«لبنان» رفض انتهاك سيادته من قبل «روسيا».. فغير المسار

إستحوذ الطلب الروسي من لبنان بتحويل مسار رحلاته الجوية بسبب مناورات بحرية في البحر المتوسط بكل الاهتمام السياسي، فأضحت كل الملفات الأخرى، على أهميتها، ثانوية، نظراً للطابع المفاجئ للقرار، وفي ظل الخشية التي برزت في الساعات الأولى من أن يؤدي هذا الطلب إلى عزل لبنان عن العالم، ولكن سرعان ما تبدّد الالتباس مع إعلان إدارة الطيران المدني اللبناني عن "سلوك مسار جوّي جديد بين لبنان وقبرص".

أثار طلب روسيا من سلطات الملاحة المدنية اللبنانية حظر الرحلات الجوية من مطار الرئيس رفيق الحريري الدولي واليه ثلاثة أيام بدءاً من منتصف الليل الماضي ضجة واسعة وذلك بداعي تنفيذ مناورات بحرية في المتوسط.  فشكّلت تطوراً جديداً غير مألوف لا في التعامل الديبلوماسي بين الدول ولا في التداعيات “التقليدية” الامنية والعسكرية للحرب السورية على لبنان.

ومع ان وزارة الاشغال العامة والنقل رفضت بعد مراجعة رئيس الوزراء تمام سلام الامتثال للطلب الذي ورد من قيادة البحرية الروسية مباشرة الى ادارة الطيران المدني في المطار من دون المرور بوزارة الخارجية اللبنانية كما تقضي الاصول، فان “أمر العمليات” هذا اثار ردود فعل سياسية داخلية سلبية كما تسبب ببلبلة واسعة على صعيد حركة الرحلات الجوية التي باتت في الايام الثلاثة المقبلة امام خريطة جديدة من التحويلات وتغيير المسارات مع ما يستتبعه ذلك من ارباكات.

وقال مصدر وزاري لـ”النهار” إن سلام أبلغ وزيري الخارجية والاشغال اللذين لم يكونا على علم بالطلب الروسي، رفض لبنان هذا الطلب الذي أبلغته البحرية الروسية للطيران المدني اللبناني في شأن مناورات تؤثر على الملاحة الجوية في لبنان، وقال: “نحن دولة مستقلة ذات سيادة. وإذ نتفهم الضرورات العسكرية الروسية، نتمسك بالقرار الوطني من دون السعي الى افتعال أزمة ديبلوماسية حرصاً على العلاقات الثنائية والجيدة مع روسيا”. وأوضح المصدر أن موقف رئيس الوزراء يعني عدم تعليق الطيران اللبناني رحلاته وما اتخذته إدارة الطيران المدني هو لاسباب تقنية فقط. وأضاف ان السفير الروسي في لبنان الكسندر زاسبكين لم يكن على علم بتدبير البحرية الروسية وكان في صدد تقديم اعتذار الى المراجع اللبنانية المعنية.

وكانت وزارة الأشغال العامة والنقل قد أكدت في بيان صادر عن مكتبها الإعلامي بُعيد عقد زعيتر اجتماعاً موسعاً مع المعنيين في المديرية العامة للطيران المدني في مبنى المطار أنه “بعد ورود برقية عاجلة من جانب السلطات الروسية  وحيث إن هذا الاجراء سيؤثر على حركة الاقلاع والهبوط في مطار رفيق الحريري الدولي نتيجة اقفال مسارات معينة، قامت الوزارة بإنشاء خلية عمل طارئة لاتخاذ الاجراءات اللازمة والاتصال بمنظمة الطيران الدولي والسلطات المختصة في مجال الطيران، بما يضمن استمرارية حركة الاقلاع والهبوط في المطار مع مراعاة أقصى درجات السلامة العامة”.

اقرا ايضًا: موسكو ملزَمة بالتنسيق الإسرائيلي.. وحزب الله محرج أكثر

التباس الموقف الرسمي

إذا كان المسار التقني تَحدّد وتوضّح، إلّا أنّ الالتباس الفعلي كان في الموقف الرسمي الذي لم يسارع إلى تطمين الشعب اللبناني، ولا إلى استدعاء السفير الروسي لاستيضاحه الخلفية الكامنة وراء طلب دولته.

