السيد محمد حسن الأمين: لا يجوز لمن يمجّد ثورة الحسين ان يدعم أنظمة ظالمة

أصل التشيّع هو البكاء على الحسين(ع) كما يقول السيد محسن الأمين، وبغض النظر عن القائل، أن البكاء على الحسين هو أصل التشيّع، فإن هذه العبارة توجز وتكثّف معنى التشيّع في الإسلام، فالتشيّع هو بالتأكيد تيار إسلامي أصيل، يمثل موقف فئة من المسلمين تجاه موضوع الخلافة التي بدأ الخلاف حولها قبل العهد الأموي واستشهاد الإمام الحسين عليه السلام.

ولكن لماذا ثار الحسين؟ ولماذا الاحتفاء بعاشوراء؟ يجيب سماحة العلامة المفكر الاسلامي السيد محمد حسن الأمين: “من الواضح أن الإمام الحسين(ع) خاصة بعد استشهاد الإمامين علي والحسن(ع)، تولّى موقع المسؤولية الأولى في صيانة الإسلام وفي القيام بحركة تصحيحية لما آلت إليه أوضاع المسلمين نتيجة للانتصار السياسي الذي سمح لمعاوية أن يبدأ مساراً جديداً ومختلفاً عن مسار النبوة والخلافة الراشدة، واستشهاد الإمام الحسين في خوض هذا الصراع من أجل التصحيح كان له جانبان هامان أحدهما، المضمون الذي تنطوي عليه حركة الإمام الحسين أو ثورته وهو بحجم كبير، لأنه يهدف إلى استعادة منهج كامل صادرته السلطة الأمويّة لصالح الاتجاه الجاهلي، والاتجاه نحو الاستفادة من إنجازات الاسلام كتأسيس أمبراطورية سياسية بعيدة عن المضمون الإسلامي لدعوة رسول الله”.

اقرأ أيضاً: السيد محمد حسن الأمين: الاكتشافات العلمية نعمة الّا ما يعارض منها فرادة الانسان

ويجيب السيد الامين عن الشق الثاني للسؤال، حول الغاية من الاحتفال بعاشوراء قائلا: “أما الجانب الآخر، فهو الفاجعة أو لنقل حجم الجريمة المقترفة تجاه الذي حمل لواءه الإمام الحسين عليه السلام والذي تحدث عنه آنفاً. وهذا الجانب أعطى لعاشوراء، أو لثورة الحسين الإصلاحية، هذا البعد الإنساني الخالد. وجعلنا نحتفل بتلك الثورة الدموية التي جدّدت الاسلام، والملفت في الأمر أن التاريخ حافل بمجازر كثيرة ضدّ أصحاب الحقّ، وبصورة لا تقلّ بشاعة عما حلّ بالإمام الحسين وأهله وأصحابه. ولكن بالرغم من ذلك، فقد ظلّت هذه الفاجعة، أي مأساة البطولة والحقّ في وجه الباطل أكثر عمقاً وخلوداً في الوجدان التاريخي في المآسي الأخرى، وذلك في نظرنا بسبب الصفاء الكامل والواضح للتناقض بين حركة الإمام الحسين والسلطة الأمويّة التي تعاملت بهذه القسوة النادرة مع حركة إصلاحيّة لا يستحق التعامل معها لهذه الدرجة من البشاعة والعنف وانتهاك المقدسات بكل معاييرها الدينية والإنسانية”.

عاشوراء

وبالنسبة لبعض محاولات احتكار الامام الحسين واسقاط شخصه وثورته المقدّسة على عقائد دينية سياسية وقيادات حالية يشير السيّد الأمين الى ذلك بقوله: “إن أي مظهر من مظاهر ادعاء الاختصاص بالثورة الحسينية واعتبارها مصدراً لتغذية واقع مذهبي بين المسلمين هو بالتأكيد خروج عن مبادئ هذه الثورة، كما أن أي محاولة لمواجهة هذه الثورة بوصفها انقساماً مضرّاً بالمسلمين، وبالتالي فهو انقسام انقضى زمنه، كما ان عدم الاعتراف بأن الثورة الحسينية كانت سبباً في استعادة النبض الإسلامي للأمّة، أو أي محاولة للمساواة بين جبهة الحسين وجبهة يزيد، هو بدوره عامل سلبي يعزّر الفرقة والتناحر بين المسلمين.ومن البداهة انه لا يجوز لمن يمجد ثورة الامام الحسين ان يقف مع انظمة ظالمة تقهر شعوبها”.

ويتابع السيد الأمين “قد أشرنا فيما سبق إلى الأسباب التاريخية للخلاف بين تيارين إسلاميين، أحدهما تمثل بالإمام الحسين وآخر تمثل بالسلطة الأموية، بما يعني أن المسألة هي في جانب أساسي منها مسألة سياسية تاريخية، ولكنني لا أستطيع أن أبني إلى جعلها من التاريخ المنسي و الأمر يتعلق بمادة حية ما زالت الحاجة قائمة لها في عصرنا أي مبادئ الحرية والعدل في الاجتماع الإنساني، فهذا الأمر لا يزال مطمعاً للأمة الإسلامية بكاملها، وأي صورة من صور الخلاف حول هذا المطمح هو شكل من أشكال الردة عن الإسلام نفسه”.

وبالنسبة لمقاربة شهادة الامام الحسين مع الواقع الذي نعيشه وما فيه من غلو وعصبوية يؤكّد السيّد الامين:” اننا نحن الشيعة والذين يفترض أنهم حملة مبادئ الإمام الحسين عليه السلام، أكثر تيار في الإسلام انحيازاً إلى قضايا حقوق الإنسان والوقوف مع الحق ضد الاستبداد وقهر والشعوب، وإني لأجرؤ على القول بأن بعض الشيعة، بل الكثير منهم في عصرنا الحالي مصابون بمرض ازدواج الشخصية، ففيما هم يمجدون قيم الثورة الحسينية يتورطون في مواقف سياسية هي أبعد ما تكون عن المبادئ التي يمجّدونها، مع أن معيار الولاء للحسين(ع) ولثورته هو النهج الذي يقتدي بمبادئ هذه الثورات، وفي عصرنا الراهن، فإن موازين القوى بين الحق والباطل لا تقلّ وضوحاً عن هذه الموازين في عصر الإمام الحسين عليه السلام.كما إن أبرز سمات التشيّع هو تمثيله لعمق الموقف الإسلامي من قضايا العدل والحرية، أي يمكن اعتبار التشيّع فلسفياً هو التعبير عن جوهر الاسلام إذا صحّ التعبير، وهو أن الإسلام ثورة من أجل تحرير الكائن الإنساني من كل أشكال العبودية بكل مظاهرها التاريخية السابقة ومظاهرها الراهنة”.

اقرأ أيضاً: السيد محمد حسن الأمين: يمكن للإسلام استنباط «حداثته» ﻷنه دين وليس دولة

وفي النهاية يخلص السيد الامين الى “إن اختيار مبدأ التشيّع هو بنظري مسؤولية كبيرة وليس امتيازاً بأي شكل من الأشكال، لذا لا يجوز أن تتحوّل قضية الحرية فيه إلى قضية عصبوية تحمل نقيض قضية الإمام الحسين ويغدو الغلو هو المعيار للقرب من الثورة الحسينية، وليس الاعتدال كما يفترض به ان يكون”.

السابق
عكاظ: إيران لم تكن حريصة على حل أزمة سوريا
التالي
أهل السنة : نحن لا عاشوراء لنا … وهذا ما نقوله عن يزيد !