حقوق المرأة في إيران ليست من أولويات حكومة روحاني

النساء في ايران
مرة أخرى يحتدم الجدل في إيران بين الجمعيات النسوية الحكومية وغير الحكومية والأطراف المتشددة، حول حقوق المرأة وحمايتها من أشكال التمييز الممارس ضدها من قبل مؤسسات الدولة، على خلفية منع "نيلوفر أردلان" كابتن فريق لعبة الفوتسال للسيدات من السفر للمشاركة في بطولة آسيا للسيدات، بعد إخفاقها في الحصول على إذن سفر من زوجها.

هذه الحادثة أشعلت معركة جديدة بين الحقوقيين ورجال الدين المتشددين، في إيران، إلا أنها انتهت لصالح رجال الدين كما هي العادة، كما انتهت أيضا معركة حرمان النساء من حضور المباريات الرياضية في حزيران الماضي.

ردة فعل نائبة رئيس الجمهورية حسن روحاني لشؤون المرأة والعائلة “شهيندخت مولاوردي” اتجاه منع “أردلان” من السفر لم تكن على المستوى المطلوب، فقد حجمت المعركة وحصرتها بمطالبة الحكومة بإصدار توصية استثنائية تسمح للمرأة بالمشاركة في المناسبات الدولية، الأمر الذي كان موضع انتقاد لها من قبل الحقوقيين، ولم يرض بالطبع رجال الدين، الذين يعترضون على اي خطوة من هذا النوع مهما كان حجمها وإطارها.

إقرأ أيضاً: تجدد حملات تأديب «السافرات» في إيران…

الحقوقيون اعتبروا مطالبة “مولاوردي” انهزاما وتراجعا في مسيرة مكافحة أشكال التمييز ضد المرأة في إيران، فموقعها الرسمي يحتم عليها فرض قانون عام تستفيد منه كل النساء في إيران وليس الحصول على استثناء، في الوقت ذاته اعترض رجال الدين المتشددون على بقاء هذه السيدة في هذا المنصب.

ايرانيات

يرى عدد من الناشطين في مجال حقوق المرأة في إيران أن مكتب شؤون المرأة في رئاسة الجمهورية انسحب من المعركة وترك الزمام لرجال الدين مجددا، ، فبدل أن يواجه غطرسة البيروقراطية الدينية المهيمنة حاول التقليل من أهمية طرح مولاوردي بتبريره أن المطلوب هو إجراء تعديلات بسيطة على قانون إصدار جوازات السفر وليس تغييره. ذلك لأن حقوق المرأة ليست من أولويات حكومة روحاني.

لكن لماذا رغم كل الجهود المتضافرة في قضية حقوق المرأة في إيران لم تصبح حتى الآن أولوية في حكومة روحاني؟يقال إن هناك ثلاثة أسباب تحول دون إحراز أي تقدم في قضايا المرأة في حكومة روحاني.

السبب الأول: أن حكومة روحاني لا تملك كتلة شعبية مثقفة تتبنى هذه القناعات، وبالتالي هي ليست جاهزة لتبني حركة اجتماعية مطلبية بهذا الحجم، فحكومة روحاني عمليا، هي نتاج توازن قوى بين الأجنحة الثلاثة الحاكمة: الجناح البراغماتي، الجناح الديني، الجناح العسكري، لهذا السبب هي تضعف أمام أي ضغط من قبل أحد هذه الاجنحة، يعني أنها لا تملك شخصية محددة محايدة، إنما تعيش على ردات فعل أحد هذه الأجنحة وتخضع لضغوطاتها في القضايا الكبرى والرئيسية.

https://www.youtube.com/watch?v=CZODPpdE0v0

السبب الثاني: أن حكومة روحاني أثبتت أنها عاجزة عن إحداث فرق أو تغيير في السياسة الداخلية، وفي الفضاء الثقافي العام، خلافا لما حققته على صعيد السياسة الخارجية، في السياسة الخارجية وصل الانفاق الحكومي مداه، بينما الانفاق على السياسات الداخلية والشان الثقافي ظل ضعيفا وخجولا، السياسات الخارجية أثبتت أن حكومة روحاني متماسكة وتدير بذكاء الخلاف السياسي والاستراتيجي بين الأطراف السياسية المتصارعة، في حين أهملت الفضاءات الثقافية والاجتماعية الداخلية، عن قصد، ربما لإلهاء رجال الدين عن معركتها الخاصة، فكانت المرأة هي ضحية توازن القوى غير المعلن هذا.

 

السبب الثالث: أن تصريحات المسؤولين في الحكومة بالأخص قسم شؤون المرأة في رئاسة الجمهورية، حول حقوق المرأة، وإن كان استفزازيا في بعض الأحيان، إلا أنه في معظمه استعراضي، فالحكومة رغم اعتراضها على مسألتي منع أردلان من السفر وحرمان النساء من دخول الملاعب الرياضية، إلا أنها مررت في النهاية هاتين المسألتين.

ايرانياتيرى الحقوقيون في إيران أن وضع المرأة في المجتمع الإيراني إلى تراجع، رغم وصول من يعتبرهم العالم، إصلاحيين إلى الحكم، ورغم وجود عدد من المستشارات في رئاسة الجمهورية. فقد كاد أن يشكل فوز الإصلاحيين بارقة أمل في هذه القضية، لكنهم أي الاصلاحيين يبدو أنهم مصابون بداء الانفصام، فهم يريدون أن يقنعوا العالم بإيران منفتحة، دون أن يبذلوا أي جهد أو أي اهتمام في ترجمة هذا الانفتاح في الداخل، وفي مجال حقوق المرأة بالذات.

إقرأ أيضاً: إيران من التهديد والوعيد إلى القلق على طريقة الإتحاد الاوروبي

من ناحية اخرى، يرى البعض الآخر، أن الناشطين في مجال حقوق المرأة في إيران يديرون معركتهم بطريقة خاطئة، وعليهم أن يدركوا أن إحراز تقدم في مجال إلغاء أشكال التمييز ضد المرأة في إيران، لا يحدث بالاكتفاء بتحدي رجال الدين أو انتقاد أدبياتهم، فمعركتهم هي في إقناع السلطة التنفيذية بأحقية مطالبهم، لذلك عليهم نقل المعركة من الحوزة إلى داخل أروقة مجلس الوزراء، واعتماد تقنية الضغط المباشر على الحكومة، عبر طرح مطالبهم ضمن مخطط ثقافي اجتماعي حضاري مقنع وشامل، هكذا يبنغي أن يوجهوا معركتهم وليس باتجاه أجنحة القوة في الدولة أو أجهزتها الرديفة، المعركة يجب أن تكون سياسية قانونية وليس دينية أو استراتيجية أو إيدلوجية كما كل المعارك التي تخوضها إيران في الخارج أو حتى الداخل أيضا.

السابق
كاميرات في المسجد
التالي
طهران تحتج لدى ألمانيا بعد استخدامها لمسمى «الخليج العربي»