امتحان الزبالة في انتظاركم

الياس الديري

ما حصل وتحقّق أول من أمس حميدٌ ومبارك. ويدعو تلقائياً للتفاؤل وانتظار المزيد. كما يشجّع على توقّع متغيّرات وإيجابيّات يحتاج إليها البلد والناس بإلحاح ومن زمان. وتمهّد بخطوات بطيئة لانتقال لبنان من حال التعطيل التام والشامل إلى استئناف الحياة الطبيعيّة، والحركة الطبيعيّة، والعمل الطبيعي في مختلف الحقول وعلى كل الصعد والمستويات.

ومن جهة أخرى يبرهن أنّ حوار عين التينة لم يكن لمجرّد جمع شمل الفريقين اللذين جمّد خلافهما الدم في عروق كل شيء، وكل المصالح، وكل المؤسّسات، وكل المعامل ومصادر الإنتاج.
أما حوار ساحة النجمة، فهو يُثبت منذ جلسته الأولى أنه مجدٍ وفعّال، ونقل جلسات تشريع الضرورة من موقع التمنّي إلى منطقة التنفيذ خلال الأيّام المقبلة.
لم يُعد التفاهم بين مَنْ قسموا لبنان شقفتين وضفّتين وبلدين وشعبين يحول دون التلاقي، والتصافي، والعمل معاً في سبيل إنقاذ وطن النجوم والزبالة من حضن الجمود والإفلاس إلى جادة الحياة والنشاط.
والمهمّ، إلى جانب هذا التطوّر الإيجابي جداً، أن الرؤوس الحامية قد اغتسلت على ما يبدو في مياه شديدة البرودة. وهذا ما جعل الناس يتوجّهون إلى الرئيس نبيه بري، “مؤلِّف” الحواريْن، بالشكر والتشجيع على المضي قدماً في ترجمة الأحلام إلى أفعال، ريثما تحين ساعة الاستحقاق الرئاسي، وينزل الحمل الثقيل عن جميع الظهور، ويزول الخوف والقلق من كل النفوس والرؤوس.
تبلّغ اللبنانيون العاديون مثلما تبلّغ كبار القوم والقادة أن الخلاف ممنوع. والاشتباك السياسي ممنوع، كما الاشتباك الأمني. كذلك الأمر بالنسبة إلى الحكومة التي تلقّت دعماً جديداً يمكّنها من إنتاج زخم إضافي في عملها الشامل كل القطاعات والمؤسّسات، واتخاذ قرارات ينتظرها المواطنون على أحرّ من الجمر، ووضع خطط ومشاريع تساعد على عبور مرحلة الانتظار بسلام.
ما حصل كلّه حسَن، وكل ما جرى وصار جيّد.
الآن، من هنا إلى أين؟
هاتوا برهانكم على أنكم صادقون وجدّيون وعازمون على تحقيق إنجاز كبير من شأنه التأكيد لهؤلاء الصابرين بصمت أن ما كان ذهَب ولن يعود. عندئذ قد تستعيدون شيئاً من ثقة مَنْ سحبوا ثقتهم منكم، وتستعيدون في طريقكم شيئاً أو أشياء من لبنان الذي كان…
الامتحان الكبير ينتظركم. وهو من مادة واحدة وحيدة. فإما أن تُقدموا وتنجحوا وتنالوا ثقة مزدوجة، وإما أن تتحوّل مادة الزبالة المنتشرة برواج منقطع النظير في كل لبنان إلى أزمة ومأزق يطيح ما أنجزتموه، ويهدم أحلام مَنْ صدّق وتفاءل.
إنه امتحان الزبالة، فهاتوا ما عندكم.

(النهار)

السابق
هل سيفعلها شهيب اليوم؟
التالي
أزمة التعطيل تطال رواتب العسكريين