الوزير نهاد المشنوق يهدد بالاستقالة والخروج من الحوار

نهاد المشنوق

أعلن وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق أنّ بقاء الوضع السياسي والأمني على ما هو عليه سيكون الخطوة الأولى في الدفع نحو الاستقالة من الحكومة. وقال، خلال كلمة ألقاها في الذكرى الثالثة لاستشهاد اللواء وسام الحسن، إنّ “الحكومة التي أردناها ربطًا للنزاع أرادوها ربطا للوطنية والضمائر”. وأكمل: “ستكون أيضا الخطوة الأولى للخروج من الحوار الذي أردناه صوناً للسلم الأهلي، فإذا بنا نتحوّل إلى شهود زور على حساب مسؤوليتنا الوطنية”.

 

وإذ اعترض على عدم تنفيذ الخطة الأمنية في البقاع، توجّه إلى العماد ميشال عون بالقول إنّ “أبواب النظام اللبناني لا تفتح بمنطق “الكسر والخلع”، واعترض على “اعتقال مجلس الوزراء وتعطيله بعدم الحضور”.

ووافق على أنّ “عناوين الحراك المدني هي عناوين كل اللبنانيين”، لكنّه وعد بمواجهة محاولات “شطب إرث رفيق الحريري الذي هو شطب للنمو والحداثة والازدهار والاستقلال والدستور والمؤسسات”.

وشبّه المشنوق الحملات المعادية للمملكة العربية السعودية بـ”ضجيج فارسي مدبلج إلى العربية لن يعيد عقارب الصحوة العربية إلى الوراء في اليمن اليوم وفي سوريا بموازاته وبعده”، وختم حديثه بالقول: “باختصار، لن ينكسر السيف السعودي طالما أن نصله عربي”.
وفي ما يلي النصّ الكامل لكلمة وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق:

فخامة الرئيس، دولة الرئيس، آنا، مازن، مجد،

عائلة الشهيد أحمد صهيوني،

السيدات والسادة،

أولا وأخيراً كما دائماً عمّي أبو حيدر

سنة ثالثة بلا وسام الحسن . يعني سنة ثالثة صراحة أقل. نعم أعترف أنك يا أبا حيدر الأشجع في سؤالك الذي لم يستكن عمن قتل وسام الحسن . لكن السؤال بحد ذاته جواب لكل من يسمع ، كيف يصير الوطن مقصلة والوطنية تهمة توجب حكم الاعدام . ما اسهل الكلام وما أصعب الصمت .

لك جرأة السؤال ولنا أن ننكسر على ضعفنا أمامك، نعرف وتعرف أننا نعرف، ونعرف أنك تعرف أننا نعرف.

لم يستقل القاتل  المجهول المعلوم من لعبة الإنتقام من كل عناوين النجاح التي كان وسام الحسن جزءاً منها منذ أن بدأ ضابطاً صغيراً الى جانب الرئيس الشهيد رفيق الحريري، وصولا الى الاشتباك اليومي مع قتلته بالعقل والإرادة والمثابرة.

لن نستسلم ولو بقي واحداً منا يقاوم، وهناك الكثير من رفاقك  في المعلومات التي يقوى عصب كفاءتها بضباطها وأفرادها وصباياها الذين يثبتون كل يوم أنهم  قادرون على درب ما أسّست وبنيت .

وهناك الأكثر من جمهور الشهيد رفيق الحريري، الممسكين برمزية “وجه السعد”  في وطنيته وعروبته، يحملون معه  “جمرة” المسؤولية لكنهم لم ولن يستسلموا مهما جارت عليهم الواقعية السياسية.

ليس هذا تبرعاً لك يا وسام، بل اعترافٌ  أنك الأول في كشف شبكات التجسس الاسرائيلية في لبنان وسوريا وفي  داخل حزب الله نفسه. ولأنك الأول في مواجهة الارهاب، ولأنك الأول في ضرب مخطط سماحة-المملوك. ولأنك الأول في كشف هوية قتلة الشهيد رفيق الحريري ورفاقه. ولأنك الأول في مسؤوليتك الوطنية دون انحياز .

لهذا كله  شطبوك من المعادلة اغتيالاً لأنهم  في بنيانهم الأساسي هاربين من الوطنية، رافضين للعدل، متنكرين  للعروبة، يخجلون من الكفاءة.

لكنني من على منبر ذكراك يا وسام أقول لكل القتلة نحن لكم بالمرصاد والعدالة بانتظاركم مهما ابتعدتم أو اقتربتم. الآن  جاء  دور الاغتيال المعنوي للدولة ورموزها ماضياً وحاضراً .

