المسيحي الرقم 4

لم يجد كثيرون سبيلاً لفهم خطوة اقتراب رئيس كتلة المستقبل سعد الحريري من رئيس تيار المردة سليمان فرنجية، وتسويق الأول لاحتمال ترشيح الثاني لرئاسة الجمهورية، سوى أن الخطوة جاءت في سياق تعويضات لـ”الممانعة” ضمن صفقة إطاحة بشار الأسد.

 

فخطوة الحريري لا يُمكن تفسيرها لبنانياً على الإطلاق. فرنجية خصم أصلب للحريري ولحلفائه المسيحيين، والاستعاضة به عن ميشال عون هي كالمُستجير من الرمضاء بالنار، ناهيك عن أن السياسة، في لحظة اختيار فرنجية رئيساً بدل ميشال عون، ينخفض منسوب التوقعات منها إلى مستويات بلغها لبنان مرة واحدة في تاريخه الحديث، وقد جر عليه بلوغها ويلات وويلات. لقد كانت لحظة انتخاب إميل لحود رئيساً.
وفقاً لأصحاب وجهة النظر هذه، سيدفع المسيحيون الفاتورة اللبنانية لإزاحة بشار. سيأتي المسيحي الرقم 4 رئيساً للجمهورية.
فترتيب الكتل النيابية المسيحية هو على النحو التالي: التيار العوني – القوات اللبنانية – الكتائب – المردة. علماً أن هذا الترشيح هو عملية تكرارٍ لحقيقة أن فرنجية سيكون مرشح المسلمين إلى كرسي الرئاسة.

ميشال عون لن يقبل بهذا الترشيح، ومن المرجح أن سمير جعجع سيكون ضحيته الأولى. وسننتهي إلى أن يكون فرنجية هو التعويض الذي دفعه الحريري لـ”حزب الله”.
المسيحيون دفعوا الثمن الأول لسلطة آل الأسد في لبنان، وها هم مرشحون لدفع الثمن الأول لإزاحتهم عن السلطة في سوريا. هذا إذا سلمنا جدلاً أن رئاسة فرنجية ستكون أحد التعويضات التي ستُدفع لإيران في سياق عملية المقايضة على مستقبل سوريا.
ثم إن هذا الإفتراض يطرح تساؤلاً آخر، وهو أن تعويض إيران يصح أكثر إذا ما رُئّس ميشال عون، فحصة إيران بعون أكبر من حصتها بفرنجية، ذاك أن الأخير أحادي الولاء ولا تمتد علاقته مع آل الأسد لتشمل حلفاءهم البعيدين. علماً أن تسويق ترشيح عون مسيحياً مهمة ستكون أسهل من مهمة تسويق فرنجية، ويمكن لخصمي الرجلين أن يقايضا الأول، فيما يبدو مستحيلاً مقايضة الثاني على شيء.
بالنسبة الى سمير جعجع، يبقى ميشال عون خصماً رخواً وغير مستبعد عن تسوية تفضي بعون إلى الرئاسة وبجعجع إلى توسيع التمثيل والحضور. هذه الصفقة مستحيلة مع فرنجية، أولاً لأن نوع الخصومة بين الرجلين لا يحتمل صفقات، وثانياً لأن فرنجية سيدفع الثمن المسيحي للرئاسة لميشال عون قبل أن يدفعه لسمير جعجع، علماً أن المنصب لم يعد فيه الكثير مما يُدفع.
هذه السيناريوات كلها مبنية على فرضية ضعيفة تتمثل في أن طهران بدأت المساومة على ثمن بشار الأسد. والحال أن موسكو قد تكون قد باشرت شيئاً من هذا القبيل، لكن من المبكر أن نقول إن طهران قد اقتنعت وباشرت المهمة. وأن تُعرض الرئاسة اللبنانية على طهران لطمأنة “حزب الله” فهذه مرحلة متقدمة لم تبلغها الحرب السورية بعد.
المسيحي الرقم 4 رئيساً للجمهورية، والشيعي الرقم 2 رئيساً للمجلس، أما المنصب السنّي، فربما أعطي للرقم واحد في حكومة العهد الأولى، لكن لا شيء مضموناً في الحكومة الثانية، ذاك أن الرئيسين فرنجية وبري يفضلان نجيب ميقاتي… وسبق أن لُدغ المؤمن من الجحر نفسه.

 

 

 

 

السابق
بوتين يبدأ بالانتقام.. الواردات الزراعية التركية لا تستوفي الشروط الروسية!
التالي
فرنجية كان نجم «طاولة الحوار» رغم تغييب ملف الرئاسة..