وأوضحت وزارة الخارجية والمغتربين مساء أمس انّها لم تتبلّغ رسمياً من القنوات الرسمية الديبلوماسية الروسية موضوع الطلب، ويُذكر أنّ وزارة الدفاع الروسية كانت أعلنَت في بيان قبل نحو شهرين إجراء مناورات عسكرية بحرية هذا الشهر”.

–          أوضَح الأستاذ في القانون الدولي المحامي الدكتور أنطوان صفير لـ”الجمهورية” أنّ القانون الدولي يفرض التعامل بين الدول عبر وسائل محدّدة، إمّا دبلوماسية أو قضائية، وفي حال وجود اتفاقات عامة أو ثنائية فإنّ هذا التعامل يتم وفق القنوات التي تحددها هذه الاتفاقات، ورأى أنّ هذا الطلب إذا كان أتى الى السلطات عبر مطار بيروت فإنّنا نكون أمام تعاطي روسي رسمي مع مرفق عام لبناني بلا المرور بالقنوات المتعارف عليها، وهنا تبقى المفارقة بأنّ هذا الطلب يأتي في سياق أمني عسكري، وبالتالي فهو يتعلّق بالأمن القومي اللبناني ويوجب بأن يكون الجيش اللبناني على بَيّنة منه لدراسته والتنسيق مع الجانب العسكري الروسي.

 

الجيش لم يتبلغ

من جهته، أكّد مصدر عسكري رفيع لـ”الجمهورية” أنّ “قيادة الجيش تبلّغت هذا الأمر من الحكومة اللبنانية، ولم يحصل أيّ تواصل أو اتّصال عسكري مباشر بين الجيش والقيادة العسكرية الروسية أو إعطاء علم بهذا الموضوع”. وأشار المصدر الى أنّ “العملية عبارةٌ عن مناورة بحرية روسية، ولم تتبلّغ قيادة الجيش نيّة موسكو القيام بعملية جوّية على حدود السلسلة الشرقية الفاصلة مع سوريا، أو توجيه ضربات لتنظيمَي “داعش” و”النصرة”، أو انطلاق الطائرات الحربية الروسية من حاملات الطائرات في البحر وخرق الأجواء اللبنانية لتنفيذ ضربات على الحدود أو داخل سوريا”، مؤكّداً أنّ “قبول إقفال الأجواء الجوّية أو عدمه يعود الى الحكومة اللبنانية”.

 

اقرأ أيضًا: التدخل الروسي في سوريا فشل… وكشف إيران

جنبلاط ينتقد “القراصنة” الروس

سياسياً، تفرّد رئيس “اللقاء الديمقراطي” النائب وليد جنبلاط بتحقيق سبق صحافي عبر كونه أول من كشف عن البرقية الروسية من خلال تغريدة منتقدة عبر “تويتر” لما وصفه بـ”الأمر” الروسي، وسأل: “هل الوزير (جبران) باسيل على علم بهذا الأمر أم لا؟”، أضاف متهكّماً على زيارة باسيل إلى موسكو: “يا لها من زيارة ناجحة. فعبّر عن رفضه أن “نصبح حياً من موسكو”.

كما دعا إلى “احترام الحد الأدنى من السيادة اللبنانية”. واعتبر أنّ البرقية البحرية الروسية تجسّد “فعل قرصنة من جانب الروس”. واصفا “استخدام مسار جوي أطول” بأنها الطريقة التي “يجب التعامل بها في هذه الأيام مع قراصنة البحرية الروسية”. كذلك لفت إلى أنّ السفير الروسي في لبنان أليكسندر زاسبيكين “ادعى عدم علمه بشيء” في ما خصّ هذا الموضوع

 

السابق
البغدادي يفخّخ محور خامنئي – بوتين
التالي
الخطوط الجوية الكويتية الغت رحلتها ليوم غد الاحد