أزمة الوعي الديني 2

إن الكثيرين من الباحثين والمفكرين الذين تناولوا أزمة الوعي والفكر الديني السائد بالتقييم والنقد والبحث، وقعوا في نفس الخطأ الكارثي الذي وقع فيه منظروا ومؤطروا الفكر الديني، لقد مارسوا بكل نرجسية ورعونة وقسوة نفس الحرام الفكري، وهذا ما أدى بهم إلى نظرة أحادية إقصائية وإلغائية تسفيهية لما يدعى بالموروث الديني.

لقد جهلوا وغاب عنهم أن المشكلة ليست في المتون ولا في النصوص، بل في اسلوب تعقل وتفاعل وانفعال البنية الفكرية العربية بالمتون والنصوص، لقد جهلوا أن أزمتنا الحقيقية التي نعاني منها ليست أزمة دينية، بل من أزمتين: الأولى: فكرية تنويرية. الثانية: وروحية إنسانية.

ولذا كان اﻷجدى بهم قبل الحديث عن اصلاح الفكر الديني، أن يتحدثوا عن اصلاح البنية الفكرية للعقل العربي، ﻷن هذه البنية هي المسؤولة عن أزماتنا الثقافية والاجتماعية والانسانية والسياسية والاعلامية والتربوية والتعليمية والأخلاقية…الخ.

إنه لمن المضحك أن يتحدثوا عن اصلاح الفكر الديني، وهم حتى اليوم لم يستطيعوا ولو مبدئيا أن يخترقوا البنية الفكرية للإنسان العربي في تعامله مع القمامة والنفايات على سبيل المثال، أو في تعامله مع الانتظام في طابور لابتياع الخبز أو الصعود إلى حافلة، بل انهم فاشلون ببراعة.

ينتقدون الأنظمة الدكتاتورية، ومنها الملكية، على ممارساتها القمعية وابتعادها عن الديمقراطية .. بينما الكثير منهم ينتمي لأحزاب لا تختلف من حيث الممارسة عن تلك الانظمة… سوى بالكلام والشعارات الطنانة والرنانة.

السابق
قيادة تحالف القوى الفلسطيني تثني على خطاب نصرالله
التالي
المشنوق: إنجاز استثنائي للمعلومات بإعتقال شبكة التفجير