بين اعلام «السكوبات» واعلام «الإحتراف».. لبنان وفرنسا خير مثال

أكثر من مئة قتيل كانو حصيلة سلسلة الهجمات الارهابية على فرنسا ولم نرَ أي صورة أو مشهد لقتيل أو جريح على الشاشات الفرنسية. جريمة بلا دماء، احترمت أجساد الضحايا ومشاعر الجرحى .. على عكس ساعات البث المباشر التي شهدناها على الشاشات اللبنانية عقب تفجيري برج البراجنة، والتي انتهكت حرمات الموتى ومشاعر الجرحى وغضب أهالي الضحايا، فهل اخفاء هذه الصور وسيلة راقية أو أسلوب سيئ؟

بعد لبنان ضرب الارهاب فرنسا، ساعات طويلة من الرعب عاشتها باريس التي تحولت الى مدينة حرب جراء سلسلة من الهجمات الإرهابية  بأماكن متفرقة والتيأودت بحياة نحو 140 شخصاً إضافة الى عدد كبير من الجرحى، وكان من تداعياتها المباشرة استنفار السلطات الفرنسية، إعلان حالة الطوارئ وإغلاق الحدود  مع دول الجوار لمنع فرار منفذي الهجمات بالإضافة إلى عقد اجتماع أمني على الفور في ساعات الفجر.. سلسلة من الإجراءات المباشرة والاحترافية  التي لم نشهدها في لبنان بعد تفجيري برج البراجنة لا أعلنت حالة طوارئ ولا حتى أعلن يوم حداد لم يسمع سوى أصوات التنديدات والاستنكرات بهذا العمل الإرهابي. لكن، يبقى اللبناني لا يتوقع أكثر من ذلك دولة اللاقرار هذه العاجزة في كل الملفات.

ولكن، مجرد متابعة الاعلام الفرنسي بطريقة مواكبته ونقله للحدث، يجعلنا نعيد النظر ونحسب السنوات التي على اعلامنا اللبناني والعربي اجتيازها للوصول الى هذا المستوى العالي من الحرفية وكيف عملت بكل أمانة ومهنية لتوفير المعلونات اللازمة بأقل كلفة نفسية على المشاهد .

فرنسا ارهاب

140 ضحية ولم نرَ صور لجثث وأشلاء أو جرحى في كل الوسائل الإعلامية الفرنسية وحتى في المشاهد المصورة أثناء وقوع الحادثة يسبقها  عبارة تحذير بأن “المشاهد قاسية” فيما هي لا تشكل واحد في المئة من قساوة مشاهد الجثث والأشلاء التي تبث في اعلامنا. وهذا ما يجعلنا أمام سؤال مهم هل اخفاء صور الضحايا وسيلة راقية أو سيئة؟ اختلف اللبنانيون اليوم حول هذه الإشكالية.

اقرأ أيضًا: بالفيديو والصور:داعش تضرب… وسقوط 120 قتيلا في باريس

لكن المبادئ الإعلامية هنا واضحة أنه وبدلاً من عرض هذه الصور يجب إعطاء مساحة كافية لتوصيف صورة العنف نصياً والتعليق عليها.  في حال عدم توفر هذه المساحة، ينبغي التخلي عن نشر الصورة. وفي حال كان شريط اخباري مصوّر بدلاً من بث مشاهد صارخة لجثة، يمكن استبدالها بثياب مضرجة بالدماء، دون أن يتسبب ذلك بصدمة مفرطة.

وهنا، يتبين لنا حرفية الاعلام الغربي ورقيه بإحترام أرواح الذين سقطوا واحترام مشاعر المشاهدين الذين يمكن أن يكونوا أقرباء أو أصدقاء لأحد من الضحايا.

اقرأ أيضًا: برج البراجنة: منطقة سنية شيعية فلسطينية.. والقاتل قتل منهم جميعاً

فمع بدء انتشار الاخبار حول سقوط قتلى، تناقل المواطنون الخبر وتم التقاط صور للضحايا الذين غطوا بالشرارشف. أما وسائل الاعلام التي واكبت الحدث بعيداً عن اماكن وقوع التفجيرات اكتفت باتصالات مع مسؤولين أمنيين من الاستديو او في اتصالات مباشرة مع مراسلين أجروا مقابلات بدقة تامة مع الفرق المتخصصة التي تجري مسحاً ميدانياً أو مع بعض شهود عيان، لكن بأسئلة دقيقة  أولويتها المعلومة، لا “البروباغندا”، كأداء مراسلينا الذين همهم الوحيد كسب الشهرة  واظهار البطولات على حساب قيمة الخبر ومشاعر المشاهدين هذا أننا  لم نشاهد منذ ليل أمس الى اليوم، اي فرد فقد مقرب له  من ضمن الضحايا الـ 140على الشاشات.

انفجار برج البراجنة

لكن، في تفجيري برج البراجنة، طلّ المراسلون على مختلف التلفزيونات بقصد تحقيق السكوب الإعلامي وكل شيئ بكفة والأسئلة التي سئلت على الطفل “حيدر” الذي فقد والديه في الإنفجار أمام عينيه بكفة أخرى إذ تنوعت أسئلة المراسلين على الطفل : “وين مام وباب يا حيدر؟” “تركوك” “ما حا يأخذوك بلعبوك بقى” ” شو شفت؟ ” فاستغلت براءة هذا الطفل بقصد تحقيق السكوب الإعلامي، حيدر ليس المثل الوحيد الذي أسئلة مماثلة طرحت على العديد من الأطفال الذين أصيبوا في الحادثة إذ سئل أحد الأطفال “شو شعورك إنو بيك إستشهد؟ بعد 24 ساعة من الجريمة؟؟”. هكذا التقارير الصحافية في لبنان كما الصفحات الفيسبوكية تستخدم  أي أسلوب  أو عرض أي صورة وأي حالة انسانيه لجذب اكبر عدد من المتابعين .

 

فهذه السكوبات بعد يوم واحد من الجريمة هي جريمة بحد ذاتها هناك حد أدنى من إحترام الموتى  والجثث واحترام خصوصية ومشاعر أهل الضحايا.(

(تغطية الإعلام الفرنسي للحدث)

 

السابق
نصرالله: ما حدث في برج البراجنة صار واضحh بنسبة كبيرة لدى الأجهزة الأمنية وأجهزة المقاومة
التالي
مقدمات نشرات الأخبار المسائية ليوم السبت في 14/11/2015