مفكران روسيان: هذا ما دار بين الأسد وبوتين

إستضافت BBC الناطقة بالروسية الأربعاء في 21 الجاري اثنين من كبار المفكرين والمحللين السياسيين الروس، وسألتهما : "عن ماذا تحدث بوتين مع الأسد في موسكو؟"، فبماذا أجابا؟

غيورغي ميرسكي (GeorgiMirsky)، كبير الباحثين في معهد الإقتصاد العالمي والعلاقات الدولية، وقد اشتهر خلال الحقبة السوفياتية بدراساته حول العالم الثالث وما سمي حينذاك بـ”طريق التطور اللارأسمالي”، أجاب بالتالي:
“إذا كانت دولتان تحاربان سويةً، فمن الطبيعي أن يلتقي زعيماهما من وقت لآخر. ومن الطبيعي جداً ألا يذهب بوتين إلى دمشق، بل أن يأتي الأسد إلى هنا. وهذا يحمل طابعاً محض دعائي، علاقات عامة، وكنت لأقول بأن هذا يرمي للقول للعالم أجمع إنه لدينا اتحاد راسخ ونخوض الحرب معاً ضد عدو مشترك، ولا يظنن أحد ان بوتين يتخلى عن الأسد تحت الضغط.

ذلك جانب من الزيارة. الجانب الثاني ، هو في الجوهر.

لم يكن لدى الأسد ما يطلبه من بوتين، كل شيء متوفر لديه منذ زمن بعيد. عنده دباباتنا وطائراتنا ومدافعنا… فليس لديه ما يطلبه، بل أن ينحني احتراما ويتقدم بالشكر، وهذا ما فعله.

أما بوتين فقد تكون لديه أسئله يطرحها على الأسد. أعلن بوتين أن العملية الجوية سوف تستمر ما استمر هجوم الجيش السوري. وأنا أعتقد أنه سال الأسد: “كم من الوقت سوف يطول هذا الأمر وما هي آفاقه. هل من تقدم أم لا، فنحن لا نعرف شيئاً! يخبروننا عن أسماء قرى يشغلها هذا الجيش، وليس من أسير واحد حتى الآن، ليس من خريطة تظهر عليها الأراضي التي حرروها”.

تدور في سوريا الآن خمس حروب وليس حرباً واحدة! وعدوّ بشار الأسد الرئيسي ليس الدولة الإسلامية، بل المعارضة الداخلية. فما العمل معها؟

إذا كان ينوي الأسد قتالهم ثم سيلتفت إلى الدولة الإسلامية بعدما يقضي عليهم، فالسؤال هو: هل لديه ما يكفي من القوة ؟ أضف إلى ذلك، فإن طيراننا يجب عليه أن يقصف أعداءه هؤلاء. وهذا بالضبط ما يجري، حسب أخبار الصحافة الأجنبية.

ويثير قلقي هنا تصريح لبوتين، يقول إنّ المساعدة سوف تُقدم للأسد ليس فقط في الصراع ضد إرهابيي الدولة الإسلامية. كيف نفهم ذلك؟

إذا كان المقصود بذلك أن القنابل الروسية سوف تسقط على مواقع “جبهة النصرة ” (المرتبطة بالقاعدة) والإسلاميين الآخرين، فهذا هو ما يجري حالياً، إذ أنهم يقصفونهم جميعاً.

أما إذا كان المقصود بأن بشار الأسد سوف يتلقى الدعم في القتال ضد المعارضة الداخلية، فإن هذا يعني توسيعاً كبيراً للعملية ووضع حد نهائي لكل الأحاديث عن إمكانية التسوية السلمية”.

بوتين والاسد

ألكسندر بونوف (AlexanderBaunov )، صحافي روسي عمل في عدد من الصحف الروسية وفي Newsweek الروسية، له مؤلفات عديدة، وهو حالياً رئيس تحرير موقع Carnegie.ru، أجاب بالتالي:

“من الواضح أنهما تحدثا بموضوعين: الحرب والسياسة، أما كم احتل كل منهما من الحديث، فلا أدري.

احتلت الحرب جزءاً من الحديث، بالتأكيد. جرت مناقشة مؤشرات العملية العسكرية: كم من الوقت سوف نبقى هناك، ما هي الأهداف التي يمكن أن نبلغها معاً؟ من الواضح أن استرجاع كل سوريا، أمر خارج حدود إمكانيات الجيش السوري، سواء بمساعدتنا أو بدونها. ما يعني أنّ الأهداف ينبغي أن تكون واضحة. هذا ما دار الحديث حوله.

ثانياً، أنا واثق تقريباً بأنّ روسيا لعبت الدور التقليدي بالنسبة لها في إقناع الدكتاتور… ليس في أن يغادر، فالوقت الآن ليس كما كان عليه الحال في تسعينيات القرن الماضي. فلو أننا، افتراضا ً، أقنعنا حينها ميلوسوفيتش بالخروج من كل مكان، أو صدام حسين بالخروج من الكويت، فإنني أشك بأننا نستطيع الآن أن نقنع الأسد فعلياً بترك السلطة.

ما نريده بالضبط هو أن نُظهر بأننا نريد دعم حليفنا، الذي يريد “شركاؤنا ” إسقاطه.

لكن كان بوسعنا أن نتحدث معه عن النظام السياسي في سوريا وعن مستقبلها، بعدما تتقبل المعارضة حقيقة أنها لم تتمكن من الإطاحة به خلال أربع سنوات حتى بدون الدعم الروسي، أما مع الدعم الروسي فإن الأمر يبدو خارج حدود طاقاتهم.

هذا يعني أنه يبرز وضع لا يستطيع خلاله الأسد أن يفكر باسترجاع البلاد كلها، ولا تسطيع المعارضة أن تأخذ دمشق. يبرز وضع يضطر خلاله الجانبان إلى الإعتراف بأن وجود كل منهما حتمي.

هنا، وفي إطار مقاربتنا الأخيرة من أميركا والغرب عموماً، نصل إلى الخلاصة التالية: هيا لنتعاون في القتال ضد الشر المشترك... وهي جزئيا لفظية شكلية، لكن وراء هذه الشكلية، أعتقد أن ثمة محاولات حقيقية لتجاوز العزلة والخروج من شبه الحرب الباردة إلى موضوع ما مشترك. وسيكون أمراً رائعاً لو أنّنا نتمكّن من أخذ وعد من الأسد بتقاسم السلطة”.

إقرأ أيضاً: روسيا: UN لضمان «سوريا المفيدة» فماذا عن واشنطن وطهران؟!

السابق
الجيش: مناورة قتالية بالذخيرة الحية في منطقة حنوش حامات
التالي
تفجير مسجد للشيعة في باكستان والحصيلة الاولى 10 قتلى