والسياسيين العقلانيين، لا يجيد قراءة أسباب إطلاق العسكريين في هذا التوقيت، والغوص في شرح معدلات الربح والخسارة لكل من الدولة اللبنانية وجبهة النصرة الا من كان مباركا من خطها السياسي.

ذهبت “الجديد” مباشرة الى صندوقها الاسود نفضت الغبار عن عينة من صحافيي الممانعة الملتزمين بخطها، البسته بذلة رسمية “مودرن”، وطلبت من مسؤول تصفيف الشعر في القناة أن يلقي عليه نظرة علمية ويحضره للخروج على الشاشة، وبعدها انطلق رئيس المركز الممانع للشتم والسباب في رحلته التوبيخية للحكومة اللبنانية وبعض القيادات السياسية، ومن ثم عرّج الى جبهة النصرة ليستخلص أنها إرهابية شاء من شاء وأبى من أبى، (وإن كنا لا نبحث معه حقيقة هذا الامر من دونه، فهو موضوع اخر)، وكان الضيف المكرم يوحي للمشاهد أنه يريد أن يقول عبارة واحدة لا أكثر والمذيعة هي من تجبره على الاسترسال في الحديث لزوم “الشو” الاعلامي، عبارة مفادها: “لا تفاوض مع الارهاب ولا لعودة العسكريين إلا إذا كان حزب الله هو من يفاوض”…لكن توق المذيعة الى حديثه الشيّق دفعه الى قول الكثير وترداد عبارة صفقة “التبادل المذلة”، “التبادل وصمة عار على جبين الدولة اللبنانية”، حتى قاطعها وهي “تقفل” المقابلة بالقول: “أذكّر فقط أن جبهة النصرة انتهكت سيادة لبنان، والحكومة بسماحها للجبهة بالاستعراض العسكري في جرود عرسال أقرت لها بشرعيتها وهو اقرار مرفوض لأنه أتى من حكومة متخاذلة لعينة متآمرة”…..

بعدها بلحظات كرت سبحة المقابلات، وتكرر معها مشهد نفض الغبار عن إعلاميي وسياسيي “الزمن الجميل” الذين كانوا يمارسون الاعلام والسياسة من وجهة نظر بعثية…ولا يزالون، ولم تقف الامور عند هذا الحد، فقدت جندت القناة جيش مراسليها واطلقتهم، كل منهم الى جبهة، وجميعهم عادوا خائبين، كان الهدف الحصول على إدانة لجبهة النصرة من العسكريين المفرج عنهم، لكن ايّاً من العسكريين لم يقل كلمة سوء بالجبهة، واصروا جميعا حتى بعد ارتدائهم للبذلة العسكرية على انها عاملتهم بودّ ولم يتعرضوا لأي ضرب أو ايذاء، سألت المراسلة النشيطة أحد العسكريين: تقول عن الجبهة انها عاملتكم بود وهي كانت تخطفكم؟ قال بثبات وقناعة: نعم؟ فارادت استفزازه بالقول ان الجبهة قتلت رفاقكم وتقول انها عاملتكم برفق؟ اجاب: نعم .

العسكريين المحررين

فشل السيناريو التحريري، فحضرت الخطة البديلة: الذهاب الى منزل الشهيد محمد حمية الذي عاد جثة ضمن صفقة التبادل، وتحريض اهله على اهالي عرسال وضد الشيخ مصطفى الحجيري الذي شكره عدد كبير من السياسيين لوساطته في الملف، نجحت الخطة، كان تجاوب اهل الشهيد حمية كبيرا، وهم المجروحين بدماء ولدهم الذي عاد بعد اشهر من استشهاده جثة هامدة، لم تحترم القناة حرمة الموت ولا حرقة الاهل على ولدهم، مباشرة سألت المراسلة التي اتقنت اشعال فتيل الفتنة كما طلب منها بدقة: ماذا تقول للشيخ الحجيري ولاهالي عرسال بعد ما رأيته على شاشة التلفاز، ليرد الوالد المكلوم بغضب: ثأري لدى الشيخ الحجيري واهالي عرسال، ولو بعد 40 سنة، كل الذين قتل الشهداء كانوا من عرسال وهم ملثمين حتى لا نعرفهم”.

لم تكتفي ادارة “الجديد” بكل هذا، ارادت ان تختمها بفتح النار المكثف على قناة زميلة هي الـ”ام تي في”، ومراسلها حسين خريس (الذي كان يعمل سابقا لدى الجديد)، اطلقت مديرة الاخبار في الجديد على خريس لقب “الارهابي”، لانه انفرد لبنانيا بتغطية صفقة التبادل دون غيره من القنوات، وكانه بذلك افتعل جرما يستدعي العقاب الفوري، وهو استقال من العمل لديها يوم استشهد رفيقه المصور علي شعبان على الحدود اللبنانية السورية بنيران النظام امام عينيه، وكانت طلبت منه البسام صراحة ان يكذب ويقول ان من قتله كان الجماعات الارهابية المسلّحة، يومها رفض خريس ان يكون شاهد زور وارتضت هي لنفسها ذلك.

مشكلة قناة “الجديد” ان اجندتها السياسية دائما تتوافق مع الفتنة، فتحضر لها الاجواء وتمهّد لها الطريق ومن ثم ترفض ان تدفع الثمن تحت ذريعة انها رأس حربة في الاعلام اللبناني الحر والممانع.

اقرأ أيضاً: لماذا أغاظت «صفقة التبادل» الممانعين وأخرجتهم عن طورهم؟!‏

مشكلة “الجديد” ان جديدها بات باهتا، وقميصها بات مهلهلا، ودورها صار معروفا، ما عليها سوى التواضع وارتداء ما يليق بها من لباس مهني وموضوعي واخلاقي، وان تتنازل عن لعب دور “البوم السياسي” الذي يستخدم كـ”بوق اعلامي” رائد بين ابواق اخرى تتنافس في ما بينها لنيل رضى الممانعة …ومالها.

السابق
قاطع الشهية…
التالي
شاهدوا رجل مصر الجبار… قوي في كل شيء!