الخلافات السياسية تقضي على أحلام اللبنانيين بالـ «بطاقة الصحيّة»

يبقى المواطن في لبنان هو الأقل قيمة، والأخفض سعرا، والأدنى درجة بالنسبة الى رؤسائه وزعمائه، الا اذا استطاعت هذه السلطات المسؤولة عنه ان تستفيد منه بشتى الطرق.. من الضرائب الى إنعدام الخدمات والتي أقلها الصحيّة. فأين صارت البطاقة الصحيّة يا ترى؟

تبقى العائلات اللبنانية صامدة رغم كثافة الازمات الاجتماعية الضخمة التي تمرّ بها، لكن الظروف الصعبة التي تواجهها هذه العائلات اقتصاديا وماديا حدّث ولا حرج، وسط الظروف السياسية الصعبة التي يمرّ بها لبنان منذ سنوات، والتي باتت أكثر حدة في الوقت الراهن، حيث ترى هذه العائلات ان الهواجس المادية والاقتصادية تزداد وتقترب من حدود الخطر. ما يجعل حياة أرباب العائلات أكثر قلقا على المصير، ويجعل من الرؤية المستقبلية أكثر ضبابية.

وقد واجهت العائلات اللبنانية مؤخرا تدهورا ملحوظا في قدرتها الشرائية، اضافة الى ارتفاع تكاليف الحياة من أقساط مدرسية وجامعية الى بدلات إيجار سكني متزايدة، وكلفة شراء شقق سكنية متضخمة، ونفقات يومية وشهرية باهظة نتيجة غياب الرقابة، بدءا من فاتورة الطعام والنقل والتلفون والكهرباء والمياه، اضافة الى المزاحمة في سوق العمل للعوائل الأكثر فقرا بسبب ارتفاع نسبة اللجوء الى لبنان من سوريا منذ العام 2011، وهو وضع مرشح للتفاقم والتفاقم في ظل إستمرار الأزمة السورية، اضافة الى الضرائب المتزايدة والبطالة والخدمات الإجتماعية والإستشفائية التي يدفع ثمنها المواطن وسط تعقيدات في العلاقات بين المستشفيات والضمان الاجتماعي من ناحية، وبينها وبين شركات التأمين التي تتحفّظ على الكثير من الخدمات الصحية التي تقدمها غالبية المستشفيات في لبنان.إضافة الى مسرحية تأخير الرواتب للعاملين في القطاع العام مؤخرا بحجج “تشريعية”، كل ذلك وسط أوضاع سياسية ضبابية وأوضاع إقتصادية عنوانها الرئيس التحذير من الركود الإقتصادي.

إقرأ أيضاً: الخلاف الايراني السعودي الى الاعلام.. فهل تدفع «الميادين» الثمن؟

البطاقة الصحيةهذا وجاء فشل وضع مشروع جدّي للتغطية الصحية الشاملة بسبب استماتة البعض للحفاظ على النظام الحالي الذي يبقي صحة وحياة أكثر من مليوني لبناني رهن مساعدات وزارة الصحة أي رهن الحاجة للزعيم ولشبكة المصالح الحاكمة. وكانت وضعت وزارة الصحة على عهد الوزير علي حسن خليل مشروعا للتغطية الصحية الشاملة رفعته إلى مجلس الوزراء، وقد نوقش في إطار اللجنة الوزارية المشتركة، علماً أن مشروع الوزير خليل سبقه مشروعان آخران طرحا خلال السنوات الأخيرة كمشروع الوزير محمد خليفة في حكومة الرئيس فؤاد السنيورة الثانية، ومشروع وزير العمل السابق شربل نحاس، ولكنهما وضعا في أدراج الإهمال.

ومن الواضح أن المواطن اللبناني هو المستهدف، فيما المؤشرات الصحية تتراجع منذرة بنتائج خطيرة العواقب نتيجة استمرار أزمة القطاع الصحي وذلك على الرغم من ان مجموع النفقات الصحية في لبنان يصل حجمها الى 8.1% من الناتج القومي الإجمالي، وهو رقم بحسب “منظمة الصحة العالمية” يعتبر من الأعلى في المنطقة.

إقرأ أيضاً: ديما صادق وكذبة «تشويه صورة المقاومة»

تعددت المشاريع والخطط الصحية المطروحة، في ظل غياب الرؤية الشاملة لدى الدولة اللبنانية، التي وعلى مدى عقود تقارب الموضوع الصحي بصورة عشوائية ودون دراسة، حيث اطلقت وزارة الصحة الإستراتيجية الوطنية للرعاية الصحية الأولية، من أجل تعزيز الرعاية الصحية الأولية في لبنان، وسبقتها مبادرة مشتركة بين وزارتي الصحة والشؤون الإجتماعية والضمان الإجتماعي، التي تهدف الى تأمين الخدمات الصحية مجاناً في جميع المستشفيات العامة والخاصة لـ18800 عائلة لبنانية رازحة تحت خط الفقر، اضافة الى العديد من المشاريع والعناوين الأخرى، وأبرزها مشروع البطاقة الصحيّة، التي وعد العمل عليها في العام 2006 من خلال تأمين التغطية الصحية لنحو 60 % من المواطنين اللبنانيين غير المضمونين، إلا أننا سنختم العام 2015 ولم تبصر النور بعد.

من هنا، فان الواقع الصحي في لبنان سيبقى على حاله، والتحركات ستبقى على حالها، والمواطن يبقى عرضةٌ لخطر الموت على أبواب المستشفيات، في ظل وجود 30 مستشفى حكومي بعضها معطّل، وأكثريتها مهملة، و125 مستشفى خاصة همّها الربح في ظل تلهيّ المسؤولين بالقشور بعيدا عن هموم المواطنين الحياتية.

إقرأ أيضاً:  من هم علماء القلمون، ولماذا استهدفوا وما علاقة ملف العسكريين؟

السابق
الاسد يرد على أردوغان : منع دبلجة المسلسلات التركية وعرضها
التالي
عقوبات أميركية على لبنانيين و4 شركات بتهمة دعم «حزب الله»