السيد محمد حسن الامين: يجب تسهيل شعائر الحج و«أبادي» خسارة لإيران ولبنان

ارخت فاجعة حادثة التدافع في منى، التي حصلت أثناء تأدية فريضة الحج هذا العام، بثقلها المؤلم على عموم المسلمين هذا العام، وذلك مع سقوط المئات من الحجاج بين قتيل وجريح. واذا كان نصيب لبنان من هذه الحادثة فقدان العلامة الجليل السيد حيدر الحسني، "فإن لبنان فقد أيضا سفير ايران السابق في لبنان غضنفر ركن ابادي"، كما عبر سماحة العلامة السيد محمد حسن الامين.

يوضح العلامة والمفكر الاسلامي السيد محمد حسن الامين أن”الحج هو عبادة من العبادات الأساسية المكرّسة في الإسلام، وقد يكون من فضائل أو محاسن هذه العبادة هي هذا الاجتماع الواسع للمسلمين لأداء مناسك واحدة وعبادة موحّدة، ونظراً لكثرة المسلمين ويسر انتقالهم إلى مكة، برزت ظاهرة الازدحام الشديد. ففيما كان الحجاج يعدون سابقاً بالآلاف، هم الآن يعدّون بالملايين، وبالرغم من توسعة الأمكنة والمناسك والطرق والمنازل من قبل المسؤولين عن الحج، إلاّ أن المكان وطبيعة المناسك لم تعد تحتمل برأينا هذه الكثرة الكاثرة. وانطلاقاً من مبدأ إسلاميّ أساسي وهو أن الله لا يكلّف نفساً إلاّ وسعها، ومبدأ أن الضرورات تبيح المحظورات، فإني لا أرى مانعاً من إعادة النظر، إما في تقليل عدد الحجاج، وخصوصاً الأعداد التي تكرّر هذه العبادة، مع العلم أنها عبادة واجبة مرّة واحدة في العمر، وأحسب أن الدِّين الإسلامي مع تأكيده على هذه الفريضة، يتّسع إلى أشكال متعدّدة من الاجتهاد لتيسير هذه الفريضة”.

اقرأ أيضاً: السيّد محمد حسن الأمين: مبدأ العداوة في الإسلام غير موجود

وبمناسبة ما حصل في فاجعة تدافع “منى” وسقوط العديد من الحجاج من جميع اقطار العالم بين قتيل وجريح قال السيد الأمين: “في هذه المناسبة فإني أترحّم على جميع هؤلاء الحجاج الذين لاقوا حتفهم وأعتبرهم بمثابة الشهداء الذين لاقوا ربهم في سبيل فريضة مقدسة، وأسمح لنفسي أن أذكر منهم شخصين ما زالا مفقودين حتى الآن هما الصديق العزيز سفير جمهورية إيران السابق في لبنان لمدّة أربع سنوات عرفته فيها صديقاً وفياً ورجل مسؤولية كفوءاً ومخلصاً للبنان بقدر إخلاصه لبلده الأساس إيران، متميّزاً إضافة إلى كفاءته الدبلوماسية بالتديّن الحقيقي وبثقافته المعمّقة والواسعة وقد جمعتني وإياه كثير من الأفكار المشتركة، وبعد الاختلافات الغنيّة، وأعتبر فقدانه خسارة نوعية لبلدينا إيران ولبنان آملاً أن يكون فقدانه حتى الآن ليس دليلاً على استشهاده بل أدعو الله أن يعيده إلينا سالماً.

الأمين: فلسفة الحج الغاية الأساسية التاريخية لها هي اجتماع المسلمين للعبادة والتجارة

وكذلك عرفت من هؤلاء المفقودين العلاّمة السيد حيدر الحسني أخاً وصديقاً مخلصاً يتميز بخصائل وسجايا، عالماً مع ورع ودين وتقوى وإصرار على إداء فريضة الحج في كلّ عام. وإني أرجو أن يكون فقدانه حتى الآن ليس بسبب استشهاد وأن يكون ما زال حيّاً يرزق تحول أوضاعه الصحية دون القدرة على التعرّف عليه أو العثور عليه في مكان ما. وإذا كان من المستشهدين فأرجو الله أن يتقبله بقبول حسن”.

