قراءة إسرائيلية للاستراتيجية الروسية في سوريا

نشرت صحيفة “يديعوت أحرونوت” مقالا لمراسلها العسكري رون بن يشاي استعرض فيه الاستراتيجية الروسية في سوريا، والطريقة التي تخطط بوساطتها روسيا من اجل انهاء الحرب الاهلية السورية، ورؤيتها الى المرحلة الانتقالية ودور الرئيس السوري بشار الأسد خلالها. وراى الكاتب ان الروس بعكس الأميركيين يعرفون تماماً ماذا يريدون في سوريا، وقد وضعوا خطة عسكرية وسياسية من أجل تحقيق هذه أهدافهم. فما هي هذه الاستراتيجية؟
نظرية “سوريا الصغرى”
في راي الكاتب الهدف الاساسي الذي تسعى اليه روسيا هو :”الحصول على موقع بري وبحري في شرق البحر المتوسط، والتحول الى العنصر المؤثر في المنطقة على حساب الولايات المتحدة. وسيحاول بوتين استخدام نجاحاته في سوريا من أجل التوصل الى اتفاقات مع الغرب بشأن أوكرانيا، بالاضافة الى مصالح اقتصادية توازي المليارات من خلال تحويل الشرق الأوسط الى سوق للسلاح والعتاد الروسيين. ومن أجل تحقيق هذا كله فإن روسيا بحاجة لنظام بشار الأسد في سوريا الذي يحظى برعايتها والمرتبط بموسكو والمدين لها ببقائه، حتى لو كان هذا النظام لا يسيطر الا على جزء صغير من سوريا”.
وتابع الكاتب: “تكتفي روسيا بسورية الصغرى التي تمتد على طول الساحل ويربطها ممر ضيق بدمشق. ومن مصلحتها تحقيق الاستقرار بسرعة في هذه المنطقة، وفي اعتقادها أن وجود الأسد في الحكم يؤمن هذا الاستقرار.” ويلمح الكاتب هنا الى أن الوجود الروسي في سوريا لا قد يخدم في نهاية المطاف مصلحة إسرائيل ايضاَ.

اقرأ أيضًا: روسيا تقضم أصابع إيران وحزب الله…
علي المملوك المرشح لوراثة الأسد
على صعيد الموقف الروسي من استبدال الرئيس الأسد كتب رون بن يشاي: “يملح المقربون من الرئيس بوتين من وقت الى آخر إلى أن الروس لا يصرون على بقاء الأسد رئيساُ لسوريا، لكنهم يتسمكون بضرورة ان يرحل باحترام بعد مرحلة انتقالية، وألا يكون مصيره مثل مصير القذافي. ويجري الروس محادثات مكثفة مع رئيس الاستخبارات العسكرية علي المملوك الذي يعتقدونه مرشحاً لوراثة بشارالأسد وذلك بعد موافقة الطائفة العلوية. ووفقاً لتنظيمات المعارضة فقد اتهم علي المملوك قبل أشهر بالانقلاب على الأسد، لكن بعد فترة قصيرة وعاد وظهر علناً إلى جانبه في دمشق. وفي جميع الاحوال فإن الروس يجدونه محاوراً جدياً”.

