الطاعون والكوليرا في لبنان القرن الواحد والعشرين!

لم يكن ينقص لبنان سوى الكوليرا ليصير عراقا ثانيا. فبعد موجات الفساد والإرهاب والصراع المذهبي الداخلي، والصراع الإقليمي الخارجي على لبنان، جاءتنا الأوبئة التي ستقضي على من لم يُفكر بالهجرة بعد. ولا أظن انه من المناسب بعد اليوم لوم أيّ من المهاجرين عبر البحار على هروبهم الانتحاري العائلي الجماعي.

تنبّأت المتنبئة اللبنانية ليلى عبد اللطيف منذ شهر تقريبا بـ”ظهور عوارض صحيّة طارئة شبيهة بأعراض وباء الكوليرا بسبب تفاقم أزمة النفايات”، وقالت ايضا أن “الصرخة ستأتي على لسان وزير الصحة وائل أبو فاعور الذي يقود خطة عمل ستحمي اللبنانيين من أزمة الوباء، وحالات وفاة سيسببها هذا الوباء، ولن ينتشر بشكل كبير”.

هذا التنبوء أدخل الطمأنينة الى قلوب الزعماء اللبنانيين وأفرحهم.

الطاعونو”الطاعون” هي رواية للفيلسوف الفرنسي ألبير كامو، يصف فيها وقع الوباء على الطبقة الشعبية في الجزائر في خمسينيات القرن الماضي، و الرواية تدفع الى الشعور بالغثيان والقرف، ولا يمكن إكمال قراءتها الا بصعوبة تامة. هذا ما شعرت به حين أردت تحليلها والتعليق عليها. فهل سنصل الى مرحلة الغثيان أوالإنتحار؟

فالطاعون وباء تنقله الجرذان التي تكثر نتيجة تكاثر الأوساخ والزبالة، أما الكوليرا فهو وباء أيضا، ولكن ينتشر نتيجة التلوث والنفايات. فهل سنشهد ولادة “أدب الأوبئة” قريبا في لبنان؟

ويقول أحد اختصاصيي الأمراض الوبائية لقناة (أم. تي.في)اللبنانية، إن “الخطر لا يتوقف على الكوليرا، لان آلاف الجراثيم قد تتأتى عن عمليات التفاعل بين المياه وهذه النفايات، من ضمنها السالمونيلا، فضلاً عن خطر تكاثر الجرذان، وبالتالي خطر انتشار مرض الطاعون، والوضع يصبح كارثياً أكثر إذا تساقطت الأمطار”.

كوليراويُعتبر مرض الكوليرا مرضا مُعدّيا، وهو ينجم عن تناول غذاء أو ماء ملوث ببكتيريا الكوليرا«Vibrio cholerae». حيث يتم تسجيل نحو 3 إلى 5 ملايين حالة سنويا في العالم، ويتراوح عدد الوفيات الناجمة عن الكوليرا بين مئة ألف ومئة وعشرين ألفا سنويا.

وتنتقل العدوى عن طريق الفم أي استهلاك المياه والأغذية الملوثة، أو بواسطة الأيادي الملوثة والمأكولات النيئة وغير المطبوخة جيدا. وتتراوح فترة حضانة البكتيريا بين يومين وخمسة أيام من دون ظهور أية عوارض.

كما ترتكز الأعراض، على الإسهال الحاد الغزير، غالبا من دون حرارة، مما يؤدي إلى الجفاف. ويسبب الجفاف الشعور بالعطش والوهن والضعف الشديد، وتغوّر العينين.

أما الأكثر عرضة للمرض فهم الأفراد الذين لا يتمتعون بمناعة قوية، كالأطفال والمسنين. وقد تؤدي الإصابة بالكوليرا، إلى الوفاة.

وكان العراق قد أصيب بوباء الكوليرا حيث أعلن عن ارتفاع عدد الإصابات بمرض الكوليرا في قضاء ابو غريب لوحده إلى 141 إصابة محتملة، بينها 37 حالة مؤكدة.

النفايات والأمطار

اما في لبنان، فقد أكد وزير الصحة العامة وائل ابو فاعور في وقت سابق لهطول الامطار أن “الكوليرا خطر قائم في لبنان، لكن النفايات لا تولّد الجرثومة، وبالتالي لا داعي للقلق. وإن البلاد متّجهة نحو أزمة مديدة في موضوع النفايات لأن الحلول المقترحة الآنية تتطلّب وقتاً، محذّراً من أننا إقتربنا من الخط الأحمر حيث أن المكبّات العشوائية التي تمّ استحداثها بدأت تبلغ حدها الأقصى خصوصاً المكب المستحدث في محيط المطار الذي يُشكّل ضرراً على المناطق السكنية المجاورة وخطراً على حركة الطيران. ودعا للحفاظ على النظافة الشخصية، وإبعاد المكبات العشوائية الموقتة من المؤسسات العاملة في الشأن الغذائي والأماكن السكنيّة كمكب الكرنتينا حيث توجد مطاحن”.

إقرأ أيضاً: الأمطار الخريفية تبدّد قسماً من ثروتنا الوطنية

وأكد أننا “لا نملك ترف الوقت ولا رفاهية الانتظار، فإما أن تحزم الدولة سواء الطمر أو التصدير”… او الموت يا معالي الوزير في ظل ارتفاع عدد اللاجئين الذين يعانون أكثر من أي أحد غيرهم من قلة النظافة ومن غياب المياه المعقمة!!

واللبناني الذي تطالبه يا معالي الوزير بتعقيم الأغذية والمياه يضطر في كثير من الأحيان لشراء الأرخص من المياه والأطعمة لأنه لا يملك المال الكافي لتقصيّ أحوال النظافة الغذائية التي صارت في لبنان رفاهية وترفا.

السابق
تعرفوا على قائمة أغنى نساء العالم!
التالي
اعتصام أمام سراي النبطية:استمرار في الاضرابات والاعتصامات حتى إقرار السلسلة