حزب الله سينسحب من سوريا تزامنا مع تطبيق «وقف اطلاق النار»

حزب الله في سوريا
خلافا لما كان يحصل في تفجيرات واعتداءات ارهابية سابقة غابت شعارات الموت لآل سعود واتهام اطراف داخلية من قوى 14 آذار بالتورط في استهداف بيئة حزب الله، إجتهد انصار الحزب في ضبط ردود الفعل وتصويبها في مواجهة الارهاب والتمييز بين الارهابيين من جهة، ومن كان يتهمهم حزب الله بأنهم البيئة الحاضنة للارهاب في لبنان من جهة ثانية.

قبل تفجير برج البراجتة الارهابي، وبعده، ساد الهدوء لهجة الامين لحزب الله والعقلانية، للمرة الاولى، فهو في خطاب عاشوراء كان عالي النبرة مطلقا اتهاماته ومحرضا جمهوره ضد المملكة العربية السعودية وضد المذهب السني متهما إياه ضمنا باحتضان الارهابيين.

وفجأة ومن دون مقدمات تراجع سقف خطاب الأمين العام الى المطالبة بالتسوية الشاملة، قبل التفجير الارهابي في البرج، وأكد في خطاب أكثر هدوءا بعد التفجير، أن التسوية التي يقترحها، تحت سقف الطائف، ولا تمت بصلة الى أي مشروع “مؤتمر تأسيسي”، أو مثالثة أو سواها.

المعلومات تشير إلى ضمور الدور الايراني في سوريا تباعًا، ومن خلفه دور حزب الله، وهذا ما تعكسه تصريحات بعض المسؤولين الايرانيين، خصوصا عند تطرقهم للدور الروسي، الذي سحب بساط النظام السوري من تحت القبضة الايرانية، وتاليًا قبضة حزب الله، فوقع الحزب بين فكي كماشة، التسوية القادمة الى سوريا، والتي يبدو أن ايران لن تكون مؤثرة فيها، خصوصا أن مؤتمر فيينا الأخير بشأن سوريا، كان نجومه وزراء خارجية الولايات المتحدة وروسيا والعربية السعودية، وبين الانسحاب من الميدان السوري، الى بيئة لبنانية لطالما حذرت الحزب من مخاطر تورطه في وحول الجيران.

والعودة الى لبنان من دون تسوية سترفع سقف المخاطر التي سيواجهها الحزب، ولا بدّ من التمهيد لهذه العودة، التي يبدو أنها أسرع مما يتوقع، حيث أشارت مصادر ديبلوماسية روسية إلى أنها قد تكون قبل نهاية العام الجاري، وهذا ما أكده وزير الخارجية الاميركي جون كيري أمس الذي أشار الى أن وقف إطلاق النار في سوريا سيطبق خلال أسابيع.

تزامنا سوف يسأل حزب الله عن دوره في سوريا، وعن الشهداء والجرحى والمعوقين، وعن ردود الفعل التي خلفها قتاله في سوريا على لبنان من النواحي الامنية والاقتصادية والبنية الاجتماعية اللبنانية كافة، خصوصا أن جميع المقولات التي ساقها الحزب للتدخل في سوريا سوف تسقط خلال اسابيع، فلا حماية المقامات ولا اللبنانيين الشيعة في القرى الحدودية، ولا حرب إستباقية على الارهابيين كي لا يصلو الى جونية، فهم ضربوا الضاحية مرارا، وتعليق انتخاب رئيس للجمهورية وتعليق العمل بمؤسسات الدولة كافة في انتظار العودة المظفرة من سوريا.

حزب الله في سوريا

من هنا كان لا بد من استباق هذه العودة، والسعي الى تسوية، كما قال امين عام الحزب، تحت سقف اتفاق الطائف، وليس وفق منطق المنتصر في سوريا والموت لآل سعود واتهام وتخوين الشريك الآخر في الوطن.

ويبقى السؤال هل يجب على قوى 14 آذار، ان تلاقي دعوة نصرالله في منتصف الطريق؟

التجارب السابقة مع الحزب لا تبشر بأنه يلتزم الاتفاقات، من الدوحة الى إعلان بعبدا كانت موافقة الحزب على الاتفاقات لتقطيع الوقت في انتظار اللحظة المناسبة للانقضاض على الشركاء والدولة معا، ونقض توقيعه، وإعطاء نفسه حجما اكبر من لبنان، بما يشير الى ان لبنان حديقة الحزب التي ينطلق منها الى مهام إقليمية ودولية تتجاوز قدرة لبنان على تحملها او مواجهتها.

ولأن هذه التجارب لا تبشر بإيجابيات يمكن البناء عليها، ولان الحرب السورية هي آخر حروب حزب الله، يبقى الحل الامثل للتسوية التي يطرحها الامين العام للحزب العودة الى الاصول الدستورية، وتنفيذ إتفاق الطائف الذي تأخر تنفيذه اكثر من عقدين ونصف، من دون اجتهادات واثمان تدفعها الدولة والمؤسسات للسياسيين جميعا، والعودة الى الاصول الدستورية، تعفي الجميع من مسؤولية تقديم تنازلات متبادلة لصالح بعضهم البعض، فتكون التنازلات لصالح الدولة وبشروط الدولة، فتستقيم الحياة السياسية في البلاد بمعزل عن تفسيرات اجتهادات للدستور تحت مسميات الميثاقية التي تعطي الطوائف حق تعطيل الحياة السياسية والدستورية، مبدعة الثلث الضامن حينا والمعطل حينا آخر، والتخلي عن صفات أعطيت للطوائف فهذه وطنية وتلك عميلة وأخرى حاضنة للارهاب.

السابق
اللواء جعفري: ان لم یکن العمید الشهید همداني لکانت دمشق قد سقطت
التالي
جواز سفر المشارك بهجمات باريس يحمله 8 لاجئين