لماذا الابتهاج والفرح لأردوغان في لبنان؟!

فاز حزب "العدالة والتنمية" بزعامة الرئيس رجب طيب اردوغان في الانتخابات البرلمانية التركية، بعض اللبنانيين احتفلوا دون ان يعلموا ان أردوغان وحزبه يعملون فقط من أجل مصالح تركيا العليا دون سواها، ولا يهمهم مصلحة ايّة جماعة دينية او مذهبية في المنطقة.

في الفترة الأخيرة وبعد الانتخابات التركية وفوز حزب “العدالة والتنمية” الحاكم بزعامة الرئيس رجب طيب اردوغان في الانتخابات الحاسمة النيابية، انتشر عبر مواقع التواصل الاجتماعي في لبنان الـ“Face book”  نوعا من الابتهاج والفرح وكأن اللبناني أصبح تركيّاً.

 

 ولكن الذي أضحكني كثيراً بعض مقاطع الافلام وسخافة الكتابات الركيكة بمعانيها تعظيما للرئيس التركي رجب طيب اردوغان، كالدرع الحامي والمنقذ المدافع العظيم عن المسلمين. وحتى على المستوى الشارع أيضا، بعض اللبنانيين الرعاع أصحاب الخلفية المذهبية المتحمسين لفوز اردوغان وحزبه، متوهمين أنه سيقلب الموازين السياسية والعسكرية في سورية، وبتغيير الاحداث السياسية أيضا على الساحة اللبنانية لصالح طائفة على حساب طائفة أخرى، وذلك من زاوية التفكير الطائفي والمذهبي لبعض من الذين يشوهون وطنية وثقافة وانفتاح الطائفة السنّية بتفكيرهم الرجعي المتخلف

.

إن انتصار أو فوز حزب الرئيس التركي رجب طيب اردوغان بالانتخابات البرلمانية التركية تأتي أولاً وأخيراً من أجل مصالح تركيا العليا دون سواها. وإنعاشاً لذاكرة هؤلاء الرعاع الطائفيين البعيدين عن الفهم كل البعد، المتعاطفين مع تركيا والمهللين لفوز حزبها الاسلامي، لو كانت الدولة التركية برئاسة اردوغان يهمها أمر المسلمين بشكل عام والطائفة السنية بشكل خاص لدخلت إلى سورية ومنعت المجازر بحق المسلمين السنّة التي يرتكبها النظام السوري، أو على الأقل لأنجز الرئيس اردوغان إقامة منطقة عازلة حماية للشعب السوري السنّي داخل الأراضي السورية والقريبة مباشرة من الحدود التركية كما طالب هو أكثر من مرّة ولكنه عاد وخضع للموازين الدولية، وذلك بدل ذلّهم داخل مخيمات “كيليس” التركية. ولو كانت تركيااردوغان يهمها الإسلام السنّي لامتنعت عن حملاتها العسكرية بحق الأكراد السنّة الذين يطالبون بتحرير أرضهم.

الرئيس التركي رجب طيب اردوغان الذي يجاهر بخطاباته أمام مناصريه الأتراك محاضراً عن الانسانية والرحمة، مستعينا بأحاديت من الدين الإسلامي وآيات من القرآن، لو يهمه أمر المسلمين السنّة أولاً: لقطع يد تنظيم الدولة الإجرامية “داعش” في سوريا، بعد قيامها بذبح الشعب السوري واكثريتهم من المسلمين السنّة في الرقة وبعض مناطق ادلب ودير الزور.

ثانياً: الرئيس اردوغان لو أراد أن يخفف من معناة الشعب المسلم السوري لقبل أو وافق على الإنضمام للتحالف الدولي والمشاركة في توجيه ضربات مؤلمة ضد تنظيم الدولة الاجرامية داعش“، أو حتى على الأقل منع عبور لمئات المقاتلين الأجانب القادمين من أوروبا للإنضمام لداعش في سوريا عبر الأراضي التركية، وبغضّ نظر واضح من قبل أجهزة مخابرات دولته.

الشعب التركي يختلف كليا عن الشعب اللبناني المتعدد المذاهب والأحزاب والتيارات السياسية المنتمية بولائها للخارج لا للوطن. إذ إن أغلبية مجتمع الشعب التركي منضو أو مناصر لاحزاب سياسية عدة، علماني بإيمان ويمتاز بثقافة وطنية عالية جداً وصلبة من أجل تركيا، ولاؤه أولاً وأخيراً للوطن تحت راية المؤسس للدولة العلمانية الراحل مصطفى كمال أتاتورك.

الشعب التركي له طبيعة ذاتية لا تشبه طبيعة الشعب اللبناني، لا تستطيع إن تفرق بين مكوّن مجتمعي ومكوّن آخر فيه، أنه شعب شجاع ومتعصب كثيراً لقوميته. شعب يحب إسلامه، وعاداته الدينية لا يمارسها بالعلن بل ضمن أماكن العبادة والمنازل فقط، حتى رجال الدين الاتراك لا مكان لهم في الحياة السياسية، ولا يتدخلون بالحياة المدنية للمجتمع التركي مثلما يحصل في لبنان.

الشعب التركي لا يعرف النفاق أو التزلف، شعب متعلم ومجتمعاته مثقفة حتى بيئياً، ومقسّم إلى مجتمعات مهنية عدة، مجتمع حرفي وصناعي وزراعي وتجاري، مجتمع لا وقت لديه للمظاهر المتزلفة، يهتم كثيراً بالفن والرياضة، المجتمع التركي لديه خبرة في استجلاب السواح، وماهر ومهندس في إقامة المناطق السياحية. مدنه واحيائه وشوارعه نظيفة، لا يعرف البطالة ويعشق الحياة ولا يعير للسياسة اهتمام مبالغ به وشبابه لا يتسكعون على الطرقات لممارسة هواية تدخين النراجيل.

 

        

    

السابق
الأمن العام يعلن عن اعتقال شبكة تجسس لصالح اسرائيل في الجنوب
التالي
تشريع الضرورة للإطاحة بالسرية المصرفية في لبنان؟