خطة عسكرية وتحرك سياسي
في رأي الكاتب أن الروس لم ينسوا الدرس القاسي الذي تعلموه من حرب أفغانستان، لذا فهم لا يريدون ارسال جنودهم للقتال على الأرض.وبدلاً من ذلك يستعينون بالإيرانيين، فهناك نحو 2000 مقاتل من الحرس الثوري الإيراني بقيادة قاسم سليماني قائد فيلق القدس، الى جانب الميليشيات الشيعية من إيران وأفغانستان والعراق، ومقاتلي “حزب الله” اللبناني. وكتب: ” يشن الروس هجوماً بالتنسيق مع الإيرانيين لطرد قوات المعارضة من منطقة إدلب وحلب وحماه واللاذقية، وهم يستعينون لهذا الغرض بالجيش السوري النظامي والقوات الإيرانية والميليشيات الشيعية من اجل تحقيق هدفين؛ الأول توسيع الجيب العلوي ومنع احتلال اللاذقية من جانب “جيش الفتح”؛ والهدف الثاني تكبيد قوى المعارضة خسائر كبيرة واقتلاعهم من الأماكن المبنية قبل مجيء فصل الشتاء. ويعتقد الروس انهم اذا نجحوا في ذلك سيجبرون قوات المعارضةعلى التفكير بالانضمام الى المفاوضات من موقع ضعف، والقبولبحل يبقي الأسد في السلطة.”
واشار الكاتب إلى أنه “بعد أيام قليلة على الهجوم الروسي-الإيراني بدأ بوتين تحركه السياسي فدعا الرئيس الأسد الى الكرملين حيث حصل منه على موافقته على الخطة التالية: بعد توقيع اتفاق مع المعارضة تشكل حكومة موقته تشارك فيها قوى المعارضة وممثلون عن النظام. ويبقى الأسد في منصبه كرئيس لفترة موقتة تستمر ما بين نصف سنة حتى سنة ونصف السنة. بعدها تجري انتخابات برلمانية في سوريا ثم رئاسية، والشعب السوري هو الذي يقرر ما اذا كان على الأسد أن يستقيل في نهاية العملية.”
في رأي الكاتب تركز الخلاف بين المشاركين في مؤتمر فيينا على المدة التي سيبقى خلالها الأسد في الحكم، وعلى دوره في المرحلة الانتقالية. فقد رفض كل من المعارضة السورية والسعوديون وتركيا القبول باستمرار الأسد في الحكم ولو لفترة قصيرة. لكن الإيرانيين والروس والأميركيين أظهروا مرونة من خلال موافقتهم على بقاء الأسد لفترة قصيرة في الحكم لا تتجاوز بضعة أشهر قبل مغادرته سوريا بسلام مع عائلته ومؤيديه”.

احتكاكات بين الإيرانيين والروس
يشير الكاتب في مقاله الى بروز الاحتكاكات بين العسكريين الإيرانيين في سوريا والروس برغم التعاون فيما بينهما. ووفقاً الى كلامه يشكو الإيرانيون من أن الروس لا يقدمون مساعدة كافية لقواتهم على الارض، وان الغارات على محورين شمال سوريا لا تتقدم وفق الوتيرة المطلوبة. ويتحدث بن يشاي عن تصاعد الاحتجاجات داخل إيران، لاسيما في اوساط الاصلاحيين على التدخل العسكري الإيراني في سوريا وعلى ارسال مقاتلين إيرانيين الى هناك.
في مقابل ذلك اشار الكاتب الى ان الروس يدّعون انهم يحترمون الاتفاقات التي جرى التوصل اليها بين بوتين وسليماني ووزير الخارجية الإيراني. وكتب: “يسمح الروس للطائرات الإيرانية المحملة بالسلاح بالهبوط في مطار بالقرب من اللاذقية الذين قاموا بتوسيعه. لكن هناك مشكلات صغيرة يعانيها الروس، فغاراتهم لم تترك اثرها على قوى المعارضة السورية التي على ما يبدو تخلت عن مواقعها داخل الاماكن المبنية وانتشرت في مناطق ريفية لا تعرفها الاستخبارات السورية. واصبح على الروس اليوم البحث عنهم بانفسهم بواسطة طائرات من دون طيار الامر الذي يستغرق وقتاً.” وتحدث الكاتب عن وقوع خسائر بين الجنود الروس، وأنه قبل نحو اكثر من اسبوع قُتل 10 جنود روس في قصف للمعارضة استهدف دمشق. مما يكشف ان الروس بعكس تصريحاتهم استقدموا بضعة فرق خاصة من النخبة للقتال البري بينهم فرقة من القناصة الشيشان ونشروها على خط التماس في دمشق”.

(النهار)

السابق
الرئيس روحاني: بالإمكان ايجاد حلول سياسية لمشاكل سوريا واليمن والبحرين
التالي
جولة «اللاقرار» التاسعة هل تلحق بسابقاتها؟