لماذا سيعود حزب الله وحيدًا؟

ثلاث مسائل أدخلت "إسرائيل" كعامل فاعل في الأزمة السورية الداخلية وهي: تدمير بنية الدولة السورية على يد الأسد، التدخل الروسي الذي ألغى الهلال الشيعي ومفاعيله، وارتداد "المقاومة الإسلامية" اللبنانية كميليشا لتشارك بحرب أهلية في سوريا دعمًا لنظام الأسد المنهار

للمرة الأولى صواريخ (إس 400) في اللاذقية. وكانت “إسرائيل” هدّدت بتدمير الجيل السابق الاقل تطوّرا لهذا النوع من صواريخ (أرض جو) اس 300، إذا دخلت حدود ايران. فتأجلت الصفقة بين موسكو وتهران أكثر من مرّة! ولكن ما سرّ هذا السكوت الإسرائيلي الآن، بعد أن صارت هذه الصواريخ الخطيرة الطويلة المدى على مرمى حجر؟

شاهد أيضاً: بالفيديو: أسرى حزب الله يروون تفاصيل مهمتهم في ريف حلب
يبدو أنّ العامل الإسرائيلي دخل بقوة إلى داخل البيت السوري والعربي. فدخول حزب الله إلى سوريا أنهى دور الأسد الإبن. ودخول إيران أنهى دور حزب الله، أمّا دخول روسيا الى الساحل السوري وسيطرتها على الأجواء فقد أنهى دور إيران. وفي المقابل أصبح للعامل الإسرائيلي دورًا وازنًا، بعد عمليات التنسيق العسكري والأمني الروسي – الإسرائيلي في سورية. وهذا ما جعل تل أبيب تبلع لسانها حيال كل ما يجري من تطورات، وضمِنت عبر هذا “التنسيق” أمنها، وهذا هو الأهم.

وحزب الله الذي حاول الجلوس كبيرًا على طاولة الكبار، ومنهم الأصدقاء الروس، زاحوه وأعادوه إلى حجمه الميليشياوي. بل أضرّوه، وأساؤوا إلى دوره العربي والإقليمي. وهو ما قزّم دوره اللبناني الداخلي، بل وجعله دورًا مأزومًا حيال التوافق، فبات صوتًا نافرًا، وخصوصًا بعد دعوة أمينه العام إلى تفاهم شامل، وظهر وكأنه يغرد وحيدًا، وهذا كان بنتيجة الدخول الروسي الصديق الذي أفقده توازنه. وأدخل العامل الصهيوني المؤثر بقوة حتى في مرحلة ما بعد الأسد الإبن. وكأن مرحلة جديدة بدأت من لبنان إلى سورية الجديدة، إلى المنطقة.

حزب الله في الزبداني

إقرأ أيضاً: سبع أدلّة على أنّ حزب الله في أضعف أيّامه ويفقد توازنه

والأخطر أن مجاﻻت المقاومة بصبغتها الإسلامية فقدت وهجها. وبات حزب الله مستعجلاً أكثر للخروج من الوحول السورية التي أنهكته ولوّثت إسلامية مقاومته من تدخل الكبيرين: إيران والروس. فقد دخل الحزب إلى سورية كبيرًا، وحان وقت خروجه صغيرًا ومدمّى، وهذا ما لم يرده له أحد، وخصوصًا من الذين تناولوا دوره من باب الحرص والإحترام وعدم التورّط.

أما السؤآل الأكبر: إلى أين يتجه حزب الله الآن بفائض القوة؟ فالأسد الظهير باع واشترى كعادته ونظامه من 40 سنة. وإيران تخرج هي الأخرى مدماة الأنف، والنظام يهتز. والعامل الإسرائيلي بات أكثر قوة وتأثيرًا بعد خراب البيت السوري، وبعد التفاهم الروسي – الإسرائيلي. وحزب الله هو نفسه القابل الضامن للقرار 1701 لصون حدود لبنان مع فلسطين المحتلة. وهنا يعود السؤآل بقوة عن فائض القوة الحزبلليه. أين ومتى تتفرّغ؟ وبأي اتجاه؟ وأخطر الإتجاهات وأضعفها هو اتجاه الداخل اللبناني.

إقرأ أيضاً: الحرب في سوريا على الطريقة الروسية .. حزب الله هو الخاسر

هذه المرة لو فكّر حزب الله ونفّذ وفرّغ فائضه في الداخل، فإنه سيرمي الهيكل على الكل، إنها مرحلة ما بعد سورية الأسد. وأخطر ما فيها أن مشاركة حزب الله وشركاؤه من دول وميليشيات أدخل العامل الإسرائيلي غير المباشر إلى الداخل. إن مرحلة من إعادة النظر باتت مطلوبة، فالمسألة ﻻ تتعلق بمقاومة إسلامية أو بجماعة حزب، إنها تتعلّق بوطن .

السابق
السيّد محمد حسن الأمين: ما نعيشه ليس صحوة اسلامية بل أسوء تخلّف في تاريخنا
التالي
بلاد الشام تحت تأثير ظهور المسيح والمهدي والسفياني