وانتقد السيّد الامين محاولات تسييس هذه الحادثة المؤلمة من قبل البعض واستغلالها في سبيل تحقيق مآرب خاصة فقال: “كل ما يجري من صراعات ونكبات في هذه المنطقة وحروب مؤلمة بين قوى واتجاهات مختلفة يجب أن يكون مدعاة لوضع حدّ لهذه الأزمات وأعتقد أن مأساة الحج خلال هذا العام لو حدثت في ظروف إسلامية وعربية إيجابية، لما حدث ان يجري استغلالها سياسيا كما يحصل الآن لكان سيقرِّب بين المسلمين أكثر فأكثر بدل أن يتحوّل إلى وسيلة في وسائل الصراع القائم والذي تبلغ فيه الأحقاد الطائفية والمذهبية حدا لا يتورّع فيه الأطراف عن ارتكاب أرخص الوسائل في استغلال الظروف لتوظيفها كل لصالحه بدل ان يتحدّوا لمواجهته. فالحادث لم يكن أبداً نتيجة مؤامرة أو نتيجة فعل سياسي وإنما هو حادث ناتج عن خطأ بشري يجب التحقيق فيه ومحاسبة المسؤول، وقد سمعنا ان السعودية أقالت بعض المسؤولين الكبار ومعاونيهم في هيئة الحج بعد ان فتحت تحقيقا فوريا حول حادثة منى”.

وحول ما تداول من اقتراحات بجعل “ادارة دولية” للحج من الدول المسلمة وعدم حصرها بصاحبة الارض المملكة العربية السعودية قال السيد الامين: “بهذا الخصوص لا أرى أن اجتماع دول متعددة لتنظيم مناسك الحج يمكن أن يقدّم حلاّ جذرياً لهذه الأزمة، بل ينبغي البحث في حلول أخرى، ومن ثم تكليف جهة واحدة موثوقة لتنفيذ ما يتفق عليه في هذا المجال، ولا يمنع أن تكون هي السلطة الحاكمة في مكة المقدّسة، أي السلطات السعودية”.

الحج

وبالنسبة لعدم سهولة تأدية المناسك وزيادة صعوبتها عاما بعد عام بسبب كثرة الزحام رأى السيد الامين انه “استناداً إلى ما قلناه عن التيسير يجوز السعي والرمي من الطوابق العليا وليس من الطواف حصراً من الطوابق السفلى، إذا كان يحلّ الأزمة ولا أظنه كذلك، وفي كلّ الأحوال لا بد من التوجّه إلى تدبيرات تتضمن أعمال الاجتهاد والتيسير هذه الفريضة، فالله سبحانه وتعالى لا يكلّف النفس إلاّ وسعها، أو ما يقدرون عليه، مع الاحتفاظ بروح هذه العبادة وأركانها ومقاصدها”.

اقرأ أيضاً: السيد محمد حسن الامين: موجة الابتعاد عن الدين سببها التطرّف الإسلامي

ويختم السيد الامين قائلا ان “فلسفة الحج الغاية الأساسية التاريخية لها هي اجتماع المسلمين للعبادة والتجارة، تكريس محورية البيت الحرام بوصفه المكان الجامع لتوجيه المسلمين في الصلاة. وهو في نظرنا عبادة غنيّة لا لجهة تثبيت إيمان المسلمين فحسب، بل لجهة تواصلهم وتعاونهم وترسيخ أواصر الوحدة بينهم، وعلى الأخص في عالمنا المعاصر الذي بدأ نتيجة للارتكاز على الوحدات الجامعة بين الدول، فيما المسلمون يمكنهم في هذا المجال ان يركزوا على هذه اللون من الاتحاد الذي إن لم يصل بهم إلى الوحدة الكاملة فهو يصل بهم إلى التنسيق المشترك لمواجهة التحديات المشتركة ولإقامة التنمية الإسلامية القوية التي تستفيد من سوق مشتركة كبيرة يبلغ عددها خمس هذا العالم”.

السابق
الجيش: طيران العدو خرق اجواء الجنوب وبعلبك والهرمل
التالي
انتهاء جنازة الراحل ايلي سكاف ونقل النعش الى مدافن العائلة