المرأة في دنيا العرب والإسلام: العادات فوق الدين

العنف ضد المرأة
لأنّ الدين أقدس من النص القانوني، والعادات أقدس من الدين، في المسائل المتعلقة بالمرأة حصراً. والثقافة السائدة في الدول العربية والإسلامية تعتبر الفوارق الفطرية هي أساس النظام الإلهي وطاعة المرأة لزوجها حق وتأديب. وحتى مؤتمر بكين 1995 كان موضوع العنف مطموساً، تطرقت مجلة "شؤون جنوبية" لدور اتفاقية "سيداو"، وكيف يتعامل معها لبنان والدول العربية.

في التدقيق ببنود اتفاقية سيداو (إلغاء جميع أشكال التمييز ضد المرأة) الصادر عام 1979 لا نجد بنداً يشير بشكل واضح إلى العنف. لكن اللجنة المسؤولة عن مراقبة تنفيذ الاتفاقية، ألزمت الدول الموقعة تضمين تقاريرها معلومات عن العنف الممارس ضد المرأة. وفي عام 1993 رأى مؤتمر فيينا أن حقوق المرأة جزء لا يتجزأ من حقوق الإنسان وهذا ما شكل الأرضية التي من أساسها أصدرت الجمعية العمومية في الأمم المتحدة: “إعلان مناهضة العنف ضد المرأة”.

اقرأ أيضاً: جنسيتي من حق أبنائي والسياسة تمنع تطبيق القانون؟!

وتغيب عن الدراسات والتقارير الصادرة من البلدان العربية أية أرقام أو معلومات أو إحصاءات دقيقة، لأن حياة النساء مازالت في حيز “التابو”. وأفضل مثال هو العنف المنزلي، فهو مقبول اجتماعياً والحديث عنه يفضح خصوصيات العائلة ويمس شرفها وخصوصاً أن موروثنا الثقافي ينتج خطاباً يبرر العنف ضد المرأة، ففيه مايجعل جسد المرأة ملكاً للزوج أو الأسرة وهو مجال رأسمال رمزي للرجل الذي لا يتلوّث بما يعقده هو من علاقات، بل يتلوّث بعلاقات زوجته وقريباته حقيقية كانت أو متخيلة برجال آخرين. وفيه ما يفرض واجب الطاعة على المرأة ويعطي الرجل حق التأديب لها في المجال المنزلي ويمنع من امكانية مقاضاتها للرجل.

واليوم يزيد الخلط في مجتمعاتنا ما بين حيّز الدين باعتباره علاقة روحية تربط الإنسان بما بعتقد به وبين حيّز المواطنة باعتبارها انتماء للدولة المؤسسة. هذا الخلط أدى إلى التمسك بالقوانين التمييزية في مجال الأحوال الشخصية وهي كثيرة جداً.

ومن الأمثلة غير المعروفة أن المرأة الأجنبيّة غير المسلمة والمتزوجة من رجل مسلم لا ترث زوجها حتى ولو حصلت على جنسية زوجها. والمرأة المسلمة المتزوجة من رجل غير مسلم لا يُعترف بزواجها.

سيداو

ونتيجة لهذه العوامل وغيرها فإن المنطقة العربية وفقاً لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي (UNDP) تحتل ثاني ادنى مرتبة في العالم على مقياس تمكين المرأة (GEM). ويُعدّ تمثيل المرأة العربية في البرلمانات الأدنى في العالم، بمعدل 6.5% في المنطقة العربية (باستثناء منطقة المحيط الهادئ) في حين أنّ المعدل العالمي يبلغ 16%. فالمجتمع الذكوري يشكل عاملاً رئيسياً يعوق نهوض المرأة العربية. على الرغم من أنّ دساتير معظم الدول العربية تنصّ على المساواة بين المواطنين كافة، إلاّ أنّ الكثير من القوانين في هذه الدول تتعارض مع هذا المفهوم. ولا تُعامل المراة على قدم المساواة ولا تحظى بالمزايا كلها التي يتمتع بها الرجال في المنطقة العربية في قوانين الضمان الاجتماعي والمعاشات وضريبة الدخل والميراث والمسائل الجنائية.

اقرأ أيضاً: حقوق المرأة اللاجئة من فلسطين وسوريا حوارات وتوصيات وشهادات

في لبنان

وفي لبنان لم تضع الدولة أي قانون موحّد للأحوال الشخصية للمواطنين كافة، الأمر الذي يشرّع المعاملة التفضيلية للرجال في القوانين الطائفية. والتشريعات القانونية تختلف بين الطوائف الإسلامية والمسيحية، ويسود نمط عام ذكوري، فتميز كافة القوانين الدينية بين الرجل والمرأة في عدد لا يحصى من المسائل، بما فيها الزواج وإسناد الأدوار داخل الأسرة.

السابق
مي سكاف تشمت بموت زميلتها رندة مرعشلي!
التالي
المشنوق سيشارك في الحوار بإلحاح من بري والحريري ودريان وعسيري