وأبدأ هنا  بالحديث  عن الحراك “المدني السلمي” .

أقول بكل صراحة، إن عناوين الحراك المدني هي عناوين كل اللبنانيين، إلّا إذا أراد لنا البعض أن نصدق أن الانقسام هو بين من يرغب في العيش في ظل أكوام النفايات ومن لا يرغب في ذلك.

هذه العناوين هي عناوين حق للمواطنين بصرف النظر عن انتماءاتهم، والتعبير عن المظالم بشأنها حق مشروع وليس منّة من أحد بل هو مسؤولية وطنية وسياسية وإجتماعية.

هذا الكلام ليس للتهرب من أي مسؤولية لا سيما أنني أخذت على عاتقي الخوض في ملف ليس من صلاحياتي، هو ملف إيجاد خطة لمعالجة النفايات معاوناً الصديق أكرم شهيّب  بالإضافة الى شخصيات عاقلة من المجتمع المدني والخبراء البيئيين، ووصلنا الى خطة متكاملة وبمواصفات أفضل بكثير مما كان سائداً وجزء من الفضل في ذلك يعود للحراك.

السؤال اليوم هو من يعطّل هذه الخطة، ببساطة شديدة هذه الخطة تحتاج الى مراسيم والمراسيم تحتاج الى تواقيع، والتواقيع تحتاج الى اجتماع مجلس الوزراء المطلوب منه أن يوقع مجتمعاً بالوكالة عن رئيس الجمهورية. وبالتالي الجميع مدعو للسؤال عن الجهة التي تمنع إنعقاد مجلس الوزراء وتأخذ المؤسّسات الدستورية رهينة للصراع السياسي.

أمّا التعميم المطلق ورفض الحلول والقنص على التسويات فهو بكل صراحة كلام حق يراد به باطل.
ليسمعوني جيداً، أنني من موقعي الوزاري لن اتراجع عن أي إلتزام يتصل بحماية حق التعبير السلمي، ولكنني ألتزم دون تردّد مسؤوليتي في مواجهة الفوضى ومنعها بحزم وبكل الادوات القانونية المتاحة.

إن بعض الحراك، أو بعض المستثمرين فيه يستكملون عبر أوجاع الناس مشروعهم الدائم والقاضي بتشويه كل ما أنتجته تجربة الرئيس الشهيد، وهذا أمر سنواجهه بكل ما أوتينا من عزم ووطنية لأننا ببساطة نعتبر أن شطب إرث رفيق الحريري، هو شطب للنمو والحداثة والازدهار والاستقلال والدستور والمؤسسات حتى لا أقول محاولة لشطب الوطن.
صحيح ما في حدا أكبر من  بلدو بس في حدا قد بلدو ع التمام ورفيق الحريري رجل بحجم وطن وبحجم بلاد وشطبه هو شطب للدولة الحديثة.
هذا ما لن نسمح له مهما كانت التضحيات  ولا يراهن أحد على صبرنا بعد الآن .
ثانياً: في الوضع الحكومي
لقد دخلنا الى هذه الحكومة، ودم شهيد آخر على الارض هو الوزير الشهيد محمد شطح، دخلنا على قاعدة ربط النزاع مع حزب الله، وعلى قاعدة أن عناوين الإشتباك الكبرى، من مصير السلاح الى القتال في سوريا دفاعا عن نظام قاتل، هي عناوين مجمّدة، لا يستطيع حزب الله فرضها على البلد ولا نستطيع منعه من الذهاب بها وحيداً خارج قرار المؤسسات والدولة. كان القرار أن هناك ملفات عالقة تهم الناس والمواطنين ينبغي معالجتها حرصاً على ما بقي من هيكل للدولة وللمؤسسات ولشروط العيش في بقية هذا الوطن.

وها هي الحصيلة أمامكم، لا المؤسسات تعمل ولا الأمن مصان في البقاع  ولا الخدمات تُقَدَم للمواطنين.

أجّلنا المواضيع الكبيرة علّنا ننجح في متابعة المواضيع الصغيرة، وإذ بنا نعود الى المربع الاول، مربع التعطيل وخطف المؤسسات ورهن الدستور للاجندات الشخصية ومغامرات إلحاق لبنان بكل ما يناقض مصالحه وهويته وعروبته.
لا أقول هذا الكلام رغبة في أي تصعيد مجاني، أو استعراض سقف عالٍ، في وقت لم يتبق فيه سقف فوق الوطن سوى سقف الامنيات آن يظل العالم متفق على الاستقرار.

