معركة التشريع تثبت زعامتي عون وجعجع مسيحياً

لقاء جعجع عون
فتحت "الجلسة التشريعية" مجالاً لتقارب غير مسبوق بين رجلان يشهد لهما التاريخ على أدمى الخلافات، إلى حين تبدلت الأوراق السياسية وانقلبت الموازين بين أعداء الأمس . فهل سنشهد تبدّل بالتحالفات على خلفية عقد الجلسة التشريعية؟ وهل سنشهد عودة انقسام المسيحي المسلم الذي كان سائدًا إبان الحرب الأهلية بدلاً من الانقسام السني - الشيعي؟

تحت عنوان “تشريع الضرورة”  تزعزع زمن التحالفات واختلطت الأوراق بين أعداء الأمس وحلفاء اليوم، إذ تشهد الساحة السياسية اللبنانية  حلف ثلاثي بين القوى الأبرز مسيحيًا خاصة بين القوات اللبنانية والتيار الوطني الحرّ فاجتمعت المصلحة الموحّدة واتفقا على من يفترض أنهم “حلفاء”.

ومن باب “التصويب” وليس “الحسد والله يديم المحبة”، هذه المودة المستجدة بين الرجلين غير مقنعة في ظلّ ما يحمله تاريخهما من خصومة دامت نحو 27 عاما وحرب إلغاء مدمرة بين فريقيهما أوقعت آلاف القتلى وخلّفت أحقادا وانقسامات لا تزال بارزة بشدة بين المسيحيين، وجرّت الويلات الكثيرة على لبنان إذ كانت المدخل الأساسي للحرب الأهلية التى انتهت لاحقًا بنفي عون وسجن جعجع.

وبعد عودة عون وخروج جعجع من السجن فى أعقاب خروج القوات السورية من لبنان، ظلا يتنافسان على زعامة المسيحيين، كما أصبح عون حليفا قويا لسوريا و”حزب الله” بينما جعجع أبرز خصومهما فى لبنان وأقرب الحلفاء لتيار المستقبل ليتوثق العداء أكثر وأكثر.

لكن، في الواقع تدعيم الجسور بين أعداء الأمس ليس وليد هذه اللحظة،  بل برز في زمن إعلان النيات بين “القوات” و”التيار الوطني”.

 

أما على مستوى التيار الأزرق والقوات فهذه الهوّة بدأت تتسع فيما بينهما منذ لحظة مبايعة جعجع لـ”القانون الأرثوذكسي” حينها كثرت التحليلات كما الحال اليوم على كسر الحلف بينهما إلا أنه صمد إلى حين  بروز مشكلة “تشريع الضرورة”.

إذ تعوّل الأوساط الصحفية والسياسية على أن الخلاف الجديد قد يكون أسوأ وأخطر من الخلاف بشأن “اللقاء الأرثوذكسي”. خاصةً، بعد كلام “الحكيم” الأخير الذي يطالب فيه الرئيس سعد الحريري بأن يقتدي بوالده الشهيد باحترام الميثاقية، سرعان ما استوجب ردودا ناعمة حينًا وتراشق كلامي على المستوى الشعبي  من ناحية أخرى.

إلى ذلك، التباعد في المواقف بين رئيس التكتل والتغيير النائب ميشال عون وحليفه حزب الله للمرّة الأولى  إذ إعتاد على تدليل حليفه ومجاراته في جميع  طروحاته ومواقفه، إلا أنه هذه المرة رحب بجلسة الضرورة إلى جانب حليف عون اللدود برّي. على أنه أبقى قنوات الإتصال مفتوحة بين الضاحية والرابية بغية الوصول إلى تفاهم.

الحريري وجعجع

 

هذه المعطيات طرحت العديد من التساؤلات تصدرت عنواين هذه المرحلة من حيث هل سنشهد تقلب بالتحالفات على خلفية عقد الجلسة التشريعية؟ وهل سنشهد عودة انقسام المسيحي المسلم بدلاً من الانقسام السني الشيعي؟

 

وعلى الرغم من المساعي المكثفة لإحتواء المشكلة كان آخرها اعلان الرئيس الحريري أن تيار المستقبل سيشارك في الجلسة التشريعية غدا لإقرار المشاريع المالية ، مشيرا أنه  لن يحضر أي جلسة تشريعية بعد جلسة الغد لا تكون مخصصة لمناقشة قانون جديد للانتخابات بهدف التوصل إلى صيغة لإقرار”. وهذه المبادرة من الحريري أّدّت إلى إعلان جعجع مشاركته في جلسة غد.

الى ذلك، رأى الكاتب والصحافي سعد محيو أن “الخلاف حول الجلسة لا يحمل تداعيات كبيرة ذلك أن لا مواقف موحدة بين المسيحيين فالميثاقية بين الأطراف المسيحية مفقودة”. لذا استبعد محيو أن يفك كل من التيار الوطني والقوات حلفهم مع الأطراف السياسية.

إقرأ أيضًا: بري – عون: معادلة «النصف حليف»… أو «الأعدقاء»

واعتبر أن “لو هذا الوفاق على مسألة اقليمية ممكن أن يولد إنقسام مسيحي في لبنان إلا أن هذه المرحلة عابرة”. مشيراً إلى أنها “لا تضع إلّا في خانة المناورات السياسية ولن تؤدي إلى تخلي أي طرف عن حليفه”.

وعلى قاعدة، أن حزب الله لا يسمح له فك تحالفه مع عون من جهة وما ينطبق أيضًا على المستقبل والقوات، إلى ذلك الفيتو على التحالف بين عون وجعجع.  رأى الصحافي نبيل هيثم أن “هذه الجلسة لن تؤدي إلى انقلاب جذري خاصة أن بين المسيحيين خلافات عميقة وتوافق العوني القواتي ما هو إلا توافق بالصدفة وعلى عنوان عريض وليس توافق على الجوهر”.

إقرأ أيضًا: بعد «الإبراء المستحيل» «الحليف الخسيس في جلسة الخميس»

وأشار هيثم أن “هذا الفعل هو فصل من فصول المزايدات المسيحية المسيحية، وكل منهم يخاطب جمهوره لشدّ عصبه المسيحي وذلك أن الكل يدرك أن لا امكانية لإدراج قانون الانتخابات في ظل المناخ المتقلب”.

السابق
«نصرالله»: لتسوية سياسية شاملة على مستوى الوطن
التالي
شتيمة عون لـ جو معلوف: أين المتضامنون مع الاعلام؟