لكن أقول ومن موقعي كوزير في هذه الحكومة ومن موقع الانتماء السياسي، لن يقبل الرئيس سعد الحريري  ولن  نقبل  معه بأن يتحول ربط النزاع الى ربط للوطنية، وربط للضمير وربط للألسن عن قول الحق والحقيقة.

إسمحوا لي أن أدعي أمامكم أنني من أكثر الوزراء الذين راهنوا بصدق وربما بسذاجة على نجاح هذه الحكومة، ولم أترك باباً إلّا طرقته ولم اترك لقاءً إلاّ عقدته ولا اتصالا إلاّ أجريته بغية العبور الى إنجاز أمني يرمم ثقة اللبنانيين ببعضهم البعض وبوطنهم وبدولتهم.
قبل عام وقفت هنا وقلت  مش ماشي الحال، مطالباً حزب الله برفع وصايته عن الفلتان الأمني في البقاع لصالح خطة  تعاطي أهلنا في البقاع الأمن والأمان.

ماذا كانت النتيجة؟ ها هي الخطة الأمنية في البقاع، لا تزال حبراً على ورق ووعوداً في الفضاء وكلاماً معسولاً عن رفع الغطاء السياسي. وما قلته عن مربعات الموت والفلتان الأمني يتظاهر من جرّائه  أهل بعلبك الذين ضاقوا ذرعاً  بالزعران والسلاح غير الشرعي وأمراء الزواريب وعناتر الاحياء.

في الذكرى الثانية لإستشهاد وسام الحسن قلت إننا لن نكون صحوات في خدمة أي مشروع أو جهة، وأقول اليوم إن التعامل السياسي مع الخطة الامنية هو محاولة لن تمر لتحويلنا الى صحوات وتكريس قاعدة أن هناك ناس بسمنة وناس بزيت أو أولاد ست وأولاد جارية!

لأ، مش  ماشي  الحال.

ربما ظن من يظن أنه يستنزف رصيد نهاد المشنوق ورصيد التيار الذي يمثلّه في الحكومة،  بإظهاره أمام جمهوره وأهله وبيئته، مستقوياً عليهم وعاجزاً أمام خصومهم.

برافو، عظيم،

أما النتيجة الحقيقية الوحيدة لهذا العقل الشاذ فهي استنزاف الوطن وشروط العيش المشترك فيه ودفع الناس الى خيارات التطرّف.
لذلك أنني أعلن من على منبر الشهداء أن بقاء الوضع على ما هو عليه هو الخطوة الأولى نحو الاستقالة من الحكومة التي اردناها ربطاً للنزاع وأرادوها ربطاً للوطنية والضمائر، وخطوة أولى أيضاً للخروج من  الحوار الذي أردناه صوناً  لسلم الأهلي، فإذا بنا  نتحوّل إلى  شهود  زور على  حساب مسؤولياتنا الوطنية.

ليكن معلوماً، لقد أخطأتم العنوان ككل مرة، فليس جمهور رفيق الحريري وليس عصب سعد الحريري  من يُربَطَ ضميره ووطنيته وإرادته.
ثالثاً:
“في شي دارج اليوم بالبلد” إسمه الرئيس القوي، على إعتبار أن المطالبة بهذا الرئيس هو حق مكتسب ومجرد معاملة بالمثل كبقية الطوائف التي تختار الاقوى فيها، وهذا محض اختلاق وافتراء.

لو أنّ الأقوى في طائفته هو من يتبوأ المنصب الموكل للطائفة لما كان كثير من الرؤساء في مواقعهم سابقاً وحالياً وبالطبع لاحقاً .
وأنا لست ممن يخفون إنحيازهم للقيمة الوطنية التي يمثلها الرئيسان نبيه برّي وتمّام  سلام وتحديداً لعروبة الرئيس بري، لكن قوتهما لا تنبع من أنهما الأقوى في طائفتيهما بل من قبول  الطوائف الأخرى لهما.

بْوَاب النظام اللبناني يا دولة الرئيس الصديق العماد ميشال عون ما بتفتح بمنطق “الكسر والخلع” مع إنها اللغة السائدة بكل العناوين. آخر هذه العناوين المضي باعتقال مجلس الوزراء وتعطيله بعدم الحضور قبل تعيين قائد جديد للجيش. نعم يجب تعيين قائد جديد للجيش، ولكن أولاً يجب إنتخاب رئيس للجمهورية نعيد من خلال انتخابه إنتظام المؤسسات وانتظام الدولة فتصبح كل التعيينات تحصيلاً حاصلاً. وحتى يقتنع من يقتنع بالإفراج عن نصاب جلسة انتخاب رئيس للجمهورية، بغير منطق الكسر والخلع، سنبقى على ثقتنا بالأداء الوطني المشرف لقائد الجيش العماد جان قهوجي  وباللواء إبراهيم بصبوص الناسك في مهامه ونزاهته ووطنيته  حتى اللحظة الأخيرة من ولايتهما.

تحية ثقة كبيرة بحجم الوطن للجيش وللقوى الامنية.

رابعاً:
نسمع كلاماً في لبنان في مناسبات يفترض أنها للحض على الايمان والتقوى والورع، فنجد أن نغمة التخوين تزدهر بعد أن ظننا أن المنطق وجد طريقه الى بعض النفوس المتوترة، وعادت نغمة إخراج لبنان من عروبته وعمقه الاستراتيجي الحقيقي عبر الالتحاق بحملات تطال المملكة العربية السعودية آخرها الحملات من باب حادثة الحج، بلغة هي اشبه بإعلان حرب خطابية، بالوكالة عن إيران.

من غرائب ما سمعته بهذا الخصوص تشبيه ما حصل في مناسك الحج  بحادثة كربلاء، وهي مبالغة وكيدية تسيء لمعنى وقيمة شهادة الإمام الحسين “رضي الله عنه”  قبل الاساءة لأي طرف أو جهة أو دولة. والأغرب ان هذه الحملات تجد من يناقضها في إيران نفسها ومن كبار أهل الحكومة والنظام هناك.

وهذه مناسبة لتقديم واجب العزاء لكل أهالي الشهداء الأبرار الذين قضوا في مكة المكرّمة .

إن هذه الحملات لا تخدم من تظن انها تخدمهم ونتيجتها الوحيدة نزيف يصيب خزان الصبر العربي على لبنان وخزان الانحياز العربي لهذا البلد ومشاكله الكثيرة ومتطلباته. إن كل هذا الضجيج الفارسي المدبلج الى العربية لن يعيد عقارب الصحوة العربية الى الوراء في اليمن اليوم وفي سوريا بموازاته وبعده.
لم يعد هناك مجال للالتباس وإختلاط الامور، فالحلال بيّن والحرام بيّن كما يقال، وحلال لبنان هو في عروبته التي لا تتحقق بالإساءة الى العرب وأمنهم القومي وأمن مجتمعاتهم وسلامة شعوبهم كما ظهر في خليّة الكويت وخليّة البحرين حيث عشرات الأطنان من المتفجرات والأسلحة للتخريب  لصالح المشروع الإيراني.

خلية الكويت أكان صلة البعض بها صلة عملية من باب التدريب ام سياسية من باب التأييد، هي اعتداء على لبنان قبل الكويت ومثلها خلية البحرين ومثلها الصراخ بحق مملكة الحزم، المملكة العربية السعودية.

بإختصار  لن ينكسر السيف السعودي طالما أن نصله عربي . عربي . عربي .

أخيراً،

أصعب الأمور على الذين يريدون حفظ انسانيتهم وكرامتهم هو الصبر على الشدائد، لقد فقدنا الرئيس رفيق الحريري وعشرات الشهداء الآخرين. لكن هذا ليس قدراً وإلغاء العروبة ليس قدراً أيضاً التطرّف  يستولد التطرّف المقابل، لكننا سنظلّ على اعتدالنا وصمودنا .

أول شروط الصمود هو تقدير شهادة الشهداء وعدم  التنكّر لما ماتوا من أجله.

شهداؤنا حياة لنا، وبقدر ما تبقى الشهادة في ضمائرنا يبقى لبنان وعيشه الواحد والحياة الحرة التي يسعى من أجلها شبابنا.

لبنان في خطر وكل ما يطلبه منا شعبنا أن نتواضع وأن نكفّ عن الأوهام أن لبنان هو مركز صراعات العالم أو أننا قادرون على تقرير مصائر المنطقة ورسم خرائطها .

من لا يتّعظ ، أذكّره بفاجعة عائلة صفوان التي غرق ثمانية منها بالأمس في “مقبرة البحر” بحثاً عن حياة  أفضل. هل هناك من دعوة أقسى الى التواضع من هذه العائلة؟ رحمهم الله وأهدانا جميعاً حسن السبيل. عشتم، عاشت قوى الأمن الداخلي، عاش لبنان.

 

السابق
مقدمات نشرات الأخبار المسائية ليوم الجمعة في 16/10/2015
التالي
أسرار الصحف المحلية الصادرة يوم السبت في 17 تشرين الأول 2015